قضت محكمة مصرية أمس بحبس نقيب الصحافيين يحيى قلاش والأمين العام للنقابة جمال عبدالرحيم ووكيلها خالد البلشي لمدة عامين مع الشغل لكل منهم، لإدانتهم بـ «إيواء عناصر صادر بحقهم أمر قضائي بالضبط والإحضار». ومثَّل الحكم سابقة في تاريخ نقابة الصحافيين في مصر، كونها المرة الأولى على الإطلاق التي يصدر فيها حكم قضائي بحبس نقيب الصحافيين أثناء ولايته. وقضت محكمة جنح قصر النيل برئاسة القاضي أحمد أبو العطا بمعاقبة قلاش وعبدالرحيم والبلشي بالحبس لكل منهم لمدة سنتين مع الشغل، وحددت كفالة مالية ١٠ آلاف جنيه لكل منهم لإيقاف تنفيذ الحكم موقتاً إلى حين الفصل في الاستئناف الذي سيقدم منهم على العقوبة، بعدما دانتهم بـ «إيواء عناصر صادر بحقهم أمر قضائي بالضبط والإحضار في جنايات وجنح معاقب عليها قانوناً»، وهما الصحافي عمرو بدر والمدوّن محمود السقا اللذان ألقي القبض عليهما من داخل مقر نقابة الصحافيين في مطلع شهر أيار (مايو) الماضي. وبدر والسقا اتهما بالتظاهر من دون تصريح والتحريض على العنف، على خلفية الاحتجاجات التي اندلعت ضد اتفاق ترسيم الحدود بين مصر والسعودية الذي آلت بمقتضاه السيادة على جزيرتي تيران وصنافير إلى السعودية. ولاذ بدر والسقا بنقابة الصحافيين بعد صدور أمر بتوقيفهما، ودهمت قوة من الشرطة مقر النقابة، في سابقة أيضاً لم تحدث من قبل، وأوقفتهما. وقال قلاش حينها إنه كان يُجري اتصالات مع مسؤولين لتسليم الصحافي والمدوّن إلى سلطات التحقيق. ولم يحضر قادة نقابة الصحافيين جلسة المحاكمة أمس، ولا يوجب القانون حضور المتهمين جلسة النطق بالحكم لمحاكم الجنح في الدرجة الأولى. ويُلزم القانون المحكومين بدفع الكفالة المالية لوقف تنفيذ العقوبة وإلا تم توقيفهم، ويُمهلهم 10 أيام من تاريخ صدور الحُكم للاستئناف عليه أمام محكمة الجنح المستأنفة لإلغاء الحكم بالإدانة، لكن سيكون المثول أمام المحكمة الاستئنافية وجوبياً أثناء نظر الجلسات. وكانت النيابة العامة أحالت قلاش وعبدالرحيم والبلشي على المحاكمة الجنائية أمام محكمة الجنح، في ختام التحقيقات التي أجريت معهم أواخر شهر أيار (مايو) الماضي، ووجهت إليهم أيضاً تهم نشر أخبار وبيانات كاذبة تشير إلى اقتحام مأموري الضبط القضائي القائمين بتنفيذ أوامر الضبط والإحضار (الشرطة) مقر نقابة الصحافيين. وكانت نقابة الصحافيين قدّمت بلاغات ضد وزير الداخلية اللواء مجدي عبدالغفار وقيادات الأمن في محافظة القاهرة، على خلفية دهم الشرطة مقر النقابة وأيضاً حصارها أثناء انعقاد جمعية عمومية رداً على واقعة الدهم، لكن لم يُعرف مصير تلك البلاغات. وعقد مجلس نقابة الصحافيين أمس اجتماعاً طارئاً لبحث سبل الرد على هذا الحكم غير المسبوق. وأوضح نقيب الصحافيين يحيى قلاش في تصريحات من مقر النقابة قبل الاجتماع أنه وزميليه يعتزمان الطعن على الحكم. وقال إنه يرفض التعليق على أحكام القضاء، لكنه اعتبر أن النقابة وقادتها مستهدفون، مشدداً على أنه وزميليه لم يرتكبوا جرائم يستحقون عليها العقاب. وقال: «نحن مجني علينا وعلى كياننا النقابي الذي اقتحم للمرة الأولى في التاريخ… المستهدف الحقيقي ليس شخص النقيب أو أعضاء المجلس ولكن الكيان النقابي وحرية الصحافة في مصر». وأشار قلاش إلى أن مجلس النقابة سيتشاور مع أعضاء الجمعية العمومية لبحث «القرارات المناسبة». وقال: «الدولة تتعامل مع نقيب الصحافيين كأنه مجرم في مؤسسة مجرمة تستحق العقاب». وانتقد كتاب كبار وأدباء الحكم بحبس قادة النقابة في تدوينات على مواقع التواصل الاجتماعي. وقال المرشح السابق لرئاسة الجمهورية عضو النقابة حمدين صباحي في تدوينة: «مصر تنتقل من اللامقبول إلى اللامعقول. هذا هو الحال في ضوء الحكم على نقيب الصحافيين وقيادات مجلس النقابة بتهمة ملفقة، وإن صحت فهي شرفهم الإنساني وواجبهم النقابي وامتحانهم الأخلاقي الذي نجحوا فيه بجدارة تليق بهم وبنقابة الرأى العريقة. سنبقى مع وطننا ونقابتنا ونقيبنا حتى سيادة العقل والعدل والحرية». وتجمّع عشرات الصحافيين أمام مقر النقابة أمس فور صدور الحكم، بانتظار صدور قرارات مجلس النقابة. ودعا صحافيون إلى وقفة احتجاجية مساء، وسط استنفار أمني لافت في محيط النقابة. من جهة أخرى، قضت دائرة معنية بقضايا الإرهاب في محكمة شمال الجيزة بسجن المذيعين في قناتي «الشرق» و «وطن» التابعتين لجماعة «الإخوان المسلمين» وتبثان من تركيا محمد ناصر ومعتز مطر وهشام عبدالله بالسجن لمدة 3 سنوات، لإدانتهم بنشر أخبار كاذبة من شأنها الإضرار بالسلم الأهلي والأمن القومي، والتحريض على العنف واستهداف مؤسسات الدولة.
مشاركة :