وقعت المفاجأة وتم انتخاب دونالد ترامب.. وأضحى هذا الانتصار بمثابة زلزال اجتماعي وسياسي، ونزلت بعض الولايات الأميركية إلى الشارع للتعبير عن رفضها لهذا الاختيار.. ولعل وصول ترامب إلى الرئاسة في الولايات المتحدة الأميركية يثير الكثير من الأسئلة التي تتعلق بمستقبل الولايات المتحدة الأميركية بوصول رئيس أميركي جديد، عبر في بعض خطاباته الانتخابية عن حالة من العداء إلى الأميركيين اللاتينيين وإلى المسلمين. ولأول مرة على حد علمي يصل إلى سدة الرئاسة في أميركا، رئيس عبر خطاب يختلف فيه عن بعض قواعد الولايات المتحدة الأميركية. ولعل السؤال الأساسي في هذا الصدد، هل سيستمر الرئيس ترامب في خطابه إلى بعض الأميركيين، أم وصوله إلى الرئاسة سيتطلب منه خطابا أكثر اتزاناً واقتراباً وانسجاماً مع القيم الأميركية الأساسية؟ وهل الإستراتيجية الأميركية التي يتبعها الرئيس ترامب ستتغير بما يراعي الخطاب الانتخابي الذي عبر عنه ترامب؟ يبدو أن أي رئيس لأميركا، مهما كانت أولوياته وقناعاته السياسية والاقتصادية والدفاعية، إلا أنه معني بطبيعة مصالح الشركات الاقتصادية وشركات السلاح في أميركا.. يبدو أن أي رئيس لأميركا، مهما كانت أولوياته وقناعاته السياسية والاقتصادية والدفاعية، إلا أنه معني بطبيعة مصالح الشركات الاقتصادية وشركات السلاح في أميركا.. وهي شركات ومصالح كبرى، يهمها بالدرجة الأولى استمرار أسواق بيع ما تنتجه الشركات الأميركية.. لذلك نعتقد أن بعض عناصر الخطاب الانتخابي الذي عبر عنه الرئيس ترامب في زمن الانتخابات، سيكون مصيره النسيان.. ولعلنا لا نضيف جديداً حين القول: إن وصول ترامب إلى الرئاسة في الولايات المتحدة الأميركية، يؤكد أن ثمة تباينا بين القيم الأميركية الليبرالية وبين هامش العنصرية وحالة العداء المستبطن الذي تمارسه بعض الدوائر الأميركية تجاه بعض الأميركيين بما فيهم المسلمون.. وحين تحليل هذه المسألة بشكل عميق، سنكتشف أن أحداث ١١ سبتمبر أفضت إلى جرح عميق في الشخصية الأميركية.. وإن بعض التداعيات التي يشهدها المجتمع الأميركي هي تعود في جوهرها إلى حادثة سبتمبر، وإن هذا الهجوم الإرهابي، ما زال يمارس تأثيره على الذهنية الأميركية.. وإن وصول ترامب إلى سدة الرئاسة، يعود في أحد أبعاده إلى طبيعة الآثار التي تركتها تلك الحادثة على المجتمع الأميركي. ولعل الشعار الذي حمله ترامب في حملته الانتخابية (أميركا أولاً) يعود في بعض أولوياته وهواجسه إلى أحداث أيلول السالفة الذكر.. فالتراجع الذي تبديه دوائر الحكم في أميركا عن قيادة العالم، وإبداء الاهتمام الحقيقي بأميركا أولاً، هو إحدى الإجابات التي تقدمها بعض الدوائر الأميركية كرد فعل على الحادث الشنيع في أيلول ٢٠٠١ م. ويبدو أن الرئيس ترامب سيواجه في المرحلة الأولى من حكمه، حالة من التناوب أو الصراع بين قيادة أميركا للعالم وهذا يتطلب منه أدواراً ومسؤوليات ومبادرات، وبين الشعار الذي حمله في حملته الانتخابية (أميركا أولاً).. فالتأرجح بين قيادة العالم وبين أميركا أولاً، هو الذي سيبرز في المرحلة الأولى من حكم الرئيس دونالد ترامب في أميركا والعالم. بمعنى أن هذا التأرجح سيكون هو السمة الأساسية لحكم ترامب.. وهذا التأرجح يعود إلى طبيعة التراجع الذي تعيشه الولايات المتحدة وعودة صعود بعض القوى الدولية على المستويين السياسي والاقتصادي.. ولعل هذه النقطة هي الجوهرية التي تجعل من وصول ترامب إلى الحكم في أميركا هي المفاجأة.. ويبدو أن الرئيس ترامب لن يتمكن من منع المهاجرين إلى أميركا، وإنما سيغير بعض المزاج الأميركي على هذا الصعيد. وعلى مستوى الشرق الأوسط سنجد مستوى من التناغم والانسجام بين الرئيس ترامب مع رئيس وزراء العدو الصهيوني نتنياهو، مما يجعلنا نتوقع أن القضية الفلسطينية على كل المستويات ستعاني في فترة ترامب المزيد من الصعوبات، وسيعبر الرئيس ترامب عن مواقف وسياسات أقرب إلى سياسة نتنياهو، مما يؤدي إلى بروز تحديات إضافية على النخبة الفلسطينية.. ونعتقد أن تراخي النخب السياسية الفلسطينية في معالجة مشكلة الانقسام الفلسطيني سيترك بصماته النوعية على مسار القضية الفلسطينية.. ولن يتمكن الفلسطينيون من مواجهة هذه التحديات، إلا بحل مشكلة الانقسام الفلسطيني.. ويبدو من طبيعة المعطيات الواقعية ليس ثمة إرادة حقيقية لإنهاء الانقسام الفلسطيني. وسيطور الرئيس الأميركي ترامب من تعاونه الأمني والسياسي مع روسيا.. مما ينعكس على الملف السوري ومواجهة التنظيم الإرهابي داعش.. وعليه فإننا لا نتوقع أن تكون سياسة ترامب في المنطقة، معنية بإنهاء بعض أزمات المنطقة، بقدر اهتمامه بتحريك عجلة الاقتصاد الأميركي من خلال عمليات البيع والترويج للمعدات والأسلحة الأميركية.
مشاركة :