لبنان: لمسات أخيرة على حكومة الحريري بعد «تنحيفها» - خارجيات

  • 11/17/2016
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

ما لم تطرأ مفاجآت غير محسوبة، يفترض ان تولد الحكومة 74 في تاريخ لبنان بحلول الأحد لتكون «عيدية» الاستقلال الذي تحيي «بلاد الأرز» ذكراه الـ 73 يوم الثلاثاء المقبل في احتفالية عسكرية - سياسية يراد لها ان تستعيد صورة الدولة التي استردّت «رأسها» في أعقاب الفراغ في رئاسة الجمهورية الذي استمرّ نحو 29 شهراً لم يجرِ خلالها الاحتفال التقليدي بذكرى 22 نوفمبر. وعاشت بيروت يوم أمس في أجواء اقتراب المفاوضات ذات الصلة بتشكيل الحكومة من إنجاز تَفاهُمٍ حول الحصص والأحجام بين مختلف القوى السياسية والحزبية، بما يسمح بولادةٍ للحكومة ستكون «قياسية» (أقلّه في العقد الأخير) من حيث الفترة القصيرة الفاصلة بين تكليف الرئيس سعد الحريري في 3 نوفمبر وبين التأليف المرتقب، وهو ما يعكس حرص عون والحريري على الحفاظ على الزخم الذي أعطاه الإفراج عن الانتخابات الرئاسية ثم عودة زعيم «تيار المستقبل» الى رئاسة الوزراء. وشكّل «تنحيف» الحكومة من 30 وزيراً كما كان مقرّراً الى 24 وزيراً على قاعدة «محاكاة» تركيبة حكومة تصريف الأعمال الحالية التي كان شكّلها الرئيس تمام سلام العام 2014، إن لجهة العدد، أو التركيبة السياسية والمناطقية والطائفية والمذهبية، وهو ما سمح بـ «ترشيق» المطالب ولجم الشهية على الاستيزار وتوسيع رقعة التمثيل الحزبي. وانطلاقاً من هذه الصيغة، وبعد تجاوُز العقدة الكبرى التي كانت ترتبط بحزب «القوات اللبنانية» الذي جرى التوافق على منحه حصة وازنة تعوّض عن تخليه عن حقيبة سيادية مقابل إعطائه منصب نائب رئيس الحكومة وحقيبتيْ العدل والإعلام وربما التربية إلا اذا كانت له كلمة في هوية وزير الدفاع الذي سيكون من حصة رئيس الجمهورية، فإن الطريق بات شبه سالك نحو استيلاد الحكومة الاولى لعهد عون، فيما بقيت نقطتان عالقتان كان العمل يجري على تذليلهما: الأولى ترتبط بإصرار تيار «المردة» (يتزعّمه النائب سليمان فرنجية) على التمثل بحقيبة وازنة مدعوماً من رئيس البرلمان نبيه بري و«حزب الله»، على عكس رغبة الثنائي المسيحي الرئيس عون و«القوات اللبنانية»، وسط معلومات عن استعداد الثنائي الشيعي للتخلي عمن حقيبة الأشغال لمصلحة «المردة». والنقطة الثانية ترتبط بتمثيل الدروز والحقيبتان اللتان ستُمنحان لهم، وسط عدم حسْم اذا كان النائب وليد جنبلاط سيتخلى عن أحد المقعدين المخصصين لطائفته من ضمن تشكيلة الـ 24 للنائب طلال ارسلان، في حين برز رفع جنبلاط الصوت اعتراضاً على اقتراح منحه حقيبة الشؤون الاجتماعية بعدما كان في الحكومة الحالية ممثَّلاً بوزارتيْ الصحة (وائل ابو فاعور) والزراعة (أكرم شهيب). وبعدما انطلق جنبلاط من واقع حرمان الطائفة الدرزية من التمثل بحقيبة سيادية حيث «ان كل فريق ينتزع ما يريد بالقوة وممنوع حتى التلميح الى وزارة سيادية التي هي ملك لكبار القوم»، قال: «بعد ان أُفرغت وزارة الشؤون الاجتماعية وأٌغرقت تُعرض علينا، وأعلم ان كلامي قد يعكر مزاج البعض في هذا النهار