قصائد نسوية قصيرة خارجة من ألوان غامضة بقلم: زكي الصدير

  • 11/21/2016
  • 00:00
  • 8
  • 0
  • 0
news-picture

الشاعرة البحرينية فاطمة محسن في حوار حول تجربتها الشعرية التشكيلية، وحول بعض القضايا الثقافية في البحرين. العربزكي الصدير [نُشرفي2016/11/21، العدد: 10462، ص(15)] الشعر شهقة أرواحنا أصدرت الشاعرة البحرينية فاطمة محسن مؤخرا مجموعتها الجديدة “أخبئه كي لا ينبض”، وتأتي هذه المجموعة بعد مجموعتين شعريتين “أسقط منك واقفة” عام 2006، و “يرقصان على جنوني” عام 2010. وبين يديها الآن مجموعة تشتغل عليها ربما ترى النور قريباً بعنوان “قميص يغرق البحر”. أخبئه كي لا ينبض مجموعة “أخبئه كي لا ينبض”، الصادرة عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر في بيروت بالتعاون مع مركز عبدالرحمن كانو الثقافي بالبحرين، نص شعري مشترك مع رسومات للفنان التشكيلي البحريني حامد البوسطة، مع ترجمة للنص باللغة الإنكليزية قدّمها غريب عوض، حيث تجاورت النصوص مع اللوحات ضمن تشاكلية واختلافات الأسئلة التي تستجلبها الألوان، أو تلك التي يقدمها الشعر في آن واحد حيال خيبات الحياة وانتكاساتها في حياة الإنسان المستوحش بالعزلة وبالجماعة في آن واحد. فالقارئ للمجموعة يستحضر اللوحة قبالة الشعر، وأحيانا الشعر قبالة اللوحة كنص مواز. تحدّثنا فاطمة محسن عن تجربة “أخبئه كي لا ينبض” قائلة “هو نتيجة لتعاشق الفنون ببعضها الشعر واللون والترجمة حيث تم بناء النصوص على اختزال اللوحة بكل غموضها وسحر ألوانها في نصوص قصيرة أبدع المترجم في إيصال معناها للغة أخرى”. وتضيف “أحيانا تكون الصدف خير معين لك لتخرج شيئا داخلك. لطالما أحببت التشكيل، وتتبعت اللوحات بشغف كبير، لكنني كنت أبقى مأخوذة بفك الغموض الذي يلف بعض اللوحات، فأقف كثيرا أمام اللوحة في محاولة لتفكيك بعض طلاسمها. وقد أتاحت لي لوحات حامد البوسطة الدخول في هذه المتاهة، حيث أسرتني إحدى لوحاته على الفيسبوك وشدني غموضها، فكان السؤال الملِح ‘ماذا يريد أن يقول هذا الحامد؟‘. فنسختها، ووضعتها على شاشة جهاز الكمبيوتر، وقفت أمامها كثيرا، بعدها، بدأت أرى غموض هذه اللوحة واضحا جليا مقروءا، كأن اللوحة تأخذني إليها لابتكار خطة ما لاجتياز الطريق والخروج من المتاهة، ثم أصبحت أبواب التأويل مفتوحة لهذه النصوص خاصة مع القراءة والبحث وامتلأ القلب هوسا. ما أريد الإشارة إليه هو أنني عندما تهت أمام اللون والخطوط الفنية وجدت أبوابا كثيرة مفتوحة استضافتني وأضافت لي الكثير من المعرفة عن الفن التشكيلي،عن اللون، وعن هذا العالم المليء بالألق”. كمثقفين نحتاج إلى الوقوف مع أنفسنا نحدثها بعقل بعيدا عن الأهواء والانتماءات للخروج من الزاوية التي وضعنا فيها قسّمت فاطمة محسن مجموعتها إلى ثلاث لوحات شعرية (تشكيلية) هي: “من أين يأتي هذا العزف”، و”هكذا ثرثر قلبي”، و”أرقص مع الريح”، فكانت مثل العتبة النصية لتأويل العالم الذي تشتغل فيه. وعن ذلك تعلّق الشاعرة “تقوم النصوص على رؤية منبثقة من اللوحة، قام حامد بتقسيم اللوحات حسب ارتباطها بتجربة واحدة ومزاج معين. وعليه، لا نستطيع أن نفصل بين التجربتين في التقسيم، فالنصوص تدل على اختلاجات القلب منعكسة على تبلور النص في اللوحة، فالعتبة التي نصعدها مع النصوص هي عتبة الخاص من الحب، فمن أين أتى هذا العزف والجمال عندما ثرثر قلبي صعودا إلى عتبة العام، حيث الحرية والرقص مع الريح”. مرّت شاعرتنا بتجربة المرض لسنوات، هذا المرض الذي أخذ منها وأعطاها الكثير كان ملهمها لعوالم جديدة في الكتابة، لم تكن لتجربها لولا هذا الألم المفاجئ الذي سكنها، حيث النهايات تصبح بدايات، والبدايات مجرد بوابات للنهايات، وهكذا يلتف الشاعر في عوالم من السوداوية والبياض في آن واحد، ليجد نفسه في دوامة من الحيرة. تساءلنا مع ضيفتنا، هل كان الشعر خلاصها في تلك الرحلة، أم أنها كفرت به، حين لم تشعر بجدواه؟ تجيب محسن “لا يمكن أن أكفر بالشعر، كيف نكفر بالحياة، لطالما كان الشعر صديقي في كل أزماتي، حين ترهق روحي أمسك الكتاب وأقرأ بصوت مرتفع، تتدفق دموعي غزيرة مع القراءة. أغسل كل ما يعتري هذه الروح بالشعر وقوته، لكنه هذه المرة وفي فترة المرض التي كانت عصيبة، كان ممكنا للشعر أن يكون الصديق لولا أنني لم أكن أستطيع القراءة بسبب تأثير الأدوية على عينيَ، كنت أستمع للشعر ولكن بشكل قليل، لأن المزاج العام كان صعبا. بإمكاني أن أصف تلك الفترة كدخول المارد في قمقم الساحر، إلا أنه لا تعويذة تخرجك من هذا القمقم، هذا الحبس الإجباري جعلني أفكر كثيرا، أفكر فقط. كنت عصبية المزاج، كان البكاء هو قصيدتي، والصبر صديقي الوحيد، تستطيع أن تقول إنها فترة تأمل وإعادة أولويات، فترة تستحق مني الكتابة عنها بشكل أفضل لولا أنني أهرب منها ومن آثارها”. النصوص تقوم على اختزال اللوحات التشكيلية أسرة الأدباء والكتاب تعرضت أسرة الأدباء والكتاب البحرينيين لحملة استقالات جماعية من قبل أعضائها بعد أحداث 14 فبراير التي أتت متزامنة مع الربيع العربي، ويرى بعض المراقبين أنها انعكست على الحالة الثقافية في البحرين بشكل واضح، ولا يمكن حل هذه المشكلة إلا عبر مواجهتها، وضيفتنا فاطمة محسن عضو في الأسرة، هذه الأسرة الحميمة التي كانت منذ سنوات طويلة تلملم المثقفين البحرينيين والعرب تحت أروقتها في محافلها وندواتها وفعالياتها. فهل كانت ضيفتنا ترى أنه بالإمكان خلق هوية جامعة للمثقف البحريني بتعدد أطيافه وانتماءاته بعد نهاية رياح الربيع العربي؟ تجيب فاطمة محسن “مازلت عضوا في أسرة الأدباء، لم ولن أستقيل منها، وبعيدا عن المواقف، فأنا ضد هذا المبدأ منذ البداية، إنه وطني، وهل نستقيل من أوطاننا. يمكننا أن نخلق هوية جامعة للمثقف البحريني لكننا نحتاج لبعض الوقت، نحن في فترة نقاهة، فترة نطهر فيها قلوبنا مما غشيها، فما حدث أخرج أسوأ ما فينا، وكشفنا أمام أنفسنا قبل الآخرين”. وتتابع “للأسف ظهرت كل أمراضنا الثقافية (ولا أستثني نفسي مما أقول) بشكل واضح ومخيف، نحتاج أن نقف مع أنفسنا نحدثها بعقل بعيدا عن الأهواء والانتماءات، نهزها ونصدق معها، نحن اليوم مشتتون، جماعات، شلل، بائسون نحاول أن نخرج من الزاوية التي وضِعنا فيها أو وضَعنا أنفسنا فيها، علينا أن نكف عن ضرب بعضنا، ولن أكون رومانسية كعادتي وأقول لنحب بعضنا ولنتسامح، بل سأقول لنحب أنفسنا ونقرأ المزيد من الشعر ربما نستطيع أن نبرأ مما بنا”. وتضيف فاطمة محسن في ذات الشأن “الثقافة والكتابة بين حرية وإبداع، الشعر هو شهقة أرواحنا، إن كنا مهمومين بالسياسي فسيظهر في نصوصنا لا نستطيع أن نعزله، كما لا يستطيع العاشق ألا يكتب عن معشوقته، الكتابة هي ما نحب ونؤمن ونتعاطى معه ونعتقده من أفكار، الكتابة حياة بكل ما فيها. وبما أن الحياة متغيرة فكل ما فيها قابل للتغيير. والسياسة أكثر المتغيرات في حياتنا، لذا أنا منحازة للشعر أكثر، منحازة للحرية، وللتجرد من كل القيود، أغني فقط لحريتي الداخلية، لا أسير وفق فرض سياسي ولا ديني، فالكتابة هي أن نتعرى إلا من أرواحنا، المهم هو ألا نكون بوقا لأحد، لا لحزب ولا لجماعة ولا لطائفة، المهم أن نسمع الناس صوتنا لا صوتهم”. :: اقرأ أيضاً ماذا يفعل الشعر بكل هذا القبح في العالم كتاب يدرس دور الدراما وعلاقاتها بالتاريخ الفرنسي فرنان يبحث في أصول الفكر الإغريقي وتحولاته زنزانة تتحول إلى ورشة للفن الدرامي في مسرحية التمثيل

مشاركة :