فيروز.. رفيقة الدرب

  • 11/24/2016
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

نور المحمود لماذا لم يحتفِ كل أهل القلم والكتّاب بالسيدة فيروز في ذكرى مولدها ال 81؟ سأل أحدهم مستهجناً عاتباً على بعض الأقلام تجاوزها الحدث وكأنه لم يكن. لم يدرك أن خلف الصمت أسباباً وأبعاداً. لم يدرك أن الأقلام تتردد أحياناً في الكتابة عن فيروز، لأنها صارت أكبر من الكلام. لا يعرف هو أن ما يجول في العقل وما يخفق به القلب تتلعثم أمامه الكلمات، يتراجع الحبر ويصمت القلم. ماذا نكتب وفيروز صارت قمراً في سماء كل عاشق؟ صارت ترنيمة خشوع، صوت حنين إلى أهل ووطن وأرض وبيت وصوَر؟ منذ زمن بعيد خرجت هذه الفيروزة من إطار الفن والغناء والصوت الجميل، لم يعد يليق بها أي لقب، في وقت نزلت فيه الألقاب عن عروشها. مطربة؟ فنانة؟ ماذا تسميها أكثر من فيروز وهي التي منحت الاسم بريقاً ورفعته إلى حدود النجوم في السماء؟ هي والأرز وجبران رموز خالدة، صارت وطناً، ارتسمت حدوداً وخريطة ترشد مسارك إلى لبنان. هناك لا تبحث عن آثار فينيقية أو رومانية ولا متحف، بقدر ما يعنيك صوت فيروز وأشجار الأرز الشاهدة على التاريخ والحاضر، جارة جبران الفيلسوف والأديب والشاعر.. كيف تكتب عن فيروز وهي تسكنك منذ الطفولة؟ رفيقة دربك إلى المدرسة، تستيقظ معك مبكراً، تغني لك كي ترى الكون جميلاً، كي تحب الحياة أكثر، وتتمسك بالأمل. كأنها جلسة علاج للروح، تبعث السكينة، تنقيك من شوائب الفوضى والضجيج، تأخذك من يدك لتسيرا نحو عالم بريء جداً، نقي جداً، حنون جداً، محبّ جداً.. ومثالي إلى حد أنك تشعر بأنك تحلّق فوق الواقع وتخشى من لحظة الهبوط. نعلم جيداً أن تلك السعادة الفيروزية لا تدوم إلا لحظات، لكننا نحتاج لتلك اللحظات كي نستمد الطاقة، نرمم السمع والخيال والنفس من تهتّكات أصابتها بفعل قسوة الواقع وعراكنا معه. نحتاج إلى جلسات يوغا فيروزية، تأملات تعيد إلى أذهاننا بعض الفراغ الإيجابي، فسحات بيضاء نعالج بها الجراح والاكتئاب والسواد.. فيروز لم تعد ملك لبنان واللبنانيين، بل لم تعد ملك نفسها، فكل العالم يعرفها، وكل من يعرفها يقبض على صوتها وإحساسها ورقّتها وعنفوانها، ليجعلها أسيرة داخل قلبه وعقله. هي جزء من ذاكرته ومخيلته وأحلامه، هي جزء من بيته وأسرته. الأطفال أيضاً يقبضون عليها في راحة الكفتين ويقبّلانها كأيقونة جميلة تعني لهم الكثير وإن صارت فوق الثمانين عاماً. نعم، أبناء اليوم يعرفونها، وأبناء الغد وبعده سيغنونها ويتأملون شموخها. فهل يموت الأرز أو يشيخ؟ noorlmahmoud17@gmail.com

مشاركة :