الفائدة التناقصية لن تحل مشكلة القروض

  • 3/21/2014
  • 00:00
  • 13
  • 0
  • 0
news-picture

النسخة: الورقية - سعودي أعلن محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي (ساما) الدكتور فهد المبارك هذا الأسبوع توجه المؤسسة لإجبار المصارف على استخدام الفائدة المتناقصة في قروضها خلال لائحة جديدة ستعتمد قريباً. وقال المبارك في مؤتمر صحافي عقده أخيراً، إن «المؤسسة ستكشف خلال ستة أشهر ضوابط ومعايير جديدة، لاسيما معدلات الفائدة على القروض، تتضمن عدم فرض فوائد تراكمية على القروض، وأن تكون الفوائد تناقصية» صحيفة «الشرق»، 17 آذار (مارس). بالطبع، تحرك «ساما» بفرض استخدام الفوائد المتناقصة في الإقراض تحرك مشكور، وينهي عقوداً من رزوح المواطن السعودي تحت وطأة ثقل الفوائد التراكمية غير العادلة، التي تفرضها المصارف السعودية على قروضها منذ نشأتها إلى اليوم. وبقراءة اللائحة الجديدة (منشورة على موقع ساما)، وبتجاوز المادة الـ82 التي نصّت على استخدام الفائدة التناقصية، نصّت المادة الـ83 على ألا تتجاوز الرسوم والعمولات والخدمات الإدارية التي تتقاضاها المصارف ما يعادل الواحد في المئة من مبلغ التمويل، أو 5 آلاف ريال، والأخذ بأيهما أقل. وهذا البند من اللائحة جيد، يقطع الطريق على المصارف لرفع ما تتقاضاه في مقابل الخدمات الإدارية بعد فرض «ساما» عليها التعامل بالفائدة المتناقصة بدلاً من التراكمية. اللائحة الجديدة أيضاً نظمت في مادتها الـ84 إجراءات السداد الباكر، ونصت على أن يتقاضى المصرف مقداراً يعادل فائدة ثلاثة أشهر فقط حين يسدد العميل باكراً. وهذا النص هو إحدى حسنات اللائحة الجديدة، إذ تطلب بعض المصارف حالياً من العميل الذي يريد السداد الباكر تسديد الفائدة عن كامل مدة العقد. ويتنازل بعضها عن فوائد العام الأخير فقط. ويتقاضى بعضها فوائد عام كامل، وإسقاط فوائد بقية الأعوام. ولهذا فإن هذه المادة تعتبر الأهم - من وجهة نظري - لأنها توقف ظلماً تمارسه المصارف على المقترضين حالياً نتيجة غياب أي تنظيم يحمي المقترضين. خلاصة القول أن اللائحة، التي يُعمل بها من تاريخ نشرها في الجريدة الرسمية، بحسب نص المادة الأخيرة من بنودها (المادة رقم 100)، جيدة وعادلة لكلا الطرفين، المصرف والمقترض. إلا أن الخشية من أن تلتف عليها المصارف تأتي من بابين، هما: الأول: أن عقود الإقراض بين المصرف والمقترض يكتبها ويصوغها المصرف نفسه. ولا يملك العميل المحتاج للقرض سوى القبول والتوقيع. وهو ما يعني أن العقد عقد إذعان واستسلام طرف لكل شروط ومطالب الطرف الآخر. فإذا ما عرفنا أن من يصوغ هذه العقود لمصلحة المصارف هم محامون وقانونيون محترفون، فلا يستبعد أن يضعوا شروطاً تلتف على مواد ونصوص اللائحة الجديدة. وساعتها، سيكون وجود اللائحة الجديدة مثل عدمه. ولتجاوز التفاف المصارف على بنود اللائحة، فإن استخدام عقد إقراض موحّد يصاغ من «ساما»، ويعمم على جميع المصارف سيكون حلاً توافقياً مرضياً للطرفين. كما سيكون ضامناً لعدم التفاف المصارف على بنود اللائحة الجديدة، وما يتبعه من شكاوى وتذمر ورفع قضايا من المقترضين. الثاني، والأهم، وهو أن اللائحة الجديدة صيغت لعقود الإقراض التقليدي، أي قرض في مقابل سعر فائدة. ولم تتناول أو تتحدث عن نسبة المرابحة، بحسب القروض المتوافقة مع الشريعة. مع العلم أن التورق والإقراض المتوافق مع الشريعة هو السائد والغالب في القروض المصرفية في السعودية. ولأن عقد التورق يتطلب إدخال سلعة وسيطة يبيعها المصرف لطرف ثالث، ثم يقبض ثمنها ويودعه في حساب الطرف الأول في مقابل نسبة مرابحة معينة. وهو ما يعني أن التورق والاقتراض المتطابق مع الشريعة يحول العملية من قرض بفائدة إلى أن تكون بيعاً وشراءً في مقابل نسبة أرباح معلومة. وهذا معناه أن كل بنود اللائحة الجديدة لا تنطبق على وضع الإقراض الغالب والسائد في البلد. وهو ما يعني بقاء الوضع فعلياً كما هو عليه قبل تطبيق اللائحة وبعده. وللتغلب على المشكلة، فإن إنشاء هيئة شرعية في «ساما» - كما هو معمول به في المصرف المركزي في ماليزيا - سيكون أمراً جيداً للقضاء على فوضى التوقيعات الشرعية لكل مصرف على حدة، كما ستكون الخطوة عوناً لـ «ساما» على تحديد طريقة ونسب المرابحة بشكل لا يظلم المصرف ولا يغبن المقترض.     * أكاديمي سعودي متخصص في الاقتصاد والمالية.

مشاركة :