روح مؤتلفة وأطياف مختلفة!

  • 11/25/2016
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

كثيرة هي الوشائج التي تجمع بين الفنان المصري والفنان السعودي، بالرغم مما يباعد بينهما من عوامل الجغرافيا والنشأة والتطور، ولقد عكس معرض من النيل إلى الحرم المقام بأتيليه جده هذا التقارب والتواصل بشدة، عبر أعمال مجموعة كبيرة من فناني البلدين الشقيقين، حتى أن غير المتابع للفن فى كل منهما تتولاه الحيرة أمام الكثير منها، فلا يستطيع من أول وهلة اكتشاف ما إذا كان أصحابها مصريين أم سعوديين، وربما كان هذا ما رمى إليه منظمو المعرض حين أغفلوا وضع بطاقات التعريف تحت أغلب الأعمال المعروضة، اكتفاء بتوقيع الفنان على عمله، بما يجعل المشاهد يستعيد من الذاكرة مسار تطور هذا الفنان. والأسباب عديدة لهذا التقارب؛ منها الروح العربية المشتركة والحس الحضاري الممتد في أعماق هوية الشعبين، وبعض معالم الخصوصية البيئية، والتاسيس الأكاديمي لكثير من فناني المملكة بمصر أو بالسعودية على أيدي مدرسين مصريين للفن في بدايات الحركة الفنية بها، ومنها ما ترسب من خبرات الحداثة الأسلوبية من منابع مشتركة لرواد الفن بمصر أو أوروبا فى وجدان الكثير من فناني البلدين، ومع ذلك كله؛ تبقى ثمة خصوصية واضحة لكل حركة فنية فيها بشكل عام، ولكل فنان على حدة بشكل خاص، من هنا جاء المعرض أقرب إلى حديقة تتماوج بأنواع شتى من الزهور، بأشكال وألوان وروائح مختلفة، لكنها تخلو من أي تنافر أو طغيان لأحدها على الآخر، بل يغلب عليها التوافق والانسجام والتكامل، ما يجعل المعرض لوحة واحدة متكاملة متعددة الأطياف، أو عقدا غنياً بحبات الأحجار الكريمة والمعادن النفيسة. وكان الخيط لحبَّات هذا العقد هو مدير القاعة هشام قنديل كذوَّاقة للفن، ومثقف نضجت ثقافته وارتقت بالفكر القومي، مع استيعاب عميق لمختلف مذاقات الفن وفرسانه في مختلف البلدان العربية، وكأنه توجَّد مع معطيات الإبداع فى كل منها، وامتلك حاسة الجواهرجي القادر على التقاط ومضات الذهب من وسط أكوام الأعمال العادية، فوجد الكثير من إبداعات الفنانين المصريين طريقه بيسر ومحبة إلى مجموعات المقتنيات الخاصة لكثير من رعاة الفن السعوديين، جنباً إلى جنب مع أعمال فناني المملكة على مدى سنين طويلة، حتى بات بعضها أقرب إلى المجموعات المتحفية، وهو ما أشعر مجموعة الفنانين المصريين الذين شاركوا في المعرض وحضروا افتتاحه وزاروا أصحاب هذه المقتنيات، بأنهم بالفعل في بلدهم وبين أهلهم وليسوا ضيوفاً. ولهؤلاء الرعاة الكرام – بدءاً من الأميرة جواهر – يرجع الفضل في إقامة هذا المعرض، ومن قبله تنظيم مهرجان تطور الفن السعودي المقام في جدة بعنوان 29 / 21 (2)، الذى استقطب عشاق وموثقي الفن في مختلف دول العالم، فأصبحت مدينة جدة بذلك مركزاً مهماً على خريطة الفن العالمي، تحمل الكثير من الآمال والوعود لتقدم سريع فى المستقبل القريب. *فنان وناقد تشكيلي من أعمال المصري محمود أبو المجد

مشاركة :