المجتمعات العربية الآن تسودها ثقافة العنف والكذب والغنيمة بقلم: محمد الحمامصي

  • 1/31/2018
  • 00:00
  • 8
  • 0
  • 0
news-picture

المجتمعات العربية الآن تسودها ثقافة العنف والكذب والغنيمةشهدت جلسات اليوم الثاني من المؤتمر السنوي الرابع لمواجهة التطرّف الذي تنظمه مكتبة الإسكندرية تحت عنوان “الأدب والفن في مواجهة التطرّف” نقاشا صاخبا حول دور الإعلام والقانون والأمن والمسارح والمتاحف في مجابهة التطرّف والإرهاب، بدأت بالعلاقة بين الثقافة والتقدم في العالم العربي. كما أديرت جلسة أخرى حول القوة الناعمة وفاعليتها بعنوان “جدليات القوة الناعمة والأمن”.العرب محمد الحمامصي [نُشر في 2018/01/31، العدد: 10886، ص(14)]مكتبة الإسكندرية صرح ثقافي يحتضن المستقبل ضمن المؤتمر السنوي الرابع لمواجهة التطرّف الذي تنظمه مكتبة الإسكندرية أقيمت ندوة بعنوان “الأدب والفن في مواجهة التطرّف” وقد أدارها جابر عصفور، وزير الثقافة المصري الأسبق، وتحدث فيها كل من يوسف شقرة، رئيس اتحاد الكتاب الجزائريين، والأديب العراقي نجم والي، ونيفين مسعد، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، والمفكر المغربي عبدالسلام الطويل، ودانيال الحويك المحامية اللبنانية والناشطة الحقوقية. الثقافة والمجتمع بداية أكد شقرة أن الجدلية بين الثقافة والتقدم تشير إلى أن كلا منهما يصنع الآخر ويكمله، خاصة في المجتمعات المتقدمة التي تنطلق من تكوين النشء وتربيته على اكتساب مقوّمات الأصالة والثقافة لبناء المجتمع. وطالب بتوجيه الاهتمام إلى النشء وتحصينه ثقافيا وفكريا وفنيا من خطابات التطرّف، وذلك من خلال مناهج تعليمية تقوم على فكرة الحرية وقبول الآخر المختلف ودعم الذائقة الجمالية وقيمها الفنية. وأشار نجم والي إلى ثلاثة أنواع من الثقافة تسود المجتمعات الآن، وهي ثقافة الغنيمة وثقافة الكذب وثقافة العنف، وقال “تأتي ثقافة الغنيمة من عدم إخلاص المثقفين لأنفسهم وتلوّنهم الدائم مع الأنظمة السياسية المختلفة، أما ثقافة الكذب فتأتي من ازدواجية المثقفين تجاه قضايا معيّنة مثل المجتمعات الذكورية التي تدافع عن حقوق المرأة، بينما تنبع ثقافة العنف من استخدام البعض من الأنظمة السياسية لنفس لغة الإرهاب عند معالجة قضايا التطرّف”. ورأى والي أنّ السلام هو موقف إنساني وسلوك ثقافي، وأنّ المثقفين يجب أن يحافظوا على إنسانيتهم وأن يعترفوا بالسلام، فانتصارنا على الإرهاب والتطرّف سيكون بالحوار. أما نيفين مسعد فتطرّقت في حديثها إلى الإرادة السياسية وعلاقة التأثير المتبادل بين الثقافة والتقدّم من خلال المشروعات التنويرية عبر التاريخ المصري الطويل، والتي كانت لها أبعاد سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية. وقالت إنّ محمد علي باشا مؤسس الدولة الحديثة كان شديد الاهتمام بإيفاد المصريين للخارج لتعلّم العلوم والحرف والصناعات وإعادتهم للداخل لتفعيل ما تعلّموه، كما اهتم بحركة الترجمة والانفتاح على ثقافات وحضارات الآخر، وما وصلت إليه من تقدّم، مما أدى إلى الاهتمام بالمنتج الثقافي المصري. وأسفت مسعد لما آلت إليه الحركة الثقافية في مصر في الوقت الراهن من تراجع. وقالت “بينما تعمل السعودية حاليًا على إنشاء 2000 دار عرض سينمائي بحلول عام 2030، يتقلص عدد دور العرض في مصر إلى 82 دار عرض فقط، وهذا يعود إلى أن ميزانية وزارة الثقافة تذهب لدفع رواتب الموظفين فقط، وأنه لم يعد هناك اهتمام بالحركة الفنية والثقافية داخل المجتمع″.