إيمان الجشي تحول الخط العربي إلى سيمفونية ألوان بقلم: زكي الصدير

  • 5/12/2017
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

إيمان الجشي تحول الخط العربي إلى سيمفونية ألوانأقامت إيمان الجشي ستة معارض تشكيلية سابقة داخل وخارج وطنها السعودية، واعتمدت في معرضها الحالي “نقطة” على مجموعة من التقنيات ضمن النشاط الفني المعاصر، تصب في تناول الحرف العربي جماليا، ووضعه في صيغة وإيقاعات شمولية في العمل الفني، وقد تمّ تنفيذ ذلك بطريقة لصق العناصر البصرية كالكولاج، ومعالجة السطوح بين الغائر والبارز، فتدخل النقطة لعلاقتها وارتباطها بالحرف العربي، لتكشف المسافة الواقعة بين النقطة والحرف بانسيابية وإيقاع منسجم.العرب زكي الصدير [نُشر في 2017/05/12، العدد: 10630، ص(17)]النقطة بداية ونهاية عند إيمان الجشي الخبر (السعودية) - ضمن معرضها الشخصي السابع المعنون بـ”نقطة” يواجه الزائر لصالة “تراث الصحراء” بالخبر (شرق السعودية) بعملين تركيبيين للفنانة السعودية إيمان الجشي، تركت الأول متوسطا على الأرض لتلفت المتلقين إلى فكرة “النقطة” الملقاة على قارعة الطريق كسؤال كوني لا يمكن أن تجتازه دون الوقوف بين يديه. بينما عبّر العمل الثاني الذي أطلقت عليه “خارطة من نوع آخر” عن الحياة وعن العالم، وكأنها تعيد تشكيل الكون وفق رؤيتها الفنية الخاصة، وبرفقة هذين العملين علّقت على جدران الغاليري 83 لوحة تشكيلية ذات أحجام ومستويات لونية مختلفة، ويأتي هذا المعرض بعد معرضها “رؤى” الذي قدمته عام 2012. عناية الجشي الفائقة بتجربتها دفعتها للسفر إلى بريطانيا من أجل دراسة بعض التقنيات الفنية التي قدّمتها في معرضها الأخير “نقطة”، وذلك على أيدي فنانين متخصصين هناك، فاللوحات رغم أن جميعها جاءت بألوان الأكريليك على ورق كانفاس مستخدمة في بعضها تقنية الكولاج، إلا أن طريقة استخدام الخامات كانت مدروسة بوعي كبير، حيث يأتي الكولاج منسجما مع بقية مكوّنات العمل بطريقة لا تمكن مشاهدته كعنصر شاذ أو كخامة طارئة على اللوحة، الأمر الذي لفت الفنانين التشكيليين المشاهدين للأعمال، حيث وقفوا متسائلين عن طبيعة التقنية المستخدمة. وضمن هذا السياق تؤكد الجشي على ضرورة ألا يقدّم الفنان دلالات للمتلقي على طبق من ذهب، وإنما عليه أن يقدّم عمله تاركا التأويل باختلاف مستوياته للقراءات المفتوحة أثناء مشاهدة اللوحة والتفاعل اللحظي معها. وتقول الجشي “هذا المعرض هو سلسلة وامتداد للمعارض السابقة، وفي الأساس ما زلت في مجال الحروفيات، ولكن الاختلاف التقني بين هذا المعرض وبين التجربة السابقة أنني أحببت أن أخرج عن النمط السابق عبر طريقة توظيف الحروف في العمل الفني، من خلال الاشتغال على تقنيات مختلفة بإضافة أفكار ومواد جديدة لم أكن أستخدمها من قبل، فلم تكن الحروف واضحة في تجربتي السابقة مثل وضوحها هنا عبر اشتغال واع بتشكلات الحرف وأسراره بطريقة مختلفة عمّا هو دارج في الساحة التشكيلية”.النقطة هي الأساس لكل شيء في معرض “نقطة” لم تكرر الفنانة السعودية تجاربها السابقة، بقدر رغبتها في تطوير التجربة بقالب جديد يخصها وحدها، وتقول “أيضا الألوان التي اشتغلت عليها ألوان مختلفة، إذ كانت اشتغالاتي السابقة على الألوان صريحة وفرائحية بينما هنا جاءت كاتمة ومطفية، بسلاسة موسيقية متناغمة مع الكتل اللونية في اللوحة بأكملها، وأترك التأويل هنا للمتلقي الذي يمكن أن يفكك ما يريد من دلالات جديدة يعيد صياغتها بنفسه”. وفي حديثها مع “العرب” حول فلسفة معرضها تقف الجشي في تصورها للنقطة مع الفلاسفة والمتصوفين، حيث ترى فيها وعيا كونيا من الممكن تشخيصه من خلال مشروعها الفني، إذ ترى في النقطة بداية ونهاية تكوّن كل شيء، فهي البدايات والنهايات للإنسان والحيوان والنبات، وكل شيء نراه أو لا نراه. وتقول “من هنا تولّدت لديّ فكرة المعرض ‘نقطة’ وتوظيف الحروفيات لخدمة هذه الفكرة، فالحروف تتكوّن في حقيقتها من مجموعة نقاط تشكّل هندستها، ومتى أخطأت في العدد أخطأت في التكوين، إن هذه الفكرة معقّدة ودقيقة وأجد أن الفن كله مستوحى من هذا المعنى الوجودي العميق المنطوي تحته”. وتتابع إيمان الجشي في الشأن ذاته “النقطة هي الأساس لكل شيء، والقراءة متاحة للجميع، إذ يمكن أن تعبّر النقطة في اللوحات عن المرأة، ويمكن أن تكون إنسانا، ومن الممكن أن تكون حالة، ومن الممكن أيضا قراءتها بتصورات ودلالات مختلفة تعتمد على ثقافة المتلقي وقدرته على توليد ما يراه في اللوحة”.

مشاركة :