لو صنّفنا العلماء في هذا الزمان، نرى بينهم الجريء القوي، الذي لا يقول إلا كلمة الحق عند كل ملك أو أمير أو سلطان، ولا شك مصيره السجن والتعذيب عند السلاطين الجائرين. وآخر يسير على قاعدة: «للضرورة أحكام» خشية من ظلم السلطان. ثم الصنف الوضيع الذي يهين نفسه ويخون بلده وأهله؛ وهؤلاء هم علماء السلطان ويطلق عليهم شيوخ البلاط الذين يطيعون ساداتهم ويسيرون خلفهم في كل طريق ويطبِلون لهم في كل مناسبة وحال، ويفتون حسب أهواء السلطان فيحرّمون ما يضره ويبيحون ما يكرهه. فهم يقلبون الأحكام لينالوا رضا الحُكّام، فيغيرون معاني الآيات القرآنية والأحاديث النبوية ويتعدى الأمر إلى تزييف الحقائق التاريخية، فيحرفونها لخدمة مصالح الحُكّام، سواء كانت مصالح داخل أو خارج البلد حتى لو كان هذا لا يتماشى مع مصالح الشعب؛ فإنهم يفرطون في حقوق البلد وأهلها ويدافعون عن الأنظمة حتى لو كانت تدمر أهلهم وأفراد مجتمعهم ولا يلتفتون إلى مصلحة الأمة، وإنما الأمر كله لمصلحة الحكام لينالوا بعضاً من مصالح دنيوية وكل ما يفتح لهم أبواب العز والمال. ومن جانب آخر، هي وسيلة للشهرة والصيت وأن يشار إليه في كل مكان وأن يكون هو حديث المجالس؛ وبالفعل قد حصلوا على الشهرة والمال وصاروا عند البسطاء خبراء في كل شؤون الدين والدنيا ومتحدثين رسميين باسم الشعب لخبرتهم الواسعة في تمثيل دور المفتي الشرعي والمحلل السياسي فيتكلمون بما يأمرهم به القادة والأمراء الظَلمة، وهم الذين وصفهم رسولنا الكريم في قوله عليه الصلاة والسلام: «يكون في آخر الزمان أمراء ظلمة ووزراء فسقة وقضاة خونة وفقهاء كذبة». وفي حديث آخر: «سيكون بعدي أمراء، فمن دخل عليهم فصدقهم بكذبهم، وأعانهم على ظلمهم، فليس مني، ولست منه...». وها نحن نعيش في زمن كثر فيه الملوك الظلمة، والعلماء الذين ينحنون لهم ويقولون سمعاً وطاعة، ولا ينطقون بحرفٍ إلا بإشارة من الحاكم، وحديثهم في حدود ما يريد، حتى لو أدى ذلك إلى ضياع أمتهم، وهم الذين حذر منهم رسولنا الكريم وخاف على أمته منهم لما يشكلون من خطر عظيم على الإسلام والمسلمين بتزييفهم للعلم، حين قال: «إنما أخاف على أمتي الأئمة المضلين». aalsenan@hotmail.com aaalsenan @
مشاركة :