جاءت اتفاقية حقوق الطفل في عام 1989 تأكيداً على أهمية توفير رعاية خاصة وحماية للأشخاص دون الثامنة عشرة. وتتضمن الاتفاقية 54 مادة، وبروتوكولين اختياريين، وتوضح الاتفاقية الحقوق الأساسية التي يجب أن يتمتع بها الأطفال في أي مكان دون تمييز، وهي: حق الطفل في البقاء، والتطور والنمو، والحماية من التأثيرات المضرّة، وسوء المعاملة والاستغلال، والمشاركة الكاملة في الأسرة، وفي الحياة الثقافية والاجتماعية. ومع التطور المستمر وما يتعرض له الطفل من مصادر معرفية مختلفة، فإنّ أهمية التوعية والتثقيف بأمن المعلومات والإنترنت تُعد من مستوجبات ومتطلبات المعرفة في القرن الواحد والعشرين؛ إذ لم يعد استخدام الشبكة العنكبوتية والأجهزة الذكية حكراً على فئة معينة أو بيئة خاصة، بل تجد أنه أصبح أمراً صادماً إذا سمعت أنّ طفل الثلاث سنوات لا يعرف كيفية استخدام الأجهزة المؤتمتة، وأنّه أمر في غاية الغرابة أن يخلو مقهى، أو مكتب، أو مدرسة، أو منزل، أو سوق تجارية، أو أي محيط آخر من خدمة الإنترنت. يعتبر الأطفال من بين أكثر الفئات المعرّضة للتضليل والاستغلال من قبل عصابات ومجرمي الإنترنت، والذين هم بمثابة "عدو مقنّع" يختبئ خلف شاشات الأجهزة المؤتمتة والذكية، وعليه فإنه يتوجب رعاية وحماية الطفل من أي استغلال كان، والمصلحة الفضلى للطفل تقتضي التدخل في حياته على الإنترنت. يقول فادي حمدان، مختص تقني وفي أمن الإنترنت، في معهد البحرين للتكنولوجيا، إنّ "في هذا العالم المنفتح الذي أصبح صغيراً والمتصل ببعضه البعض من خلال تقنية المعلومات والاتصالات بات من الصعب جداً السيطرة على كل ما يتلقاه الطفل"، مؤكداً أنّه "يقع على عاتق الأهل والمدرسة القيام بدور أكثر وعياً وفاعلية في حماية ومراقبة أجيال المستقبل على الإنترنت". وعليه أصبح لزاماً على الهيئات والمؤسسات التربوية، ممثلة بوزارات التربية والتعليم، وبالتنسيق مع المعاهد المختصة في تدريب وتعليم الحاسوب، أن تبني خططاً استراتيجية تهدف إلى توعية الأطفال وطلبة المدارس وتثقيفهم حول أمن المعلومات والإنترنت، وأن تدمج هذه الموضوعات ضمن الخطط الدراسية. وتهدف مثل هذه الخطط إلى الحفاظ على أمن وسلامة الأطفال من الاستغلال وتوعيتهم بمخاطر سوء استخدام الشبكة المعلوماتية، فضلاً عن بناء قدراتهم العلمية في مجال التعامل السليم مع الأجهزة الذكية، ورفع وعي أولياء الأمور حول أهمية مشاركة أبنائهم طرق تعلّم الاستخدام السليم للمعلومات وتبادلها وضرورة مراقبة المحتوى. وينصح حمدان بأن تتعامل المدرسة والأهل مع حماية حياة الأطفال على الإنترنت من جهتين: الجانب التقني ويتمثل في تعليم وتوجيه الأطفال ما يلي: 1- إنشاء أكثر من حساب مستخدم: (حساب مدير للجهاز Administrator، حساب مستخدم عادي Standard User) على أجهزة الحاسوب وتخصيص حساب خاص آمن للأطفال مع الاحتفاظ بكلمة السر Password. 2- تركيب برامج المراقبة والتصفية على الأجهزة المختلفة التي يستخدمها الأطفال. 3- استخدام حسابات مواقع مختلفة للأهل عن تلك المستخدمة من قبل الأطفال، خاصة حسابات مواقع التواصل الاجتماعي مثل YouTube وFacebook وTwitter وSnapchat. 4- استخدام خاصية حظر المواقع Restricted Sites في متصفحات الإنترنت. 5- المراقبة الدورية لتاريخ التصفح على الأجهزة المختلفة. الجانب الاجتماعي ويتمثل في تأسيس علاقة بين الأهل والمدرسة مع الطفل: 1- التقارب مع الأطفال لاكتساب الثقة فيمكن بذلك للأهل والمدرسة اكتشاف ما يقوم به الأطفال ومحاولة تصحيح الأمور إن لزم الأمر. 2- توعية الأطفال بعدم التحدث مع الغرباء عبر شبكات التواصل الاجتماعي أو إعطائهم معلومات خاصة بهم أو بالأسرة. 3- استشارة الأهل عند تحميل أي تطبيق أو لعبة، وضرورة قيام الأهل بدور إشرافي ورقابي للإحالة دون وقوع الطفل في أية مأزق عبر الإنترنت، مع التأكيد على أهمية عدم خلق شعور لدى الطفل بعدم ثقة الأهل به. وقياساً على المأثور المتعارف عليه "علّموا أولادكم السباحة والرماية وركوب الخيل"، أجد أننا في عصر التقنية أصبح لزاماً علينا تعليم الأطفال علوم التقنية، بدءاً من مبادئ تعلم أصول وقواعد استخدام الإنترنت، ووصولاً إلى البرمجة وأمن المعلومات. ملحوظة: التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.
مشاركة :