مجموعة الأزمات الدولية في تقرير نشرته الخميس أن الاتفاق السياسي الليبي الموقع قبل نحو عام وصل إلى طريق مسدود، وأن هناك حاجة ملحة لإطلاق مفاوضات جديدة تشمل خصوصا اللاعبين الأمنيين بهدف تعديل هذا الاتفاق. في ديسمبر/كانون الأول 2015، وقع سياسيون ليبيون الاتفاق بوساطة من الأمم المتحدة في مدينة الصخيرات في المغرب آملين في إنهاء النزاع العسكري والسياسي في البلاد الغنية بالنفط عبر تشكيل حكومة وحدة وطنية تقود مرحلة انتقالية لعامين تنتهي بانتخابات. لكن رغم ولادة هذه الحكومة بدعم دولي كبير وانتقالها إلى طرابلس في نهاية مارس/اذار، إلا أنها فشلت في ترسيخ سلطتها على كامل ليبيا بعدما عجزت عن الحصول على ثقة البرلمان المنتخب الذي يتخذ من شرق البلاد مقرا له ويدعم حكومة منافسة لحكومة الوحدة. كما أنها لم تتمكن من إيجاد حلول للمشاكل اليومية التي يواجهها الليبيون وعلى رأسها نقص السيولة في المصارف وارتفاع سعر صرف الدولار في السوق الموازية. ويطالب أعضاء في البرلمان بإعادة إطلاق مفاوضات حول الاتفاق السياسي قبل منح الثقة لحكومة الوحدة الوطنية، داعين إلى إلغاء مادة قد تؤدي إلى خسارة قائد القوات الموالية لهذا البرلمان العسكري النافذ خليفة حفتر، لمنصبه كقائد للقوات المسلحة. وقال تقرير مجموعة الأزمات إن "خريطة طريق الاتفاق التي تنص على أن تقوم حكومة انتقالية تضم البرلمانين (البرلمان المنتخب وبرلمان منافس في طرابلس) وحلفاءهما بتكوين إطار سياسي جديد وتعيد دمج الميليشيات، لم يعد يمكن تطبيقها من دون ادخال تعديلات عليها". وأضاف "هناك حاجة لإطلاق مفاوضات جديدة تضم اللاعبين الأمنيين الرئيسيين من أجل منح حكومة الوحدة دعما أكثر توازنا". وحذر التقرير من أن ليبيا تقف عند حافة نزاع عسكري كبير بين القوات التي يقودها حفتر والتي سيطرت مؤخرا على موانئ التصدير الرئيسية في منطقة الهلال النفطي، والقوات المؤيدة لحكومة الوفاق التي باتت قاب قوسين أو أدنى من السيطرة على مدينة سرت التي اتخذها تنظيم الدولة الاسلامية ملاذا له لنحو عام. وتقع منطقة الهلال النفطي في شرق البلاد لكنها تبعد نحو 200 كلم فقط عن سرت (450 كلم شرق طرابلس). وقالت مجموعة الأزمات الدولية "هناك احتمال بأن تقوم بعض القوات في سرت وبدعم من قوات أخرى من غرب ليبيا بالسير شرقا والاشتباك مع القوات التي يقودها حفتر في الهلال النفطي، أو أن تقوم هذه القوات (بقيادة حفتر) بالسعي للتحرك نحو طرابلس". ورأى التقرير أن "أهداف اتفاق الصخيرات في تجنيب البلاد مواجهة عسكرية اضافية والحؤول دون حدوث انهيار مالي، تبدو بعيدة المنال"، معتبرا أن "اعادة اطلاق المسار السياسي أمر أساسي". وتابع "محاولة تطبيق الاتفاق السياسي من دون موافقة البرلمان (المنتخب في طبرق) وحفتر يجب أن تتوقف، وكذلك يجب الضغط على حفتر كي يقبل بالتفاوض. على الجانبين أن يقدما تنازلات، خصوصا في ما يتعلق بالشق الأمني". ووضع شح السيولة المالية في طرابلس، حكومة فايز السراج المنبثقة عن اتفاق الصخيرات على حافة الانهيار، حيث باتت عاجزة منذ اشهر عن سداد رواتب الموظفين وعناصر قواتها، بينما يحمل السراج محافظ البنك المركزي الليبي المسؤولية ويتهمه بعدم التعاون. وكان واضحا منذ البداية منذ دخول حكومة الوحدة إلى طرابلس في مارس/اذار أن عوامل نجاحها واستمرارها رهين بتوحيد مؤسسات الدولية وعلى رأسها المؤسسات الاقتصادية مثل البنك المركزي والمؤسسة الليبية للنفط والمؤسسة الليبية للاستثمار (الصندوق السيادي لليبيا) وأيضا تحقيق التوافق مع الخصوم في الشرق.
مشاركة :