مجموعة أمور آمنت بها الفنانة زهرة الخرجي في مشوار حياتها سواء الإنساني أو الفني، جعلت من هذا الطيف الجميل راسخ القدم في خطواته كافة، متمكناً من أدواته، ورائعاً في مواقفه، وودوداً في تعاملاته، أبرزها أن الموهبة وحدها لا تكفي لتحقيق النجاح بعد الاتكال على الله، إنما لا بد من الإصرار والمحاولة والمثابرة لأن النجاح في أي مجال ليس مرتبطاً بمستوى الذكاء بل بالإرادة القوية والإصرار والتحدي والاستمرار وعدم الاستسلام لأي أمر يعوق انطلاقتك أو يؤخّر مسيرتك أو يحطّ من عزيمتك. في هذا الحوار مع زهرة الخرجي، نتوقف إزاء محطات كثيرة في رحلتها مع الفن والحياة والأيام والأعمال الفنية، سواء مسرحيات أو مسلسلات تلفزيونية أو إذاعية. ماذا في جعبتك من أعمال فنية للغد؟ أنا كما يقولون «في استراحة مقاتل». أحاول أن أنفرد بنفسي وأقيِّم أعمالي خلال الفترة الماضية، لا سيما مسرحية «جوزة والشريرة زوزة» وفيلم «للوطن عزوة» آخر ما قدمته على الشاشة، لأن الوقفة مع النفس أمر ضروري كي يعزّز الفنان إيجابياته ويتلافى سلبياته، فالممثل هو أكبر ناقد لذاته والأكثر معرفة بحاله. ما الطريق الذي كنت ستسلكينه لو لم تكوني ممثلة؟ بكل تأكيد كنت أتمنى أن أكون طبيبة أطفال، أولاً لحبي لهم، وثانياً لأن هذه المهنة تحتاج إلى جانب الدراسات العلمية والمهارات المكتسبة من التجارب إلى التحلي بمهارات التواصل ليكون صاحب الاختصاص قادراً على التعامل مع الأطفال وذويهم بشكل جيد، ما سيسهل عليه مهمته كثيراً. هل دفعك حبك للأطفال إلى منحهم مساحة أكبر في مسيرتك الفنية من خلال مسرحيات كثيرة قدمتها لهم؟ الأطفال هم سبب سعادتي في الحياة، ووجودي على مسرح الطفل كان وجه السعد بالنسبة إليّ وأعطاني السمعة والاسم. رغم أن الساحة كانت مليئة بالأسماء والنجوم، فإنني استطعت أن أجد لي مكاناً مميزاً وسط ذلك كله، وأصبح لي جمهوري الذي يحبني من الأطفال. لأجل هذا، لا يمكن أن أستغني عن مسرح الطفل سواء عن طريق التمثيل أو الإنتاج، وحتى الإخراج، لتقديم كل ما يثري هذا المجال. ماذا عن طفولتك؟ عشت طفولة جميلة مليئة بأجواء المغامرة والتمرّد والشقاوة، وكانت طلباتي كافة مستجابة في معظم الأحوال، لأني الابنة البكر بين ثمانية أبناء، أربع شقيقات وأربعة أشقاء. بدايات وآراء كيف كانت بدايتك الفنية؟ اختارني الفن وأحبني الجمهور، وسعت الشهرة إليّ، حيث أدّت المصادفة دوراً كبيراً في دخولي إلى المجال الفني، والموهبة دائماً تفرض نفسها في النهاية. أنت إحدى الفنانات القلائل اللواتي لهن وجهات نظر في أمور كثيرة في الحياة زادتها تجربتك المريرة مع المرض؟ أنا مؤمنة بأن أي موهبة أو حتى عبقرية في أي مجال ستختفيان من دون إرادة وإصرار وتحدٍ، فالموهبة وحدها لا تكفي ولا تصلح، فما أكثر الفاشلين من أصحاب المواهب. كذلك العبقرية لا تصلح، لأنها مضرب للأمثال، ولذلك يجب أولاً أن نتحدى هذا الكامن الذي في داخلنا لأن كثيرين منا لا يعطونه الفرصة كي يطفو فوق السطح، من ثم يعيشون حياة خاملة غير مرضية، وبدلاً من أن يطوّروا أنفسهم لأجل تحقيق أحلامهم نجدهم يتقدمون بخطوات بطيئة، أو متعثرة أحياناً، مع الأمور كافة في حياتهم اليومية. ماذا استفدتِ من تجاربك في الوسط الفني؟ لا بد من أن يكون الفنان بطبعه مقاتلاً، يتحدى نفسه قبل أن يتحدى الآخرين ولا يكتفى بنجاح ما، بل يجب أن يستمرّ بالقوة نفسها والجدية لتحقيق نجاح أكبر، وطبعاً هذا لا يتحقق إلا إذا كان الفنان تحدوه الرغبة في التعلم والشعور بالقلق وعدم الرضا للتفوق على ذاته، فضلاً عن ضرورة ابتعاده عن الشللية التي هي داء أي وسط فني، وتتشكل لأسباب عدة أبرزها الانحيازية. إنه وباء متفشٍ للأسف، ويغذيه البعض منا لتشكيل قوة خفية تركز على مصالحها من دون الاكتراث لمصالح الآخرين. الفنان الذي يلجأ إلى هذا الأسلوب هو الخاسر، لأنه سيحكم على نفسه بالسجن في أطارها، فيما الفن يؤمن بالتنوع والتعاون مع الجميع. ما هي حكمتك في الحياة؟ هي ليست حكمة بل مقولة لأحد المفكرين العالميين الكبار «لست الأفضل ولكن لي أسلوبي»... سأظلّ دائماً أتقبل رأي الناقد والحاسد، فالأول يصحح مساري، والثاني يزيد إصراري. ماذا أعجبك في الآونة الأخيرة في الدراما الخليجية؟ أصبحت أكثر انسجاماً مع التغيرات في المجتمع الخليجي، واقتحمت محظورات كثيرة وتناولت بوضوح بعض القضايا التي تخص المرأة والرجل والشاب، وهو عكس ما كان عليه الأمر في القرن الماضي، فالمفاهيم تتغيّر من زمن إلى آخر ولكل جيل ظروفه ومتطلباته وطرائق التأثير فيه، وما كان يصلح للأمس لا ينفع اليوم. محظوظة من البداية أعربت الخرجي عن رضاها التام عن مشوارها الفني، مشيرة إلى أنها تعتبر نفسها محظوظة منذ دخولها المجال الفني عبر مسرحية «أحمد والأسود»، واستمرت بعدها المشاركات في أعمال فنية كان أبرزها مسلسل «مدينة الرياح» حيث قدّمت شخصية «حيزبونة» محققةً من خلالها نجاحاً كبيراً. تقول في هذا السياق: «قدّمت الأدوار كافة التي تمسّ المرأة من الجوانب النفسية والاجتماعية والعاطفية والحياتية كافة، ومثّلت أمام معظم العمالقة من الفنانين والفنانات في الكويت ودول الخليج، ومن بينهم على سبيل المثال لا الحصر عبد الحسين عبد الرضا، وإبراهيم الصلال، وعلي المفيدي، وانتصار الشراح، وعبد العزيز المسلم، وجاسم الصالح، وهيفاء عادل، ومحمد جابر، وداود حسين، وحسن البلام، وباسمة حمادة، ومنى عيسى، ومحمد السريع، وولد الديرة، وطارق العلي، وأحمد جوهر، وعبد الناصر الزاير، وشعبان عباس، ومنى شداد، وعبد الله الحبيل، وحمد بوحمد، وزينب الضاحي، وامبيريك، ومنى عيسى، وجبر الفياض، وعبدالله غيفان، وهدى حسين، ومحمد السريع، وعبد الإمام عبد الله، وسحر حسين، وعبد الرحمن العقل، وعائشة إبراهيم، وماجد سلطان، وجاسم النبهان، ومحمد العجيمي، وسمير القلاف». وشدّدت على أن أصداء ظهورها مع نجوم مسرحية «مراهق في الخمسين» ما زالت «عالقة في ذهني، حيث تعلمت من القدير عبدالحسين عبدالرضا تقاليد المسرح الحقيقية، وهي الصبر والانضباط والالتزام. كذلك تعاملت مع مخرجين لهم مكانتهم وقدرتهم أبرزهم المخرج محمد السيد عيسى، أول من قدمني في عمل درامي تلفزيوني اسمه «لمن يهمه الأمر» وكان الدرس الأول لي في كيفية التعامل مع الكاميرا».
مشاركة :