القوة الناعمة هي عملية توظيف القدرات الثقافية والسياسية للتأثير في الإدراك لدى الأشخاص تمهيدا لتغيير سلوكهم وشدّدت في نهاية كلمتها على أن الدولة والمجتمع قادران على التغيير، فالتعليم والثقافة هما الرافعتان الأساسيتان لنهضة أي دولة. وأكد عبدالسلام الطويل على فرضيتين أساسيتين، الأولى هي أن العنف والتطرّف والإرهاب والتشرد نتيجة مباشرة لفشل مشروع الثقافة، والثانية أن مظاهر العنف والتطرّف هي نتيجة لفشل مشروعات الإصلاح والتجديد على مدار عقود ما بعد الاستقلال، فمشروعات الإصلاح والتجديد هي التي شكّلت مسار الحداثة الأصلي الذي يقوم على السياسة التاريخية لتحرر الإنسان بحيث يكون مسؤولًا وفاعلًا في تاريخه. وأشار إلى أنّ ظاهرة انفجار العنف هي مؤشر للخلل الذي أصاب النظام الثقافي داخل المجتمعات. القوة الناعمة وفي جلسة أخرى حول “جدليات القوة الناعمة والأمن” أكد د. محمد مجاهد الزيات؛ مستشار المركز القومي لدراسات الشرق الأوسط، أن القوة الناعمة هي عملية توظيف القدرات الثقافية والسياسية للتأثير في الإدراك لدى الأشخاص تمهيدًا لتغيير سلوكهم، ولا يتوقف استخدامها من قبل الدول على المستوى الخارجي فقط، بل تستخدمه الأنظمة لتغيير سلوك واتجاهات مواطنيها. وأضاف أن أغلب الباحثين والمختصّين يطرحون مفهوم القوة الناعمة باعتبارها إحدى أدوات الدولة لمواجهة الإرهاب، متغافلين إن لها وجها سيئا تستخدمه التنظيمات الإرهابية والقوى المتطرّفة لفرض سيطرتها وكسب أتباع جدد، مشيرًا إلى أنّ هذه القوة من أهم أدوات حروب الأجيال الجديدة التي تعتمد على أساليب جديدة في إسقاط الدول. وأشار الزيات إلى أنّ مفهوم القوة الناعمة الذي طرح عقب انتهاء الحرب الباردة من قبل أستاذ العلوم السياسية الأميركي جوزيف نايل، والذي كان يعمل مستشارًا لوزير الدفاع الأميركي في ذلك وقت، سعت الولايات المتحدة من خلاله إلى الاستمرار في فرض سيطرتها وهيمنتها على العالم. وحذّر اللواء محمد إبراهيم، وكيل جهاز المخابرات العامة السابق، من نشاط العمليات الإرهابية في مصر مع قرب موعد إجراء الانتخابات الرئاسية، لممارسة ضغوط على الدولة، داعيًا أجهزة الدولة المختلفة إلى اليقظة والاستمرار في مواجهته باستخدام مختلف القوى، مؤكدًا أن الإرهاب ليس هو التحدي الوحيد الذي يواجه مصر. ولفت علي جلال معوض، مدرس العلوم السياسية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية جامعة القاهرة، إلى إن مفهوم القوة الناعمة توسع على المستوى العالمي، وشهد اهتماما متزايدا، وأصبح لا يتوقف على العلاقات الدولية فقط ولكن أصبح يستخدم داخل الدولة نفسها. وأضاف معوض أن القوة الناعمة تشعبت وأصبحت قوة تاريخية ودينية متمثلة في عدد من النماذج منها السعودية والفاتيكان، وأخرى سياسية تعبّر عن نظم ديمقراطية غربية كنموذج يشير إلى النجاح والدبلوماسية، من خلال نجاح الدول في الدوائر السياسية العالمية المتعددة، والقوة الاقتصادية التي تقدمه عدد من الدول الآسيوية، والقوة العسكرية متمثلة في أنشطة التعاون والتدريب العسكري التي تعمل على نقل خبرات وقيم دول إلى قيادات دول أخرى. وحذرت الباحثة التونسية بدرة قعلول، رئيسة المركز الدولي للدراسات الاستراتيجية والعسكرية ومدرّسة بالأكاديمية العسكرية في تونس، من إن الوطن العربي أصبح يعاني الآن من ظاهرة العنف الأيديولوجي، ويرجع السبب في ذلك إلى أنها مبنية في الأساس على أيديولوجيات متنوعة، فأصبح الكل يعتقدون أنهم يمتلكون الحقيقة، ويحاولون فرض سيطرتهم ورأيهم على الجميع.

مشاركة :