ماتصبرنيش بوعود إنما للصبر حدود !!

  • 11/6/2016
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

رائعة شاعر النيل حافظ إبراهيم قصيدة الأطلال يقول مطلعها : يافؤادي لا تسل أين الهوى كان صرحا من خيال فهوى كيف ذاك الحب أمسى خبرا وحديثا من أحاديث الجوى قصيدة خالدة شدت بها المطربة الخالدة أم كلثوم فى الزمن الجميل عندما كان سعر الجنيه المصري يقترب من الدولار الأمريكي وعندما كانت مصر لديها فائض في الميزانية بل كانت بريطانيا العظمى تقترض من مصر فقد كانت تملك اقتصادا قويا وكان ذلك أيام العهد الملكي الذي أطاحت به ثورة 23 يوليو 1952. لا شك أن حكم العسكر في أي بلد وليس فقط مصر يدمر الاقتصاد لأنه له إيدلوجية ثورية يكون التركيز فيها على تسليح الجيش وتحويله إلى دولة داخل الدولة على حساب التنمية المستدامة ورفاهية الشعب. أيضا حكم العسكر يصادر الرأي الآخر ولايؤمن بالحوار والديمقراطية إنما يكرس حكم الفرد وتأليه الرئيس وتقديسه وتحويل الشعب إلى قطيع. أيضا حكم العسكر لا يحتمل المعارضة السياسية وليس في قاموسه تداول السلطة فالرئيس لا يترك الكرسي إلا بالموت أو ثورة أخرى تطيح به وبنظامه وهو ماحدث في ثورة 25 يناير 2011 وأيضا ثورة 30 يونيو 2013 وقال الشعب المصري كلمته ولكن أهداف الثورة لم تتحقق وبقيت مجرد حبر على ورق. عندما تم انتخاب الرئيس عبدالفتاح السيسي رئيسا لمصر بطريقة ديمقراطية من خلال صناديق الاقتراع كان هناك تفاؤل بمستقبل أفضل وكانت الوعود وردية وبراقة ووقف الشعب المصري وراء القيادة السياسية وقدموا الكثير من التضحيات فعندما طلب منهم الرئيس السيسي تمويل تفريعة قناة السويس سارع حتى الأطفال بالمدارس للمشاركة وخلال 8 أيام تم جمع المبلغ بالكامل وهو 64 مليار جنيه. أيضا دول الخليج وخاصة المملكة العربية السعودية ودولة الكويت والإمارات العربية المتحدة دعمت مصر بقوة اقتصاديا سواء من خلال مساعدات ومنح أو قروض ميسرة أو ودائع مليارية في البنك المركزي المصري والمشاركة بالاستثمار في مشروعات مليارية ولعل زيارة خادم الحرمين الملك سلمان التاريخية لمصر والتي أعلن فيها عن بناء جسر بين السعودية ومصر ووقعت فيها أكثر من 20 اتفاقية كانت قمة التعاون والدعم لاقتصاد المصري . ترنح الجنيه المصري بطريقة مشبوهة وتهاوى سعره لأول مرة إلى مايقارب 18 جنيه لكل دولار أمريكي يثير الكثير من الاستغراب والتساؤلات حول كفاءة وقدرة الحكومة المصرية على الصمود أمام هذا الانهيار للاقتصاد المصري والذي تمثل في تهاوي الجنيه وارتفاع الأسعار بشكل جنوني مما ينذر بغليان الشارع المصري واندلاع ثورة جياع. أمام هذا الوضع المأساوي للاقتصاد المصري وفقدان الأمن الاجتماعي بسبب تبخر مدخرات الطبقة المتوسطة والكادحة وبروز سوق سوداء تنافس البنوك المصرية وشفط العملة الصعبة من السوق مما يتسبب في تعثر التنمية وتوقف المشاريع التنموية التي راهن عليها النظام في دعم الاقتصاد المصري وتوفير حياة كريمة للشعب اضطرت الحكومة المصرية إلى تحرير أو تعويم الجنيه. تعويم سعر صرف الجنيه هو أسلوب في إدارة السياسة النقدية ومعناه ترك سعر الجنيه تحدده قوى السوق والعرض والطلب بدون تدخل البنك المركزي إلا إذا دعت الحاجة وهو قرار كانت الحكومة تخطط لاتخاذه بعد 5 سنوات ولكن تسارع الأحداث وطلب مصر قرض من البنك الدولي بقيمة 12 مليار دولار مما يفرض على الحكومة اتخاذ إجراءات وقرارات اقتصادية مثل تعويم الجنيه وكذلك رفع سعر المشتقات البترولية. نعتقد أن الحكومة المصرية والقيادة السياسية في وضع لا تحسد عليه فهناك سخط وغضب شعبي في الشارع المصري فقد تبخرت كل الوعود البراقة والكلام المعسول والبهرجة الإعلامية فقد اكتشف الشعب المصري أن أوضاعه المادية قد ازدادت تدهورا فمثلا كيلو اللحمة وصل إلى 150 جنيه وغالبية الأسعار ولعت واشتعلت كالنار ولو استمر هذا الوضع فحتما ستكون له تداعيات خطيرة قد تستثمرها الجماعات والدول التي تضمر الشر لمصر والأغنية الشهيرة لأم كلثوم تقول (ماتصبرنيش بوعود إنما للصبر حدود) . إن السياسة المصرية الخارجية أيضا يلفها الغموض فقد استقبلت مصر قبل أيام رئيس المخابرات السورية علي مملوك وهي إشارة إلى تقارب مصري سوري وأيضا هناك تقارب مصري روسي مما يؤثر بشكل سلبي على العلاقات المصرية الخليجية مما يفقد مصر موارد مالية هي في أشد الحاجة لها وتفقد صديقا وقت الضيق والتجربة أكبر برهان والتاريخ شاهد على ذلك. إن المطلوب من القيادة المصرية أن تعيد حساباتها داخليا وخارجيا قبل فوات الأوان وأنا شخصيا كتبت عدة مقالات في حب مصر وإعجابا بحكمة وسياسة ومواقف ورؤية الرئيس السيسي ولكن أجد نفسي استنكر مايحدث فهناك فشل وإخفاق سواء في الوفاء في الوعود البراقة في توفير الرخاء والحياة الكريمة للشعب المصري أو في الوفاء بالعبارة الشهيرة التي أطلقها الرئيس السيسي في علاقته بدول الخليج وهي (مسافة السكة) فهناك خطر تتعرض له المملكة العربية السعودية وآخرها إطلاق صاروخ باتجاه مكة المكرمة والمشاركة المصرية لازالت دون مستوى التوقعات والطموح سواء في القضية اليمنية أو السورية ونسأل الله أن يوفق القيادة المصرية ويهديها إلى طريق الصواب لما فيه مصلحة الشعب المصري والأمة العربية والإسلامية وتبقى مصر كما كانت حضن العرب الدافئ وأم الدنيا. أحمد بودستور

مشاركة :