اختتم صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع زيارته للصين التي تعد الزيارة الثانية لسموه بعد زيارته الأولى عام 1999م عندما كان أميرا لمنطقة الرياض. وهذه الزيارة التي انتهت أمس تمخضت عن توقيع عدة اتفاقيات للتعاون بين البلدين بهدف توثيق أواصر التعاون وتعميق الحوار والتواصل وتنمية العلاقات الثنائية في كافة المجالات السياسية والاقتصادية والتجارية والصناعية والثقافية والتعليمية والاستثمار والطاقة والتعاون الأمني والعسكري لتعزيز التنمية الشاملة المستدامة وخدمة قضايا الأمن والسلام في المنطقة والعالم أجمع. ولعل توقيت ونتائج الزيارة وما يحيط بها من ظروف ومتغيرات جديدة كلها تصب في صالح تعزيز الشراكة الإستراتيجية بين المملكة والصين وهي تدعيم للعلاقة الممتدة لسبعة عقود. والمتأمل في جولة الأمير سلمان الأخيرة التي سبقت الصين وشملت كلا من الباكستان والهند واليابان وجزر المالديف يدرك أن اتجاه البوصلة السعودية شرقا ليس مصادفة أو جزافا بل هو امتداد للسياسة السعودية التي تسعى لفتح خيارات ومسارات على الصعيد الدولي وتقويتها وإيجاد نوع من التوزان الدولي في المصالح المشتركة بين المملكة والعديد من القوى في المعسكر الغربي والشرقي. وعندما ندرك أن جمهورية الصين الشعبية تعد الدولة الأكثر سكانا في العالم (أكثر من 1.3 مليار نسمة) وهي من أسرع اقتصاديات العالم نموا حيث تتربع بكونها أكبر دولة مصدرة في العالم وثاني أكبر مستورد للبضائع في العالم واقتصادها يعد ثاني أكبر اقتصاد في العالم بعد الولايات المتحدة الأمريكية وتأخذ أهميتها السياسية والدولية كونها عضوا دائما في مجلس الأمن وتشترك مع المملكة أيضا في عضوية مجموعة العشرين. أما جيشها فيعد الأكبر في العالم وتشكل قوة عسكرية عظمى صاعدة. ومن بين أكبر عشر شركات في العالم يوجد أربع شركات صينية، كما تملك ثاني أكبر ميزانية للبحوث والتنمية. والصين أكبر مستورد للنفط من المملكة بما نسبته 20% من احتياجاتها النفطية وهذا يشكل 13% من صادرات المملكة النفطية. والصين تأتي في المرتبة الأولى كأكبر شريك تجاري للمملكة في غرب آسيا وشمال افريقيا وهي المصدر الثاني لواردات المملكة وخامس أكبر مستورد للمنتجات السعودية وتعمل 140 شركة صينية في المملكة تصل قيمة مشروعاتها إلى 18 مليار دولار . أما حجم الاستثمارات الصينية الكلية في المملكة فتبلغ 240 مليار دولار في حين تبلغ الاستثمارات السعودية الخاصة في الصين 73مليار دولار.. وأما في المجالات الثقافية والتعليمية فيدرس الآن أكثر من 1500 طالب وطالبة في مراحل البكالوريوس والماجستير والدكتوراه يندرج معظمهم ضمن برنامج الملك عبدالله بن عبدالعزيز للابتعاث الخارجي حيث ترحب الحكومة الصينية بتوسيع آفاق هذا التعاون التعليمي. ويسعى البلدان وبخطى ثابتة على استمرار النمو والاستقرار في الاقتصاد العالمي وخاصة فيما يتعلق بسوق النفط وكذلك الاهتمام بالقضايا الأمنية العالمية والتعاون الدولي وتعزيز السلام والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط وخاصة القضية الفلسطينية والأزمة السورية. ولا شك أن التعاون السياسي والعسكري الأمني يدعم الاستقرار الإقليمي ويعيد التوازن الدولي لمنطقة الشرق الأوسط بعد توجه بعض دول القوى التقليدية لمسارات وقوى إقليمية أخرى صاعدة.
مشاركة :