وحدة سرية من المرتزقة الروس تقاتل على الأرض دعما للأسد

  • 11/3/2016
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

توجلياتي (روسيا) - بدأ هذا العام بداية دامية بالنسبة لوحدة تضم نحو مئة مقاتل روسي يحاربون دعما للرئيس السوري بشار الأسد في شمال سوريا، ففي الثالث من فبراير/شباط قتل مكسيم كولجانوف البالغ من العمر 38 عاما في تبادل لإطلاق النار مع مقاتلي المعارضة قرب حلب عندما شقت رصاصة درعه الواقي واستقرت في قلبه. ثم تعرضت نفس الوحدة لنيران قذائف قرب تدمر في التاسع من مارس/آذار فأصيب سيرغي موروزوف (38 عاما) وفارق الحياة وهو في الطريق للمستشفى. وفي جنوب روسيا تسلمت عائلتا المقاتلين ميدالية الشجاعة وشهادة موقعة من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. والميداليتان كانتا تكريما للتضحية التي قدماها في سبيل بلادهما. لكن كولجانوف وموروزوف لم يعملان لدى الدولة الروسية. كان كل منهما في سوريا بصفة متعاقد خاص وهم جزء من قوة نشرها الكرملين سرا في سوريا. ولم يعلن عن مقتل كولجانوف وموروزوف وآخرين غيرهما. وتقول عائلات هؤلاء إنهم تلقوا معلومات قليلة وطلب منها عدم مناقشة الأمر. وفي إحدى هذه الحالات حصلت عائلة مقاتل قضى نحبه في سوريا على نحو مئة ألف دولار كتعويض. قتال بالوكالة ومن الناحية الرسمية لا تشارك روسيا في سوريا إلا بقوة جوية وعدد صغير من القوات الخاصة على الأرض. وتنفي موسكو انخراط قواتها في عمليات قتالية برية منتظمة. لكن من خلال مقابلات أجريت مع أكثر من 12 شخصا على دراية مباشرة بنشر القوات اتضح أن المقاتلين الروس يلعبون دورا أهم بكثير في القتال على الأرض من الدور الذي يقول الكرملين إن الجيش النظامي الروسي يقوم به في سوريا. ووصفت المصادر المقاتلين الروس بأنهم متعاقدون أو مرتزقة عينتهم شركة خاصة وليسوا قوات نظامية، لكن رغم دورهم غير الرسمي وفقا لهذه الروايات فإنهم يعملون بالتنسيق مع الجيش الروسي ويحصلون على امتيازات في روسيا تمنح في العادة للجنود النظاميين. ويسافر هؤلاء إلى سوريا على متن طائرات عسكرية روسية تهبط في قواعد روسية. وقال أشخاص أجريت معهم مقابلات إنه عندما يصاب هؤلاء المقاتلين فإنهم يتلقون العلاج في مستشفيات مخصصة للجيش الروسي ويحصلون على ميداليات رسمية. ولم يتضح بعد عدد هؤلاء الروس المرتزقة الذين يقاتلون في سوريا ولا العدد الإجمالي للقتلى والجرحى من بينهم، لكن ثلاثة أشخاص مطلعين على الأمر قالوا إن هناك وحدات كثيرة لها نفس قوام الوحدة التي كانت تضم كولجانوف وموروزوف. ويبقى اسم الشركة أو الشركات التي تقوم بتعيين المقاتلين ومصدر أي مدفوعات للمقاتلين أو عائلاتهم، أمرا غير معلوم. توجيهات الكرملين ولا يجيز القانون الروسي العمل كمتعاقد عسكري خاص في دولة أخرى، لكن مواطنين روسا شاركوا في حروب في أنحاء ما كان يعرف باسم الاتحاد السوفييتي منذ سقوطه في 1991 أي قبل 25 عاما. وفي 2014 حاربت أعداد كبيرة من الروس علنا دعما لانفصاليين موالين لموسكو في أوكرانيا. وتقول الدول الغربية إن موسكو قامت بتنظيم هذه الوحدات المتمردة وأمدتها