رواية الكاتبة العربية احتجاج نسوي سلس بقلم: محمد الحمامصي

  • 11/9/2016
  • 00:00
  • 9
  • 0
  • 0
news-picture

الناقد سمر روحي الفيصل الذي ناقش روايات النساء الكاتبات الإماراتيات بجرأة كبيرة كاشفا عن مظاهر تأثير الحياة العامة على أعمالهن الأدبية. الروايات النسوية الرواية النسوية الإماراتية حرصت على الاحتجاج على قضية رئيسية هي قضية الثالوث الاجتماعي: الحب والزواج والطلاق يهدف كتاب “الرواية النسوية الإماراتية” للناقد سمر روحي الفيصل إلى قراءة ما أنجزته الروائية الإماراتية في حقل الخطاب الروائي، وما القسم الثالث منه وهو خاص بالرواية الإماراتية في رحاب الرواية الخليجية إلا محاولة من محاولات اتساع الرؤية، تبعا للحاجة الأدبية إلى معرفة موقع الرواية النسوية الإماراتية من مثيلاتها في دول الخليج العربية قبل تعرف الموقع نفسه النسوية العربية. وقال الفيصل “على الرغم من أن الأرقام السابقة تشير إلى غلبة الاهتمام النسوي في الحقل الروائي، فإن أمرين شرعا في التأثير على الإقبال على الرواية النسوية الإماراتية، هما التأثر الأدبي العام بزمن الرواية، وشيوع الظّاهرة الأدبيّة العربية القاضية بوجوب الانتقال إلى حقل الرواية حتّى يستكمل الوجود في السّاحة الأدبيّة. إذ أن الاعتقاد السائد هو أن حياة القاص تبقى ناقصة في الحياة الأدبية ما لم يصبح روائيا. وهذان الأمران كفيلان في العقد القابل بتجسيد الغلبة النِّسويّة الروائية على القصّة النسوية القصيرة التي تبدو الآن أكثر ازدهارا في الأدب الإماراتي”. قسم الفيصل كتابه الصادر أخيرا عن وزارة الثقافة وتنمية المعرفة التي عرضته في جناحها بمعرض الشارقة الدولي للكتاب الدورة الـ35 ضمن 20 كتابا في عام القراءة الإماراتي، إلى ثلاثة أقسام حظي القسم الثالث بعدد كبير من الفصول التي بلغت الخمسة وعالجت الرواية النسوية الإماراتية من خلال خمس قضايا شغلت بها الروائيات في أعمالهن وهي قضايا السيرة الذاتية وتمرد الزوجات والسلوكيات المسكوت عنها والزواج والعلاقات الاجتماعية وأخيرا فصل الاحتجاج النسوي. وأشار الناقد إلى أنه على الرّغم من أنّ هناك أمورا أخرى كانت موضع احتجاج الرواية النسوية الإماراتية، إلا أنّ الحديث عنها لم يشغل الروائيات الإماراتيات كثيرا، من ذلك اعتقاد الرجل بأن حياته الأُسرية لا تستقيم إذا لم تنجب زوجته ذكرا يحمل اسمه، ويحافظ على نسبه. وقد أشارت آمنة المنصوري في رواية “عيناك يا حمدة” إلى هذا الأمر حين جعلت الأسرة تحلم بالولد الذَّكر بعد عدد من الإناث، ولكن المولود جاء أنثى، فعدها أبوها شؤما على الأسرة، وسماها “حمدا” مدَّعيا أنّ المولود ذكر، بيد أن هذه المشكلة لم تشغل الرّواية، إذ أنّ الأمّ أنجبت بعد ذلك مولودا ذكرا، سمّاه أبوه حمدا، وجعل اسم الأنثى السابقة حمدة. من ذلك أيضاً الخلل العاطفيّ الذي تشعر به الفتاة حين تطلَّق أمها، وتبتعد عنها. وهذا ما انصرفت إليه رواية فاطمة السّويديّ “أوجه المرايا الأخرى”، حين جعلت مهرة تعيش في منْزل جدَّتها بعد طلاق أمها من أبيها وزواجها بآخر منعها من اصطحاب ابنتها مهرة معها. وأضاف “ليس من الاحتجاج في شيء أن تعكس المرأة الأمور التي يتبنّاها المجتمع الذّكوري. فهذا المجتمع يجعل الرّجل يؤمن بأنّ ملكيّة الفتاة تنتقل من أبيها وأخيها إليه بعد زواجه بها، وصيرورتها زوجته وأمّ أولاده، ولكنّ إيمان المرأة المقهورة أحيانا بأنّها أهل للقهر يدفع البعض من المقهورات إلى الاعتقاد بأنّ الزَّوج ملك للزّوجة وحدَها، لا يمكن لغيرها أن تشاركها فيه. وهذا