أكد قائد جهاز مكافحة الإرهاب بالعراق الفريق الركن عبد الغني الأسدي أن عملية تحرير مدينة الموصل من سيطرة تنظيم داعش تسير بوتيرة جيدة، وأرجع ما اعتبره البعض بطئا في سير العمليات إلى الحرص على المحافظة على أرواح المدنيين. وقال في حوارمع وكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) عبر الهاتف من القاهرة إن هناك "أكثر من مليون ونصف المليون مدني في مناطق وأحياء المدينة ... والأوامر الصادرة من القائد العام للقوات المسلحة لنا تؤكد على أن الحفاظ على أرواح المواطنين هي أولويتنا الأولى ومن بعدها مقاتلة داعش". واعتبر أن خسائر القوات المشاركة في العمليات "أقل من الحد الأدنى إذا ما تم مقارنتها بالإنجازات التي تتحقق"، مضيفا :"استطعنا انتزاع عدة أحياء مهمة من سيطرة التنظيم كحي القادسية والأربجية وغيرهما، دون أن نرصد أي إصابات في صفوف المدنيين وبخسائر قليلة في صفوف قواتنا ... وبالنهاية هذه معركة، والمعركة يحدث فيها كل شيء". ورفض الأسدي توضيح عدد ضحايا القوات المشاركة في المعارك كونه يقع في إطار المعلومات العسكرية التي لا يمكن الإفصاح عنها. وردا على اتهامات بأن الخطة المتبعة لا تتناسب مع دفاعات وتجهيزات التنظيم وأن تكتيكات داعش فاجأت قادة المعارك، قال :"لم تكن هناك أية مفاجأة، لقد قاتلنا التنظيم في عدة مدن وخططه وأساليبه لا تتغير : تفجير عبوات ناسفة على الطرق والجسور وسيارات مفخخة وأحزمة ناسفة وانتحاريين ... هذه هي أساليب التنظيم المعتادة". وقدر عدد مقاتلي التنظيم الموجودين حاليا بالموصل بما "يتراوح بين خمسة وستة آلاف عنصر على أقصى تقدير، وربما يكون الرقم مبالغا به بعض الشيء". أما فيما يتعلق بهويتهم، فأكد الأسدي أن "العناصر المحلية من أهل الموصل والعرب هم الأكثرية، كما أن هناك عناصر من دول أخرى معظمهم من الدول التي للتنظيم نشاط قوي بها"، إلا أنه استدرك بالقول :"أعتقد أن كثيرا من العناصر المحلية انضموا للتنظيم قسرا لا طوعا". وأوضح أن "البعض انضموا للتنظيم نتيجة الخوف من الفتك بهم، ومع اقترابنا منهم سارعوا باللجوء للقطاعات الأمنية ونزحوا مع العوائل إلى خارج الموصل". ورجح الأسدي هروب القيادات الرئيسية لداعش من المدينة وترك مهمة الدفاع عنها للعناصر المحلية، وقال :"ليس لدينا معلومات مؤكدة ونهائية حول الأمر، ولكن طبقا للمعلومات التي وردت لنا حتى الآن، فإن قسما من القيادات الكبيرة هرب قبل بدء المعركة وقسما قُتل في المعارك ". وحول صحة ما يتردد عن قيام القوات التركية الموجودة في العراق بالتعاون العسكري والتنسيق مع عناصر داعش في الموصل، قال :"أعتقد أن المعلومة غير دقيقة ... فنحن لم نرصد أي تحركات للقطاعات التركية الموجودة بالعراق ... هي موجودة في أماكنها ولم تتحرك ... ولم نسمع حتى على الأرض كلاما من هذا القبيل، كما لم تصلني أية معلومات عن تنسيق بين الجانبين". وقلل من المخاوف بشأن احتمال لجوء داعش لاستخدام أسلحة كيميائية ضد