رحل المترجم صالح علماني (1949 ــ 2019) وهو صاحب أهم وأكثر الترجمات عن اللغة الإسبانية والأثر الكبير على الأدب العربي المعاصر.ويعرف جمهور القراء العرب علماني بأنه علامة الجدارة والجودة لأي كتاب يحمل اسمه، رواية كانت أو مسرحية قصيرة أو مجموعة قصصية أو قصائد أو سيرة حياة أحد الكتاب.وأعلن زوج ابنته جهاد بزلميط، عبر حسابه الرسمي على فيسبوك، خبر وفاة علماني عن عمر يناهز 70 عاما قائلا "يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضيه مرضية وادخلي في عبادي وادخلي جنتي.. ببالغ الحزن والأسى تلقينا صباح اليوم وفاة عمي والد زوجتي المترجم والأديب الكبير الأستاذ صالح علماني في إسبانيا سائلين المولى أن يتغمد الفقيد بواسع رحمته".ولد صالح علماني الفلسطيني الأصل عام 1949 في مدينة حمص السورية، ونشأ فيها حيث أمضى معظم سنوات طفولته.وبدأ عمله في وكالة الأنباء الفلسطينية، ثم أصبح مترجماً في السفارة الكوبية بدمشق، كما عمل في وزارة الثقافة السورية بمديرية التأليف والترجمة، ثم الهيئة العامة السورية للكتاب إلى أن بلغ سن التقاعد عام 2009، تم منحه وسام الثقافة والعلوم والفنون من محمود عباس رئيس السلطة الفلسطينية عام 2014.وأثرت ترجمات علماني ونصوصه المختارة لأدباء أمريكا اللاتينية على السرد العربي، إذ نلحظ ذلك في الكثير من الأعمال الإبداعية العربية، التي تأثرت بأدب أمريكا اللاتينية، خاصة أن علماني كان ينحت بعض العبارات لغوياً، والتشبيهات التي تتسم بطابعها العجائبي.ورغم وجود العديد ممن ترجموا أعمالاً لمبدعي الواقعية السحرية عن الإسبانية والبرتغالية، غير أن علماني ظل محتفظاً بنبرة متميزة، حتى صار اسمه دليلا على جودة العمل المترجم وأهميته.ويعد صالح علماني من أبرز المترجمين العرب للأدب الإسباني، فهو صاحب الفضل في ترجمة أبرز كلاسيكيات الأعمال الإسبانية للعربية، إذ ترجم ما يزيد على 100 عمل عن الإسبانية، خلال أكثر من 30 عاماً.وعرف مجتمع القراء العرب بأعمال كل من جابرييل جارسيا ماركيز، ماريو فارجاس يوسا، إدواردو جاليانو، إيزابيل اليندي، خوزيه سارماجو، إدواردو ميندوثا، ميجيل أنخل أستورياس، أنطونيو سكارميتا، وخوان رولفو.وفي حديث صحفي آخر، كشف علماني عن سر هذه اللغة الحميمة والدافئة والمتمكنة التي يترجم بها قائلا "أولا قراءاتي الواسعة منذ طفولتي المبكرة، والشيء الأهم وغير المعروف عن نشأتي وحياتي الخاصة أن والدي الراحل كان حكاءً بارعا، ونحن أطفال كنا نتشاجر مع أطفال أقرباء أو جيران لنا عندما يذهب أبي للسهر لديهم، نتشاجر أيضا أين سيسهر أبي في ليالي الشتاء، لأن الجميع لا يريد أن يفقد متعة الجلوس إليه والاستماع إلى قصصه وحكاياته وأحاديثه، وهو مجرد فلاح أمي".وأكد علماني أن سبب كثرة ترجماته عن اللغة الإسبانية يرجع إلى إتقانه لها "أظن أن اللغات كلها حميمية، لكن اللغة الإسبانية لها نكهة خاصة جدا جدا، أولا الكم الهائل الموجود من اللغة العربية في هذه اللغة يدفعك إلى البحث، والتحولات التي طرأت على الكلمات العربية في اللغة الإسبانية، هناك حوالي 4 آلاف كلمة منمن أصول عربية".تم تكريم علماني في الكثير من المنتديات والمحافل، إذ كرّمه اتحاد الأدباء والكتاب العرب في مدينة طنجة المغربية عام 2015، وفي العام نفسه حصل على جائزة خيراردو دي كريمونا الدولية للترجمة.وتنعى النقابة العامة لاتحاد كتاب مصر، برئاسة الشاعر الكبير الدكتور علاء عبد الهادى، المترجم صالح علمانى . وقال الدكتور علاء عبد الهادى، "أمضى الراحل أكثر من 30 عاما في خدمة الأدب اللاتيني وترجمته إلى قراء العربية، ويعد من أشهر من ترجم أعمال جابرييل جارثيا ماركيز، اريو بارجاس يوسا، إيزابيل الليندي، وجوزيه ساراماجو، مما جعل عددا كبيرا من القراء على مر العصور فى التواصل مع هؤلاء الكتاب الكبار"، وأضاف "تعد ترجماته جسرًا هامًا لوصول الآداب اللاتينى إلى جمهور عريض، حتى أصبح اسمه لا يقل أهمية عن كاتب الرواية المترجمة ذاتها".
مشاركة :