ما عالجته ميسون القاسمي في رواية ‘ريحانة”. معرض الشارقة للكتاب يواصل نقاش القضايا الأدبية المسكوت عنها ورأى الفيصل أنه ليس من الرواية النسويّة الإماراتية في شيء أن تعالج الروائيّة موضوعا عاما لا علاقة له بقضية المرأة، كما هو الحال في موضوع الهجرة من البلد العربيّ إلى بلد آخر أجنبيّ في رواية باسمة يونس “ملائكة وشياطين”، وأسباب الهجرة ونتائجها الوخيمة على الأسرة في مغتربها. ثلاث سمات خلص سمر روحي الفيصل من تحليله إلى القول إنّ الرّواية النّسويّة الإماراتيّة حرصت على الاحتجاج على قضيّة رئيسة من قضايا المرأة الإماراتيّة، هي قضيّة الثّالوث الاجتماعيّ: الحبّ والزّواج والطّلاق، انطلاقا من أنّ هذا الثّالوث مؤثِّر في المرأة الإماراتيّة، عامل على توجيه حياتها، فعّال في تنقية المجتمع الإماراتيّ من الأدواء التي تعوق حياته الاجتماعيّة الهانئة. والواضح أنّ الاحتجاج النّسويّ الرّوائيّ اتّسم بثلاث سمات، أولها السّلاسة، إذ أن الاحتجاج في الرواية النّسويّة الإماراتية سلس لطيف في تنويعاته كلّها لم يبلغ مرتبة التَّمرُّد الذي يجعل المرأة تثور بوساطته على عادات المجتمع وتقاليده، وترفضها، وتنتقم منها. ثاني سمات الاحتجاج المحدوديّة، حيث ابتعدت الروائية الإماراتيّة عن الخوض في الكثير من القضايا، أما السمة الثالثة لهذا الاحتجاج فهي رفض الدونية والرضوخ، فقد حرصت الروائية الإماراتيّة على التّعبير غير المباشر عن أن النظرة الاجتماعيّة الدونية للمرأة مرفوضة في المجتمع الإماراتي، ومرفوض أيضا ما يرتبط بهذه النظرة من “تهميش” و”رضوخ” لأوامر الرجل وتقاليد المجتمع القديمة. وكأن الرواية عند الروائية الإماراتية صرخة الاحتجاج التي حجبت نتيجة انفتاح المجتمع في الواقع الخارجي الحقيقي. إنها صرخة الرفض للقيم السلبية، بغية بناء مجتمع إنساني جديد خال من السيطرة على المرأة، ومن الشك في قدراتها ومشاعرها. هذه السّمة أبرز السّمات الإيجابية في الرواية النّسوية الإماراتية، ولعلها السّمة التي سوَّغت البحث الروائي النسوي الإماراتي عن الذات في روايتي أمنيات سالم “حلم كزرقة البحر”، وآمنة المنصوري”عيناك يا حمدة”، بل هي نفسها السمة الكامنة وراء السؤال الروائي الصعب الذي قدمته صالحة غابش في “رائحة الزنجبيل”، ومفاده: هل تختلف المرأة الإماراتيّة المتعلِّمة المثقَّفة عن الفتاة الإماراتيّة العاديّة في حقّ اختيار الرّجل في هذا المجتمع الآخذ بالحياة الحديثة؟ خلص الناقد إلى أن المتغيرات الثّقافية والمادية في المجتمع الإماراتي، أنتجت رؤى جديدة للمرأة واجهت الرؤيا الموروثة لها، ولكن هذه المواجهة بينهما لم تكن حادّة، بحيث تُنتج تمرُّدا نسويّا، وانقلابا على المفاهيم السائدة، بل كانت مواجهة لطيفة، اكتفت بالاحتجاج على الظلم والتهميش والدونية، ودعت بلطف إلى الحقوق الإنسانية للمرأة. صحيح أن هذه الرّؤيا الاحتجاجية تحتاج إلى مستوى فني أكثر رقيا، وإلى دراسات اجتماعيّة توضح الحال الحقيقيّة للمرأة في المجتمع الإماراتيّ، وتبين موقع الروايات منها، ولكنّ الصحيح أيضا أنّها رؤيا إيجابيّة، أنتجت في العقد الأول من الألفية الثّالثة أغلبية الرّوايات النسوية، والأمل أن تُنتج قدرا آخر من الروايات النسوية التي ترسخ الرّؤيا الإيجابية من خلال الفن الروائي. اقرأ أيضا: فن الكوميكس رافد ثقافي في معرض الشارقة :: اقرأ أيضاً فتيان الزنك رواية التوابيت المغلقة على آلاف القصص السيرة العمانية للشاعر حميد سعيد في كتاب جديد فن الكوميكس رافد ثقافي في معرض الشارقة

مشاركة :