احتاج روبرتو مارتينيز إلى أقل من 10 سنوات ليصبح أحد أكثر المدربين المشهورين في الدوري الإنجليزي الممتاز بعد توليه تدريب أندية سوانسي ثم ويجان ثم إيفرتون. ومنذ مطلع أغسطس/آب الماضي بدأ المدرب الأسباني البالغ من العمر 43 عاماً يكتشف متعة تدريب أحد المنتخبات وتحديداً البلجيكي الذي قرر الاستعانة بخدماته خلفاً لمارك فيلموتس بعد الخروج من ربع نهائي كأس أوروبا 2016 على الرغم من كونه مرشحاً بارزاً لإحراز اللقب. ويعترف مارتينيز في مقابلة حصرية مع موقع FIFA.com "الموهبة وحدها لا تكفي" وهي جملة أطلقها سلفه أيضاً للموقع ذاته في ديسمبر/كانون الأول عام 2014 ما يعني بأن المعضلة البلجيكية لا تزال هي ذاتها وبمعنى آخر يجب إيجاد التوازن اللازم، أو الروح الذهنية الإضافية التي تسمح لهذا البلد في تجسيد عظمة كرة القدم لديه من خلال التتويج بلقب بطولة كبيرة. ومن أجل بلوغ هذا الهدف، يملك مارتينيز وجهة نظر في هذا الإطار. فخلال أشهر قليلة، قام هذا المدرب النشيط وصاحب الرؤية الفنية الثاقبة في إعادة منتخب بلجيكا على السكة الصحيحة، وهو ما سمح له بتحقيق أفضل بداية في التصفيات الأوروبية المؤهلة إلى كأس العالم روسيا 2018 FIFA بتحقيقه ثلاثة انتصارات وتسجيله 13 هدفاً دون أن يدخل مرماه أي هدف. قام مارتينيز بجردة حساب لموقع FIFA.com. FIFA.com: هل فؤجئت عندما قام الإتحاد البلجيكي بالتواصل بك؟روبرتو مارتينيز: المسألة لا تتعلق فيما إذا كنت قد تفاجأت أم لا. ما كنت أريد فهمه هو ما هي خطة العمل التي يعمل عليها الاتحاد المحلي. عندما أصبحت الصورة واضحة أمامي وفهمت ما هي رؤيتهم للأمور، ساهم ذلك في تعزيز حماستي. كنت متحمساً للعمل مع الجيل الحالي. ما الذي كنت تعرفه عن المنتخب البلجيكي؟هناك لاعبون في الدوري الإنجليزي الممتاز أعرفهم جيداً وتحديداً روميلو لوكاكو ومروان فلايني وكيفن ميرالاس لأني عملت معهم في صفوف إيفرتون. كنت أعرف جيداً أيضاً اللاعبين المحترفين في إيطاليا. في المقابل، كنت أجهل مستوى اللاعبين الذين يلعبون في بلجيكا. لا زلت أكتشف وأشاهد أكبر عدد من المباريات. لقد دهشت بنوعية الشباب البلجيكيين وأستطيع منحهم فرصة اللعب في المنتخب الأول. أحاول أيضاً التعرف أكثر على لاعبي فريقي ليس فقط على الصعيد الرياضي لكن أيضاً من الناحية الإنسانية وتاريخ كل لاعب. كيف وجدت الحالة الذهنية في صفوف المجموعة لدى قدومك؟يعرف اللاعبون بعضهم البعض منذ فترة طويلة. لقد كبروا سوياً وهم سعداء للتواجد معاً من جديد وتمضية الوقت سوياً. إنه امتياز كبير بالنسبة لي وهذه الناحية تسهل مهمتي كثيراً بالإضافة إلى المواهب الفردية التي تجعل التحضير وحصص التدريب أسهل أيضاً. بالإضافة إلى ذلك، يشعر هذا الجيل بفخر كبير لتمثيل بلاده. نعرف تماماً بأن مستوى الأندية مرتفع جداً في الأندية الأوروبية الكبيرة وفي بعض الأحيان تأتي أهمية المنتخبات في الدرجة الثانية، لكن هؤلاء اللاعبين يملكون حماساً ضخماً عندما يدافعون عن ألوان المنتخب الوطني. كل هذه الأمور مجتمعة تجعل مهمتي أكثر متعة. تملكون لاعبين من الطراز العالمي في كل مركز وهو أمر من الصعب أن تجده في الأندية؟الموهبة موجودة لكن كما يعلم الجميع، الموهبة وحدها لا تكفي. يجب إيجاد التوازنات الجيدة وألا سنتعرض بسهولة لصعوبات جمة. يجب التحلي أيضاً بذهنية جيدة من أجل بلوغ الأهداف التي لم تبلغها كرة القدم البلجيكية في السابق. حصل أن تواجدت منتخبات خارقة من دون أن تحرز لقب بطولة كبيرة وبالتالي فمن المهم جداً العمل على هذه الناحية. كيف تصف أداء بلجيكا خلال نهائيات كأس أوروبا 2016حيث خرجت من الدور ربع النهائي ضد ويلز؟