أهالي الموصل، وشدد على أن "هذا الأمر قد طالته الكثير من المبالغات حتى صار موضوعا إعلاميا أكثر منه حقيقيا، وذلك نظرا لأن قدرة التنظيم على استخدام مثل هذا النوع من الأسلحة محدودة وبدائية ... وسبق أن استخدمها بالأنبار، ولكن هذا لم يؤثر على قطاعاتنا لأنها كانت مجهزة للتعامل معه". وأضاف :"لو كان يستطيع فعل شيء لفعله في حقل المشراق للكبريت شمال القيارة الذي كان قريبا من تصرفه وخرج منه، ولله الحمد، دون أن يستغل هذه الفرضية المدمرة". وذكر أن التنظيم كثف من الهجمات الانتحارية في الأيام الأخيرة، ولكنه اعتبر أن "ظاهرة الانتحاريين لا تمثل خطرا على القطع العسكرية والأمنية بقدر ما تمثله العجلات المفخخة ... حيث أن القوات تنجح في معظم الحالات من توقع العناصر الانتحارية وتصفيتها قبل تنفيذ عملياتها". وشدد على أن القوات المشاركة في عمليات الموصل هي الأقوى على الأرض، وقال :"معداتنا وقواتنا هي الأكثر انتشارا وتحكما على الأرض ... وعناصر داعش موجودون في خطوطه الدفاعية فقط. كما أننا الأفضل بلا شك تسليحا وتدريبا، هذا إلى جانب سلاح الطيران سواء من جانب القوات العراقية أو طائرات التحالف الدولي فضلا عن طائرات الاستطلاع". واستنكر بشدة ما يتردد عن انتهاكات يتعرض لها المدنيون والأطفال في الموصل على أيدي القوات المشاركة في العمليات بدوافع طائفية، وقال :"هذه أخبار عارية عن الصحة ... الجيش العراقي لا يقتل أطفال العراق فهم أبناؤنا ... وحتى لو كان آباء هؤلاء الأطفال من عناصر داعش فإن الأطفال لا ذنب لهم". واتهم إعلام داعش بفبركة فيديوهات لتشويه صورة الجيش العراقي. وانتقد ما يردده بعض زعماء السنة بالعراق بشأن وقوع انتهاكات بحق السنة في الموصل على يد فصائل الحشد الشعبي خاصة مع تصريح القيادي بالحشد الشعبي قيس الخزعلي من أنه سيتم الانتقام من أهل الموصل ثأرا لقتل الحسين، وقال الأسدي :"أعتقد أن هذه أمور مبالغ بها ... وهذا التصريح لم يُذكر على هذا النحو ... وحتى لو ثبتت صحته فهو رأي شخصي وليس قرارا لهيئة الحشد الشعبي". وأضاف :"البعض، والله أعلم، قد يرى أن مصالحه قد ضُربت ولم يعد له موضع قدم ولن يتمكن من تنفيذ خططه، فيطلق تلك الأحاديث ... بعض هؤلاء كانوا يستثمرون وجود داعش ويراهنون على بقائه ليتحدثوا دائما بمظالم السنة". ورفض الأسدي التعليق على إعلان قوات البيشمركة الكردية أنها لن تتنازل عن بعشيقه بعد تحريرها أو عن أية أراض تقوم هي بتحريرها، مكتفيا بالقول :"هذا الأمر يخضع للقرارات السياسية، ونحن عسكر لا دخل لنا بتلك الأمور ولا نعلق عليها ... كل ما أعرفه هو أن لدينا تعاونا وتنسيقا ميدانيا متميزا وفي أعلى المستويات مع الإخوة بالبيشمركة". واختتم الأسدي حديثه بأنه لا يوجد وقت محدد لإنهاء معارك الموصل، مكتفيا بالتأكيد "على أن داعش سيُقضى عليه آجلا أو عاجلا، والقيادة حريصة على أن يتم ذلك بأسرع وقت ممكن، ووفقا للظروف المتاحة، لإنهاء معاناة المدنيين".
مشاركة :