المهندس محمد سعيد فارسي، قامة هندسية فذّة، لا يمكن لأحد التحدُّث عن إنجازاته في بضعة أسطر، فسجل هذا الرجل مُسطّر من ذهب، واسم مدينة جدة مرتبط به عبر التاريخ، فعندما يُذكر اسم هذا المبدع الفنّان يُذكر معه مدينة جدة، ببحرها وميادينها ومجسماتها الفنية وحدائقها وجمال مبانيها، ونذكر أيضًا كيف كانت تلك المدينة تعطي ظهرها للبحر، ثم أصبح واجهة المدينة، فالنقلة النوعية التي أحدثها "أبوهاني" لمدينة جدة في زمنه بدعم لا محدود من الملك فهد بن عبدالعزيز -رحمه الله- الذي كان حينها وليًا للعهد- لا ينكرها إلا جاحد، حتى أضحى يُطلق على جدة "عروس البحر الأحمر". هذا المبدع أنجز في زمنه ما لا يمكن لرجل غيره أن ينجزه، وما يجري تنفيذه حاليًا من أعمال بناء ضخمة تجاوزت 306 مليار ريال في عام واحد من أنفاق وجسور وحدائق وواجهة بحرية وغيرها يتم بناء على ما تم بناؤه أيَّام "أبوهاني"، فقد تمكَّن بدعم لا محدود من قِبَل خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز -يرحمه الله- من اعتماد مشروعات بمبالغ لم تعتمد ضمن الميزانية، وتكلفتها المادية أضعاف أضعاف الميزانية، كطريق الأمير فهد الذي يربط المطار بالميناء بطريق مكة بجسر طوله 12 كيلو مترًا، واللافت للنظر أن المشروع فتّت الأحياء العشوائية في الشرفية، والسبيل، والهنداوية، علاوة على الواجهة البحرية (الكورنيش الشمالي والأوسط والجنوبي) بعد أن كان البحر قد حُجب عن المواطن العادي، وتمكُّن البعض من تملك شواطئ البحر. ويرجع الفضل لمعالي الدكتور الفارسي وبدعم لا محدود من قِبَل الملك فهد -يرحمه الله- ولي العهد آنذاك، التنسيق بين أمانة جدة ووزارة المواصلات حينذاك، لعمل جسور داخل مدينة جدة عن طريق وزارة المواصلات، وعلى حسابها الخاص، وقد تمكَّن كذلك من الحفاظ على المدينة التاريخية، التي تحكي تاريخ هذه المدينة العريقة، حيث منع البناء فيها، وكانت مدينة جدة يحدها حي الرويس وفلسطين، وتمكّن المهندس الفارسي من بناء أحياء تتمتع بقدرٍ عالِ من روعة التخطيط والجمال تجاوزت الـ14 حيًّا، وهي مكتملة الخدمات، دون الصرف الصحي كونه خارج عن مسؤولية الأمانة إداريًّا، وتصريف مياه الأمطار، ودرء مخاطر السيول لندرة هطول الأمطار على مستوى المملكة. والمهندس محمد سعيد فارسي رجل يتحسَّس الجمال ويتذوق الفن، وله الفضل في تنمية الذوق في مدينة جدة، وقد اهتم بواجهات المباني، وتفهّمنا -وقتها- أن واجهة المبنى مِلْكٌ للشارع، وليس لصاحب المبنى، وتمكَّن بذوقه وحسّه الفني -وهذا يُسجَّل ضمن إنجازاته، وبالتعاون مع رجال جدة- من بناء أكثر من مائة لوحة ومُجسّم لكبار الفنانين العالميين والمحليين والعرب، وُزّعت على أحياء جدة، فترك أمانة مدينة جدة وبها أطول نافورة ودراجة، وأطول كورنيش في العالم، تركها بميادينها التي تحوّلت كما أشرت إلى أنفاق وجسور، مع الاحتفاظ بها. أما بخصوص الأعمال الفنية من مُجسّمات وغيرها، فقد أهملت الأمانة صيانتها، كوننا مجتمعًا لا يُقدِّر ولا يَتحسَّس ولا يَتذوّق الفن، ولولا الله سبحانه وتعالى ثم محمد عبداللطيف جميل العاشق للفن والمتذوق للجمال ومعنى المجسمات، ولولا تكفّله بصيانتها ماديًا، واستعانته بخبرات شركات بريطانية متخصصة؛ لصيانة تلك المجسمات، وإعادتها إلى وضعها الأساسي بعد إصلاح الأضرار التي أصابتها خلال الفترات الماضية، لولا ذلك لتم القضاء عليها بالتدريج، وانتهى عمرها الافتراضي، والخسارة -بالتالي- كانت ستلحق بالجميع، فجزى الله محمد عبداللطيف جميل خير الجزاء. وقد افتتح أمير منطقة مكة المكرمة الأمير مشعل بن عبدالله يوم الأربعاء 5 مارس 2014م بحضور معالي أمين مدينة جدة الدكتور هاني أبوراس؛ متحف جدة للمجسمات الجمالية، الواقع في الجزء الشمالي من الكورنيش الأوسط بجوار مسجد العناني، على مساحة 7 آلاف متر، ويضم 26 مجسمًا فنيًا من أعمال فنانين عالميين، والذي قام بتصميمه شركة جدة للتنمية والتطوير العمراني المملوكة لأمانة جدة، ونفّذته مبادرات عبداللطيف جميل الاجتماعية (مشروع غير ربحي)، والواقع أن هذا المتحف يُسجَّل ضمن إنجازات معالي أمين مدينة جدة الحالي الدكتور هاني أبوراس. ولكن ما أثار استغرابي وغيري كثيرين، عدم حضور معالي الدكتور المهندس محمد سعيد فارسي افتتاح متحف جدة للمجسمات الجمالية، الذي اكتُفي بتكريمه غيابيًا، لاسيما أن الفضل عائد لمعاليه في بناء هذه المجسمات بمجهودٍ فردي، وكان من الأفضل تكريمه حضوريًا؛ كونه المُنجِز الحقيقي، ومُنمِّي الذوق والفن في مدينة جدة. ولن أنتقد إغفال دعوة معالي الدكتور الفارسي لحضور افتتاح المتحف؛ إلا بعد معرفة السبب الحقيقي وراء غيابه، ومَن هي الجهة المسؤولة عن عدم دعوة معاليه، هل هي أمانة مدينة جدة، أم شركة جدة للتنمية والتطوير العمراني؟!. Hussain1373@hotmail.com للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (38) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain
مشاركة :