لست من نوع الأشخاص الذين ينظرون إلى الماضي. أفضَل التركيز على الحاضر لكي أرى في أي اتجاه نسير. ففي مباراتي الرسمية الأولى كمدرب لبلجيكا في مواجهة أسبانيا (مباراة ودية خسرتها بلجيكا 0-2 في سبتمبر/أيلول)، رأيت الكثير من الحزن والوجع لدى اللاعبين والجمهور على حد سواء. بدا وضحاً لي بأن العروض المخيبة في كأس أوروبا تركت أثراً ويجب تخطي هذا الأمر. أريد فريقاً في كامل تركيزه على الأهداف التي وضعناها ولا أريد أن يؤثر الماضي على ما نقوم به في الوقت الحالي. عندما أرى المباريات الثلاث الأولى التي خضناه في التصفيات، أشعر بالفخر لأننا خضناها بكثير من الحيوية، التركيز وبذهنية جيدة جداً. يجب أن نعيش الماضي بطريقة إيجابية دائماً، أن نعتبره بمثابة تجربة من أجل تطوير أنفسنا. الطريقة التي احتفل بها اللاعبون بعد الفوز على البوسنة مع الجمهور يؤكد أن الجميع تخطى الذكرى السيئة في كأس أوروبا. تعوَدت على تواجد لاعبيك بشكل يومي في الأندية، هل تفتقد إلى هذا العامل؟ليس عندما ندرك نوعية العمل. بطبيعة الحال، أستطيع أن أشعر بالندم حول بعض الأمور خلال عملي مع الأندية، لكني أود دائما أن أكون إيجابيا وأركّز على النواحي الجيدة. ما أقدّره، هو البحث عن الدقة والوضوح والتركيز خلال الفترة الزمنية القصيرة التي أتواجد فيها مع اللاعبين. الأمر مختلف تماماً عن العمل مع الأندية، هذا أكيد. لكن في كرة القدم، يجب دائما التأقلم والامتناع عما لا نملك. حقق فريقك 3انتصارات سجّل خلالها 13 هدفاً ولم يدخل شباكه أي هدف، لم يتمكن أي منتخب في أوروبا من تحقيق نتيجة أفضل حتى الآن...استعدينا جيداً لذلك وبذلنا قصارى جهودنا. نحن راضون تماماً عن الطريق التي تصرف فيها الفريق حيث نجح في التأقلم مع ظروف مختلفة لكن الأمر لا يتعلق بأول ثلاث مباريات فقط. نحن تركيزنا منصب على ما سيأتي لاحقاً. ما هي بنظركم قدرات المنتخب البلجيكي على الصعيد العالمي؟الأمور بحاجة إلى وقت طويل لكي تتحقق. يجب أولاً العمل داخلياً من أجل صقل القوى المتاحة، وبناء أفضل مجموعة ممكنة مع منافسة قوية في كل مركز، والعمل على الناحية التكتيكية. ثم وبعد بناء أفضل فريق ممكن نستطيع أن نقارن أنفسنا بالمنتخبات الأخرى. المباراة الودية التي خسرناها أمام أسبانيا كانت امتحانا جيداً بالنسبة إلينا. أظهرت لنا العمل الكبير الذي يجب أن ننجزه. أما المشاركة في بطولة كبرى فهذا أمر آخر. هنك ضغوطات بلد بأكمله، ولهذا السبب فإن نفس المنتخبات هي التي تفوز بالألقاب لأن الأمور تحتاج إلى مقاربة نفسية. يتعين علينا العمل على هذه الناحية لكننا الآن لا نزال في المرحلة الأولى. شاهدنا خلال نهايات كأس العالم تحت 17 سنة FIFA الأخيرة منتخباً بلجيكاً رائعاً أحرز المركز الثالث. ما هو سر بلجيكا في تخريج مواهب جديدة بصورة مستمرة؟هناك العديد من الشبان الذين يمارسون كرة القدم في البلاد. ثم أن التكوين الفني للاعبين ممتاز ويتم تطبيق الفلسفة ذاتها على مختلف المستويات مع التركيز على الاحتفاظ بالكرة وإدارة المباريات بشكل جيد. كما أن اللاعبين يملكون الإرادة في المحافظة على ترابط حقيقي في الفريق من خلال هذا الجيل حيث يتطور مستوى اللاعبين سوياً. يعتبر تييري هنري كموسوعة في كرة القدم، وأحد الأشخاص الذين يعملون بنشاط ودقة. هل هو المساعد المثالي؟بكل تأكيد. إنه شغوف جداً وخبير فني باللعبة يراقب جميع التفاصيل. كرة القدم هي حياته. لكن ما أدهشني فعلاً لديه هو قدرته كمدرب على نقل تجربته إلى اللاعبين. هذا الأمر في غاية الأهمية. لا يملك جميع اللاعبين الكبار هذه القدرة، لكن تييري يتمتع بها بالفطرة. نحاول مع الجهاز الفني تلبية جميع احتياجات اللاعبين وهو يضع في تصرفهم خبرته على المستوى الدولي لأنه يعرف ما يتطلبه إحراز كأس العالم أو كأس أوروبا. يعرف أيضاً ماذا يعني تحقيق شيء ما لم تحققه الأجيال السابقة. تييري هو سلاح نفسي نستعمله بكثرة. كيف نشأ هذا التعاون بينكما؟لم أكن أعرفه جيداً لكني شعرت بتناغم معه عندما كنت مدرباً لويجان وإيفرتون وعندما كان يقوم بالتعليق على مباريات على التلفزيون الإنجليزي. كنت أشعر من خلال تحاليله بأننا نتقاسم الفلسفة ذاتها في اللعب. أخيراً، التقينا بفضل معارف مشتركة وتناقشنا في الأمر. كنت أبحث عن شخص يستطيع نقل عدوى خبرته إلى اللاعبين. بالإضافة اإلى ذلك، كان يعرف تماماً جميع اللاعبين في الدوري الإنجليزي الممتاز. بدا لي تييري أفضل شخص لشغل هذا المركز وسارت الأمور بشكل طبيعي.
مشاركة :