قبل ظهور نتائج الانتخابات الأميركية بساعات، قال دونالد ترامب: سأتابع النتائج من فوق برج ترامب وانا أطل على أميركا. وكانت جملة توحي بالسطوة والنفوذ. وكأنه يقول أنا فوق وانا تحت. سأكون لحظة إعلان رئيس اميركا الجديد في شقتي العلوية الرئاسية الباذخة في أعلى برجي الفخم. ولعلها الرصاصة التي أعلنت فوزه حتى قبل انتهاء الفرز. فكل هذا المال والنفوذ والهيمنة لا يمكن أن تقف أمامه صامتاً جامداً. والإنسان يعشق العبودية بطبعه. يعشق التبعية والطاعة ولا يعرف العيش من دون صنم. وترامب كان ذلك الصنم للشعب الأميركي، المرهق بالديون والبطالة والافلاس والكوارث البيئية والتاريخية والإنسانية، والتورط في حروب لا شأن له بها وغزو ملايين المهاجرين غير الشرعيين لبلده. جاء ترامب ليطهرهم من كل هذا... فعبدوه، واختاروه. ليس لفكره وأخلاقه وانسانيته، لأنه لا يملك أياً منها، بل لأنه يمثل الحلم الأميركي لهم، الذي ضاع وتاه وأصبح من الصعب العثور عليه مجدداً والإمساك به. ترامب كان المال الذي يحتاجونه وبقايا عصبية وعصرية عميقة مغروسة فيهم... آن أوان انعاشها من جديد. رأينا أثناء الحملة، سوء خلقه وسلوكه وكلامه القاسي والعنف. وكرهه للأقليات من سود ومسلمين وغيرهم والتلويح بطردهم. رأينا كيف سخر من مذيعين وإساءة لمصورين وأفراد. وشاهدنا بامتعاض، كيف قلد أحد ذوي الاحتياجات مستهزئا به. حتى مدير حملته منعه من التغريد بـ «تويتر»، لأن تغريداته مسيئة. إذاً كيف فاز هذا المرشح - الأسوأ على الإطلاق - بالرئاسة؟ ببساطة لأن الناس يخضعون للمال والثروة والسطوة ويعشقون السوط و«الكرباج»، وهو يمثل هذا لهم. لكن الإعلام الأميركي مارس لعبة مغايرة. إذ حول الأنظار لهيلاري كلينتون، متوقعاً فوزها بنسبة 90 في المئة، وكان الجميع يتوقع فوزها. حتى المحللون والخبراء قدموا نظرياتهم واجتهاداتهم المختلفة الموثقة تأكيداً لفوزها. ثم حدثت المفاجأة مع بدء الانتخاب. مالت الكفة له. ويقال انه دفع سراً أموالا طائلة لشراء الأصوات، ويقال ان المخابرات الأميركية انتهت منها كوزيرة خارجية، وسمحت له بالفوز لتحوله كموضوع بحث لها. ولعل آلاف المتظاهرين الذين خرجوا اعتراضاً على نتائج الانتخابات وفوز ترامب، يحتجون أيضا على كذب الإعلام عليهم وتضليل للحقيقة وتزوير التوقعات والتكهنات. دخل العالم مرحلة مظلمة مع فوز ترامب، لا يمكن أن يكون فيها ذرة خير... فاستعدوا للمرحلة المقبلة.
مشاركة :