ما بين «جراد» و«ترامب» حكاية

  • 11/14/2016
  • 00:00
  • 62
  • 0
  • 0
news-picture

عندما قرر ذلك «القروي» منذ عدة عقود أن يبني بيتاً يسكنه بعيداً عن الطراز التقليدي «الطيني» للتحول للبناء الحديث «البلك الإسمنتي» تم التواصل مع المُعلم «علي جراد»، كمُخطط ومُعماري للبناء وكمُهندس تنفيذي ومُقاول للمشروع، تم إعداد ورسم خريطة البناء بخشبة من شجرة على الأرض بقيعة، لم يدُم ذاك المُخطط طويلاً نظراً لحركة الرياح والمُنخفض الجوي القادم من سهول «سيبيريا». دُعي «القريوي» الصغير «ابن ذلك القروي» لكتابة العقد بين الاثنين، ولم يكن كاتب العقد أسعد حظاً من مُقاول المشروع، كونه ما زال في المراحل التعليمية الأولى، كُتب العقد على ورقة من دفتر دراسي من طراز «أبوعشرين»، وكان من بنود العقد ما أملاه حرفياً المقاول «جراد» من أن الفاضي مليان عند حساب الكميات أو ما يُعرف اليوم «بالهندسة القيمية»، ظهرت مشاعر السرور على تقسيمات وجه «القروي»، ظناً منه أن ذلك البند يصُب في مصلحته «هو» ومؤشر لنزاهة وأمانة «جراد» في التنفيذ، لم يكتفِ «القروي» بمجرد إبداء مشاعر السرور فقط، بل كال المديح «لجراد»، والأخير لا يعلم سر سرور ومديح صاحب الحلال، وفي النهاية علم «القروي» أن الفاضي مليان يعني احتساب النوافذ والأبواب والفتحات كجزء من البناء عند تقدير الأمتار، والنتيجة زيادة عدد الأمتار وارتفاع تكلفة البناء، آنذاك أدرك «القروي» جهله وخبث «جراد». ما أشبه «علي جراد» برؤساء أمريكا، «ونحن كأمة» بذاك القروي، لقد فرحنا وتلبستنا الجن «طرباً» عندما تم ترشيح «باراك أوباما» كرئيس لأمريكا، واعتقدنا أن القرار الأمريكي أصبح عربياً وإسلامياً بامتياز، وأننا سُدنا العالم، هناك أغمضنا أعيننا بسبات عميق، لنصحو على قروع طبول الترشيحات الرئاسية الأمريكية من جديد ما بين «دونالد ترامب» و «هيلاري كلينتون»، وكوننا ما زلنا «أمة بأثر نوم» تحمسنا «لهيلاري» تحت قاعدة «مجنون تعرفه أفضل من آخر جديد»، وكنا ضد «ترامب» نتيجة تهريجه وتطرفه واعتقادنا أنه أهوج، ونحن لا نعلم أنه استخدم تقنيات سيكولوجية فائقة الدقة ذات صلة مُباشرة بعقلية وعواطف المُنتخب الأمريكي، كجزء من ثقافة ذاك المجتمع، الذي يُؤمن بأن الحياة جودة، ويُعطي الصوت لمن يضمن تلك الجودة. النتيجة كانت فوز «ترامب»، وردة فعلنا الحزن والخوف والهلع، وخسارة «كلينتون»، فزادت أحزاننا ومواجعنا وبكينا وتباكينا، ونحن لا نعلم والله سراً لهذا التباين في مشاعرنا تجاه الاثنين، ولماذا كنا مع أو ضد، فكلا الاثنين «ترامب وكلينتون» ليسا إلا «علي جراد» ونحن ذلك «القروي».

مشاركة :