الجميل، لكن للضرورة أحكام». وختم: «لسنا هواة طواحين الهواء، لذا افضل عدم تحجيمنا وابقائنا في الصحة المستدامة وكوني في الايام المقبلة في مهمة سفر في مركبة لا اتصالات فيها لتفعيل التأمل التصاعدي، أعهد الى وائل ابو فاعور ومروان حمادة مهمة اعادة تصويب الامور وإعطائنا الحد الادنى من الحقوق، والسلام عليكم». علماً ان تغريدات الزعيم الدرزي قوبلت بتأييد من إرسلان وهجوم عنيف من خصمهما في البيت الدرزي الوزير السابق وئام وهاب. وفيما تتركّز الاتصالات على معالجة هاتين النقطتين بالدرجة الاولى، بات مؤكداً ان «حزب الكتائب» سيشارك في الحكومة بوزير، في حين يبقى تمثيل «الحزب السوري القومي الاجتماعي» مرتبطاً بما اذا كان رئيس الجمهورية سيحصل على وزير شيعي من حصته اذ عندها يختار الثنائي الشيعي وزيراً مسيحياً، وسط ربْطٍ يجري ايضاً بين توزير مستشار الحريري، غطاس خوري، وبين إمكان حصول عون على وزير سني من حصته. وفي حين حُسمت حقيبة المال لبري عبر الوزير الحالي علي حسن خليل، على ان تكون من حصة رئيس البرلمان ايضاً حقيبة الأشغال بحال لم يتم التنازل عنها لـ «المردة»، فإن «حزب الله» الذي لا يهتمّ عادة بالحقائب ونوعيتها قد يحصل على العمل وربما الزراعة التي تقتضي بعض الملفات التي تقع ضمن نطاقها تواصلاً مع الجانب السوري يمكن ان يحرج أطرافاً سياسية أخرى. اما «التيار الوطني الحر» (حزب الرئيس عون) فسيُبقي على الخارجية (الوزير جبران باسيل) وعلى الأرجح التربية وحقيبة أخرى لم تُحسم، ليحصل الحريري على «الداخلية» (نهاد المشنوق) وعلى الأرجح «الاتصالات» وحقيبتين إضافيتين. وفي هذه الأثناء، وبعد «الهدنة» التي دعت اليها قيادتا «القوات اللبنانية» و«حزب الكتائب» في اعقاب «الحرب الكلامية» عبر مواقع التواصل الاجتماعي على خلفية الموقف من مشاركة الكتائب في الحكومة رغم عدم انتخابها عون رئيساً، برز الاتصال الذي أجراه رئيس «القوات» سمير جعجع بالرئيس السابق أمين الجميّل وأثنى خلاله على كلام الجميّل بالأمس من القصر الجمهوري حول العلاقة مع «القوات»، مشيراً الى ان «العلاقة الطبيعية بين القوات والكتائب هي القاعدة والخلاف هو الاستثناء فالمنطلقات الفكرية والوطنية التي تجمع القوات والكتائب هي واحدة ويجب أن نحاول دائماً ترجمتها في حركتنا السياسية». وعلى وقع الاستعدادات لولادة الحكومة، كانت زيارة تهنئة بالغة الدلالات قام بها مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان للرئيس عون، مؤكداً «تَطلُّع اللبنانيين إليه لتحقيق دولة قوية، قادرة، حرة، سيدة ومستقلة، فيها مؤسسات وقانون، ويحميها الجيش الوطني (...) وننظر الى عهدكم بتفاؤل ونقدر عاليا ما ورد في خطاب القسم (...) ونتطلع ان نتعاون معكم ومع الرئيس سعد الحريري، وكلنا ثقة انكما ستتوليان ادارة شؤون الدولة بحكمة ودراية وشفافية». ورد عون مؤكداً انه ملتزم تنفيذ ما ورد في خطاب القسم تنفيذا كاملا (...) وفي مقدمة ذلك تثبيت الاستقرار ومكافحة الفساد واصلاح القوانين وتفعيل عمل الادارات والمؤسسات، وكل ما يلزم لقيام الدولة القوية والقادرة والعادلة».

مشاركة :