الأزمة الدبلوماسية الصامتة بين باريس ونواكشوط بدأت منذ أكثر من سنتين، بعد إصرار فرنسا على وضع موريتانيا على الدائرة الحمراء. العرب [نُشرفي2016/11/08، العدد: 10449، ص(4)] الدبلوماسية تخفي الجفاء نواكشوط - أخرج البيان الأخير للسفارة الفرنسية بموريتانيا، الأزمة الدبلوماسية بين باريس ونواكشوط إلى العلن، هذه الأزمة التي ظلت صامتة منذ مطلع 2015، وكشف مستوى الجفاء الحاصل في علاقات البلدين. وأصدرت فرنسا عبر سفارتها، في الـ29 من أكتوبر الماضي، تحذيرا لرعاياها في موريتانيا من عمليات سطو قد تستهدفهم بالأحياء الشمالية للعاصمة نواكشوط، في سابقة هي الأولى من نوعها للسفارة. وشن الناطق الرسمي باسم الحكومة، وزير الثقافة محمد الأمين ولد الشيخ، مساء الخميس الماضي، هجوما لاذعا على بيان السفارة الفرنسية، معتبرا أنه جاء متحاملا، وحمل رسائل غير ودية من فرنسا، للدولة الموريتانية. وقال في مؤتمر صحافي، إن “بيان السفارة الفرنسية جاء بعد تعرض مواطنة فرنسية لمحاولة اغتصاب بأحد شوارع نواكشوط، ولا علاقة له بأي تهديدات إرهابية”. وأضاف الناطق الرسمي باسم الحكومة قائلا إن المواطنة الفرنسية غادرت الأراضي الموريتانية قبل إكمال التحقيق ودون أن تتعاون مع المحققين، وهو ما علق عليه بقوله إنه أمر “أثار الكثير من الشكوك”، نافيا وجود أي ثغرات أمنية بالبلد. وتحدث مدير أمن الدولة بموريتانيا المفوض سيدي ولد باب الحسن، للتلفزيون الحكومي، بعد حديث الوزير بساعات قليلة، عن أن حدود البلاد مراقبة ومضبوطة، وأن البعض من الجهات، التي لم يسمها، تسعى إلى ضرب استقرار البلد وأمنه. وبدأت الأزمة الدبلوماسية الصامتة بين باريس ونواكشوط منذ أكثر من سنتين، بعد إصرار فرنسا على وضع موريتانيا على الدائرة الحمراء، رغم تأكيد نواكشوط أن خطتها لمواجهة الإرهاب أثمرت كثيرا. كما شكل رفض الرئيس الموريتاني محمد ولد عبدالعزيز، إرسال قوات للمشاركة إلى جانب القوات الدولية في عمليات حفظ السلام بشمال مالي، في 2013، نقطة أخرى ساهمت في تعزيز التوتر. ولم يستقبل ولد عبدالعزيز، السفير الفرنسي كما لم يجر معه أي مباحثات أو مشاورات، منذ نهاية 2014، وهي سابقة في علاقات البلدين. وتم فهم رفض الرئيس الموريتاني استقبال سفير فرنسا طيلة هذه الفترة على أنه رد فعل مباشر من الرئاسة الموريتانية على تصرفات فرنسية لا تروق لنواكشوط على ما يبدو. ودخلت العلاقات بين البلدين، بعد ذلك، في مرحلة فتور تصاعد طيلة العام الجاري. وبدأ التصعيد بين البلدين خلال الزيارة التي أداها الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند، قبل أكثر من سنة، لعدد من بلدان غرب أفريقيا، واستثنى منها موريتانيا، حيث رفض هولاند، أن يبدأ زيارته بموريتانيا، ورفضت الأخيرة أن تختتم الجولة بها. واعتبر المحلل السياسي سيد أحمد ولد باب، أن الرئاسة الموريتانية أرادت بموقفها هذا، توجيه رسائل إلى جوارها الإقليمي تفيد “بأنها ليست محطة عبور للرئيس الفرنسي، وأنها إما أن تكون في المقدمة أو لا تكون”. وانتقلت الأزمة، بعدها، إلى مرحلة سجال سياسي قوي بين البلدين. إذ استضافت وسائل إعلام فرنسية، أكثر راديكاليي المعارضة الموريتانية، وهم الرئيس السابق العقيد أعلي ولد محمد فال، ورئيس مبادرة انبعاث الحركة الانعتاقية “ايرا” المرشح الرئاسي السابق بيرام ولد أعبيدي، وعدد من النشطاء المعارضين الآخرين المقيمين بباريس. وأطل المعارضون الموريتانيون عبر وسائل الإعلام الفرنسية وهم يوجهون انتقادات حادة إلى النظام الحاكم في بلادهم. وأبرز بيان السفارة الفرنسية الأخير، والردود القوية من الحكومة الموريتانية عليه، حجم التوتر الحاصل في علاقات البلدين. وقال المحلل السياسي أحمد ولد باب “أن يصدر بيان من دولة بحجم فرنسا يحذر من عمليات سرقة في شوارع دولة أخرى ذات سيادة ولديها أجهزة أمنية فعالة، فهي سابقة في تاريخ علاقات البلدين”. واستبعد، من جهته، الباحث بالمركز الموريتاني للبحوث والدراسات الاستراتيجية، أبوبكر ولد الإمام، أن يصل التوتر في علاقات البلدين إلى مرحلة القطعية النهائية نظرا لحجم العلاقات الاقتصادية والتعاون على أكثر من صعيد. :: اقرأ أيضاً مصر تلوح بورقة إيران لترتيب علاقتها بالسعودية إنزال دبلوماسي لدمشق وطهران في قصر بعبدا بعد أسبوع من انتقاد الشيخ تميم للاستهلاك: خطة للتقشف تبدأ بزيادة الرواتب العاهل الأردني يدعم حكومة الملقي دون منحها صكا على بياض
مشاركة :