صباح الحرف (خير مختلف ونمو مؤتلف)

  • 12/24/2016
  • 00:00
  • 32
  • 0
  • 0
news-picture

في الغالب يشي تغيّر لغة الخطاب بنقلة في التفكير ترفع سقف التفاؤل بنقلة في التنفيذ، وهذا ما يحدث اليوم في السعودية التي لم تغيّر فقط في شكل موازنتها، بل في مضمونها ومواضيعها، لتصبح أولاً أكثر واقعية، وثانياً، وهذا الأهم أكثر شفافية، والطموح أن تزداد جرعتا الواقعية والشفافية عاماً بعد آخر. منذ أن بدأ بعض من حضروا «لقاء الموازنة» مع مهندس الرؤية الأمير محمد بن سلمان قبل أيام عدة الكتابة عن انطباعاتهم عن اللقاء، ونقل أجزاء مما دار فيه، والشعور العام بأن لغة اقتصادية جديدة تسجل حضورها مجدداً خلال أقل من عام. كانت المواكبة الإعلامية دائماً تسير في طريق مصطلحات «موازنة الخير والنماء» و «موازنة الرفاه والإنفاق الضخم» وغيرهما، وهي كانت ولا تزال موازنة خير، لكن هذا الخير أصبح مفهوماً عميقاً انتقل من إحساس الوفرة والطفرة والأرقام الكبيرة إلى إحساس مجابهة الأخطار المتوقعة، وإنقاذ البلاد من الارتكاز على دخل رئيس شبه وحيد يعتمد على الثروات الطبيعية. الموازنة التي رأينا تؤكد أننا لم نعد نرتب المالية السعودية وفق عامين أحدهما انصرم والآخر يأتي، بل إننا صرنا نأخذ في الحسبان مدى أطول من السنين، وهذا من ثمرات أن يكون العمل وفق رؤية تمتد إلى عام 2030، وأن يكون التنفيذ منطلقاً نحو إنجاز مرحلة أولى تنتهي في العام 2020. كانت الموازنة السعودية تقود الحراك التنموي والإنساني، واليوم وفق ما رأينا بات الوضع التنموي الواقعي ومعه مؤشرات اجتماعية واقتصادية أخرى هو من يقود الموازنة، وإذا أمكنني التعبير بدقة فلعلني أقول إن كثيراً من الجهات الحكومية التنفيذية كانت تنظر إلى الموازنة كغاية، وعليها اليوم أن تعرف وتطبق فكرة أنها وسيلة، وهي ليست الوسيلة الوحيدة. يستمر الخير بإذن الله، لكنه يختلف في دلالاته، ويتواصل النمو، لكنه ليس إنفاقاً ضخماً كيفما اتفق، بل هو وفق معرفة دقيقة بالأهداف التي يجب تحقيقها ليس لتنفيذ المشاريع فحسب، بل ومعرفة العوائد الحقيقية منها، والأهم مدى قدرتها على تحقيق الاستمرارية في التغيّر نحو اقتصاد متطور يرتكز على الإنتاج، والشفافية، وتعظيم دور الفرد في المشاركة، الذي سيتأتي منه زيادة دوره في المسؤولية، ومن ثم ارتفاع سقف توقعاته من الأداء الحكومي في شتى المجالات. جاءت الموازنة أفضل مما نتوقع من ناحية الأرقام، وأفضل مما اعتدنا من ناحية الشكل وطريقة البرامج التنموية، ولا بد من شكر الله عز وجل، ثم شكر العاملين الذين واصلوا الليل بالنهار أشهراً طويلة، تحت قيادة عازمة على التطوير والتغيير.

مشاركة :