تتواصل الأنشطة المصاحبة التي تقام على هامش الدورة الحادية والأربعين لمعرض الكويت الدولي للكتاب، من خلال محاضرة «التبادل الثقافي والتعايش الإنساني.. الترجمة في أميركا اللاتينية أنموذجا» قدمها المترجم العربي صالح علماني وأدارها أستاذ الأدب في جامعة الكويت الدكتور فهد المطيري. تحدث علماني في المحاضرة عن أفول نجم الحضارة في بلاد الأندلس وسقوط غرناطة في يد الإسبان، وقال: «كانت الشرارة التي أطلقت طموحات الإمبراطورية الإسبانية في الاستعمار والتوسع، حيث تمكن البحارة الاسبان في تلك الفترة بقيادة كريستوفر كولمبوس من القيام بمغامرات كبيرة، ورحلات طويلة نتج عنها اكتشاف العالم الجديد، وأول منطقتين تم اكتشافهما جزيرتا الدومينيكان وهاييتي، وكعادة أي مستعمر شرع الإسبان الفاتحون في الاستحواذ على البلدان والمناطق التي فتحوها، بإبادة سكانها وقهرهم، ومحاولة إلغاء ثقافتهم ومعتقداتهم وأفكارهم وحتى حضارتهم ولغتهم، واستبدالها بكل ما هو إسباني النشأة والنزعة، وواجه الإسبان في فتحهم للعالم الجديد مشكلة عدم فهم لغة السكان الأصليين لأمريكا وهم الهنود الحمر، وهو ما زاد من وتيرة القمع والمواجهة لهم، وقام أحد زعماء سكان جزيرة هاييتي من الهنود بأولى حركات التمرد والثورة ضد المستعمر الإسباني، وانتهت بفشله وهروبه إلى كوبا التي لم تكن مستعمرة بعد من قبل الإسبان، الذين قاموا باعتقاله وإحراقه بعد استعمارهم لكوبا. وأضاف:»توسعت الإمبراطورية الإسبانية في فتوحاتها بقارة أميركا ووصلت إلى المكسيك التي احتوت أكثر من حضارة لشعوب المايا والانكا والأزيتيك، وبدأ تحديدا من الجنوب المكسيكي أول مغامرة للترجمة على يد سيدة مكسيكية تدعى مالانشيه، تحالفت مع الفاتح الإسباني في ذلك الوقت ارلين كورتيس لكرهها لشعبها، الذي حولها من أميرة إلى إنسانة عادية بعد وفاة والدها، وزواج والدتها من آخر، وكانت مالانشيه تتقن لغتي المايا والأزيتيك وتعلمت بعد تحالفها مع الإسبان اللغة الإسبانية، وساعدتهم في فرض لغتهم على العالم الجديد الذي تنتمي إليه من جهة، ومحو كل اللغات الأخرى في البلدان والمناطق اللاتينية المحتلة من جهة أخرى، لتصبح الإسبانية بعد عقود من الاستعمار اللغة الرسمية لأكثر من 21 دولة في أميركا اللاتينية». وأوضح علماني أنه مع نهاية القرن الثامن عشر وبداية القرن التاسع عشر اشتدت الرغبة في التحرر من الاستعمار الإسباني، وظهرت حركات ثورية مناهضة له كان أولها حركة القائد سيمون بوليفار، ونجح الكثير منها في التحرر من قيود الاستعمار الإسباني، لتتشكل في ما بعد دول جديدة بهوية خاصة وآداب وطرق تفكير مختلفة عما كان معروفا في عهد الاستعمار الإسباني، وظهرت أول حركة تأثير أميركة لاتينية على المستوى المعاكس للاتجاهات الفكرية الإسبانية في نيكاراغوا على يد الشاعر غابيلا ميسترال، غير أن مسيرة التجديد الحقيقية في القصة القصيرة بدأت مع قصص هوراسيه كيروغا، أحد أبرز ملهمي الروح التجديدية في الإنتاج الأدبي الإسبانو الأميركي، مشيرا إلى أن أعمال وإبداعات الكتاب اللاتينيين أمثال كيروغا، وبورخيس واستورياس وكاربينتيير مهدت لانطلاق حركة الواقعية السحرية التي تعد علامة فارقة في تاريخ الأدب اللاتيني، وهي حركة تبحث عن الواقع الخاص من خلال الطبيعة والأسطورة والتاريخ، لتأكيد الأصالة والتوحد، وقد شكل كتابها وعلى رأسهم غارسيا ماركيز منحى جديدا في صنوف الأدب المختلفة برز عالميا ونافس كتاب أمريكا نفسها.
مشاركة :