بالمال والسلاح، لكن الكرملين يقول إن أي روسي حارب هناك كان متطوعا من تلقاء نفسه. وانضمت روسيا إلى الحرب في سوريا في سبتمبر/ايلول 2015 وكان هذا هو أول صراع تخوضه خارج حدود الاتحاد السوفييتي السابق منذ الحرب الباردة. وتردد بين المحاربين القدامى في الصراع الأوكراني حديث يفيد بأن هناك حاجة لمرتزقة. وقال ثلاثة أشخاص كانوا يعرفون موروزوف وكولجانوف إنهما قاتلا في صفوف نفس الوحدة في أوكرانيا وانتهى بهما الحال في سوريا. وذكر أحد المصادر أن الوحدة كانت بقيادة رجل يستخدم اسما مستعارا هو "فاجنر" وأصبح قائدا للمرتزقة الروس في سوريا. ولا يعرف الكثير عن هوية الرجل الحقيقية. ويقول اثنان من رفاق فاجنر إنه سافر بالفعل إلى سوريا كمقاتل من المرتزقة في 2013 قبل أن يقود مجموعته من المقاتلين الروس في شرق أوكرانيا. ثم عاد فاجنر إلى سوريا حيث بدأت روسيا تدخلها العسكري في سبتمبر/أيلول 2015. ونشر موقع فونتانكا الإلكتروني الروسي ما وصفها بأنها الصورة الوحيدة لفاجنر وظهر فيها رجل أصلع يرتدي زيا عسكريا ويقف بجوار طائرة هليكوبتر. وذكر الموقع أن اسمه ديمتري يوتكين. وقال أحد قادة المتمردين الأوكرانيين وكان مقربا من مجموعة فاجنر في شرق أوكرانيا إن مقاتلين كثيرين انجذبوا للقتال في سوريا لأنهم وجدوا أنه من الصعب عليهم العودة للحياة المدنية. وأضاف "التقي بهم الآن وأرى كيف تغيروا. ليس لدي ببساطة ما أناقشه معهم. لا يمكنهم تصور أي حياة أخرى بخلاف الحرب. ولهذا السبب يذهبون للقتال في سوريا." وكان موروزوف الذي قتل قرب تدمر قد عاد من أوكرانيا إلى موطنه بجنوب روسيا واشتغل بالسياسة المحلية. وعمل موروزوف مساعدا لميخائيل ديجتياريوف وهو عضو في البرلمان عن مسقط رأسه مدينة سامارا. وقال ديجتياريوف، إن موروزوف كان صديقا له وأكد أنه سقط قتيلا في معركة تدمر. وكان "كابا" وهو ضابط روسي سابق ومتطوع في الصراع الأوكراني طلب الإشارة إليه باسم مستعار، صديقا لموروزوف وكان يعرف كولجانوف أيضا وعددا آخر من الروس الذين قاتلوا في أوكرانيا وتوجهوا للقتال في سوريا مع مجموعة فاجنر. ولا يزال على اتصال ببعضهم. وأضاف أن موروزوف أصيب بالإحباط عندما حضر اجتماعا للحزب الديمقراطي الحر الذي ينتمي لأقصى اليمين ولم يستمع إليه أحد. وقال كابا إن موروزوف ترك مشروعاته التجارية المربحة لينضم إلى رفاق فاجنر في سوريا. ويقول كابا إنه تم تجنيد المحاربين الروس القدامى في الصراع الأوكراني للقتال على الأرض في سوريا عندما اتضح أن السوريين لن يتمكنوا من الحفاظ على الأراضي دون مساعدة رغم الدعم الجوي الروسي. وقال كابا "العرب ليسوا محاربين بالفطرة لكنهم يتلقون تعليمات باقتحام أراض مرتفعة. وهم لا يعرفون كيف يقتحمون فما بالك بهزيمة غرائزهم والتحرك صوب الرصاص. كيف يمكنك أن تجعلهم يفعلونها؟ ليس أمامك سوى أن تقدم نفسك كمثال." وردا على سؤال عما إذا كان مقاتلو المجموعة ينسقون مع وزارة الدفاع الروسية قال كابا "بالطبع". وقال شخصان يعرفان مقاتلين مختلفين إن المقاتلين يصلون إلى سوريا على متن سفن ترسو في ميناء طرطوس وتستأجرها البحرية الروسية أو على متن طائرات عسكرية تهبط في قاعدة حميميم الجوية الروسية بغرب سوريا. وقال طبيب بمستشفى عسكري روسي، إن المصابين ينقلون إلى روسيا على متن طائرات شحن عسكرية ومن ثم يتلقون العلاج في مستشفيات عسكرية. وأضاف طالبا عدم ذكر اسمه خوفا من فقدان وظيفته أنه أشرف بنفسه على علاج متعاقدين أصيبوا في سوريا وأن دورهم هناك كان واضحا من المناقشات فيما بينهم. وذكر أن المستشفى الذي يعمل به مخصص من الناحية الرسمية لعلاج أفراد الجيش فحسب وأفراد أسرهم أو المحاربين القدامى الذين خدموا لفترات طويلة في الجيش وهي فئة لا تنطبق على مرضاه الشبان. وعندما قتل موروزوف وكولجانوف نقلت الجثتان إلى روسيا على متن طائرة عسكرية وأودعتا مشرحة يستخدمها الجيش في مدينة روستوف بجنوب روسيا طبقا لأقارب موروزوف وكابا صديقه. وقال أقارب له إن شخصا في ملابس مدنية سلم ميدالية الشجاعة إلى منزل أسرة كولجانوف في مدينة توجلياتي المطلة على نهر فولجا. وكتب على الميدالية التي منحت لعائلة تاريخ السابع من سبتمبر/أيلول 2016. سرية تامة ولم يخبر كولجانوف أقاربه قط بالمكان الذي سيرسل إليه لكن صورا أرسلها احتوت على بعض الإشارات. وعلقت صورة على جدار منزل والديه ويظهر فيها كولجانوف أمام شجرة برتقال. ولم تتيقن الأسرة من أنه كان في سوريا إلا بعد مقتله عندما رأوا جواز سفره وبه تأشيرة سفر لسوريا. وقال أقاربه إن الأشخاص الذين أبلغوا العائلة بالوفاة عبر الهاتف ومن سلموا الجثة إلى مشرحة روستوف لم يفسروا الطريقة التي قتل بها أو الجهة التي كان يعمل لصالحها. وأضافوا أن الأشخاص الذين تواصلوا معهم لم يعرفوا أنفسهم وأمروا العائلة بعدم الحديث للصحفيين. وقالت امرأة تبلغ من العمر 55 عاما إن زوجها قتل هذا العام أثناء عمله لصالح متعاقد عسكري في سوريا. وطلبت عدم ذكر اسمها ولا اسم زوجها لأنها تخشى الانتقام. وأضافت "لم يبلغوني بالأمر إلا بعد مقتله. اتصل بي شاب وأبلغني. وهددني أيضا حتى لا أخبر أي شخص بالأمر." وعلى الطرف الآخر تقر السلطات الروسية بسقوط بعض القتلى أثناء القتال في صفوف أفراد الجيش، لكنها تعلن الأمر متأخرا في كثير من الأحيان دون أن تقدم حصيلة رسمية. وعدد الروس الذين قتلوا في سوريا غير معلوم. وقال كابا إن الوحدة الصغيرة التي كانت تضم كولجانوف وموروزوف فقدت أربعة من مقاتليها منذ بدء الحملة الروسية في سوريا بما في ذلك قائدها الذي قتل إلى جانب موروزوف في نفس تبادل إطلاق النار. وأصيب العشرات. وقالت وكالة رويترز من قبل إن الميجر الروسي سيرغي تشوبوف قتل في سوريا في الثامن من فبراير/شباط. وقال شخص كان يعرفه انه كان أيضا من مجموعة فاجنر. وقال طبيب المستشفى العسكري الذي طلب عدم نشر اسمه، إن قسم الجراحة الذي يعمل فيه عالج ستة أو سبعة مقاتلين روس عادوا من سوريا مصابين بجروح نتيجة قتال ولم يكونوا جنودا روسا في الخدمة. وأضاف أن العدد الإجمالي للمتعاقدين الجرحى الذين تلقوا العلاج في المستشفى قد يكون أعلى من ذلك بكثير. وتابع أنه يعلم بوجود مستشفيين اثنين على الأقل في موسكو وسان بطرسبرغ يعالج متعاقدون فيهما.

مشاركة :