--> عندما تستمع أو تقرأ ما صرح به اللواء منصور التركي المتحدث الامني لوزارة الداخلية - في مؤتمره الصحفي الاخير الذي عقد في هذا الاسبوع - عن الانجازات التي تحققت في مكافحة المخدرات، ونستمع كذلك الى حجم المخدرات الضخم الذي تم ضبطه، تدرك أنها هجمة قذرة ضد بلادنا وتستهدف أغلى ما عندنا، إنها تستهدف شبابنا وعماد وطننا وأمل مستقبلنا، إنهم يريدون أن يصيبونا في مقتل باستهداف هذه الشريحة التي نعول عليها بعد الله لتبني وتنهض بهذا الوطن، يريدون إيقاع الشباب في مستنقع المخدرات فيهلكون ويُهلكون غيرهم، فهؤلاء المجرمون هم اول من يدرك ان الشاب اذا سقط في هذا البيارة العفنة ولم يتم انتشاله بسرعة فسوف يُدمر مجتمعه؛ لأن من يفقد عقله لن يتورع عن ارتكاب أي جريمة تخطر أو لا تخطر على بال. بلا شك نقلة نوعية في مكافحة داء المخدرات حيث سيسهم هذا البرنامج في تحصين أبنائنا في مدارسهم لنتأمل الأرقام التي ذكرها اللواء التركي في مؤتمره الصحفي، علماً ان ما يضبط هو ما يمثل نسبة لا تتجاوز 20% مما يتم إدخاله إلى البلاد، مما يعني أن أربعة أضعاف هذه الكميات الضخمة من المخدرات قد دخلت إلى البلاد لتفتك بشبابنا. خلال الأربعة الأشهر الاولى من هذا العام 1435هجري تمكنت الجهات الأمنية من القبض على 849 متهماً - منهم 278 سعودياً، أما الأغلبية (571) فهم من 31 جنسية مختلفة -؛ لتورطهم في جرائم مخدرات تقدر قيمتها السوقية بأكثر من ملياري ريال، أما الكميات فكانت 12,331,370 قرص (امفيتامين) و 16 طناً و812 كيلو (حشيش) و 6 كيلوات و62 جراما وستمائة مليجرام (هيروين) و670,000 قرص خاضعة لتنظيم التداول الطبي، هذا غير المبالغ المالية والاسلحة التي تم ضبطها. أرقام مخيفة والمخيف هو ان الذي تم إدخاله للبلاد هو 4 اضعاف هذه الكميات، لكن لماذا نحن مستهدفون؟؟، هل لأننا ننعم بالأمن والأمان؟ أم لأن حكامنا سلمهم الله يحكمون بما أنزل الله؟ أم لأننا قلعة الإسلام والمسلمين الحصينة؟ أم لأننا محسدون على نعم الله الكثيرة؟، مهما كان السبب، فيجب ان نعلم ونُعلم أبناءنا بأننا مستهدفون، وأن نحذر اشد الحذر أن لا نستجيب لداعي المخدرات مهما كان السبب، حتى لو كان هذا الداعي هو من اقرب الاقارب ولو لبس لباس الناصح الامين. البشرى التي زفها إلينا المتحدث الأمني لوزارة الداخلية هي ان الشهر القادم سيشهد انطلاق برنامج "حماية"، وستتولى وزارة التربية والتعليم العمل عليه لرفع مستوى الوعي، ومدة البرنامج ثلاث سنوات ويتم التعاون مع جهاز مكافحة المخدرات، وهذه بلا شك نقلة نوعية في مكافحة داء المخدرات، حيث سيسهم هذا البرنامج في تحصين أبنائنا في مدارسهم خصوصاً الشريحة من الابناء الذين لا يجدون التوجيه والارشاد في بيوتهم، وهم الاكثر عرضة للوقوع في براثن المروجين لهذه الآفة. هناك عدة نقاط أود التطرق لها بعد قراءتي لتصريح المتحدث الامني لوزارة الداخلية هي، أولاً: أن الاغلبية ممن تم القبض عليهم (571) هم من غير اهل هذه البلاد، وقد جاؤنا ليفسدوا هذه الارض المباركة فالله الله في إنزال أقصى العقوبة بهم؛ عقاباً لهم، والأهم من ذلك هو ردع لمن تسول له نفسه ارتكاب جرمهم. ثانياً: يعاقب السعوديون بما يستحقون جراء جرائمهم، وان تتم معالجتهم وإعادة تأهيلهم ليعودوا أعضاء صالحين لمجتمعاتهم. ثالثاً: توحيد الخطط العلاجية لمرضى التعاطي والادمان، وقد يكون من مصلحة المريض ومن مصلحة الفريق الطبي ان ينتقل المريض بعد فترة العلاج في مستشفيات الأمل إلى مراكز تأهيل وإعادة تأهيل مخصصة لهذا الغرض. رابعاً: إقامة الندوات والحوار البناء، تشترك فيه الجهات المختلفة مثل إدارات التعليم ورعاية الشباب وإدارات الشئون الاسلامية ومراكز الاحياء، وغيرها ممن يهمهم أمر شباب هذا الوطن للخروج بحلول واقتراحات عملية وإيجاد بدائل لشغل اوقات الشباب بكل ما هو مفيد لحماية المجتمع من الوقوع في المخدرات، لاسيما في ايام الاختبارات والعطل والاجازات. خامساً: استغلال التقنيات الحديثة وبرامج التواصل الاجتماعي؛ للوصول لشريحة كبيرة من الشباب الذين لا يمكن الوصول اليهم إلا عن طريق هذه البرامج، وتوظيف عدد من المتخصصين لإدارة مثل هذه البرامج؛ لرفع الوعي لدى الشباب وتحذيرهم بأسلوب يتقبلونه. سادساً: أن يُنظر في تقديم الحوافز والمكافآت المجزية لرجال مكافحة المخدرات ورجال حرس الحدود ورجال الجمارك؛ للدور الكبير الذي يقومون به في حماية الوطن من المجرمين والمهربين. سابعاً: السعي لتطوير قدرات الجمارك السعودية ومراكز مراقبة الحدود بالتقنيات الحديثة من أجهزة مراقبة متطورة وأجهزة كشف حديثة ودورات مستمرة لموظفي هذين القطاعين الحساسين، وأن تساند قواتنا البرية والبحرية والجوية رجال حرس الحدود في مراقبة حدودنا الشاسعة، سواء البرية أو البحرية. أخي وصديقي وزميلي المتخصص في هذا المجال ويحملُ همَّ هذا الداء المدمر الذي لم يكن معروفاً في مجتمعنا من قبل، هو سعادة الدكتور محمد بن علي الزهراني مدير مستشفى الأمل والصحة النفسية بالدمام، وله إسهامات عديدة في مكافحة الإدمان والمخدرات، ولا أبالغ اذا قلت إنه موسوعة في هذا المجال، وهو المطلع عن قرب على هذا الداء وما يسببه لشبابنا من مآسٍ، إنه يقدم لنا ويلخص لنا نصيحة قيمة لو اتبعناها لتمكنا من هزيمة داء المخدرات وحماية أبناءنا ومجتمعنا من ويلاته. يقول د. محمد الزهراني: لقد أصبحنا نرى حالات تعاطٍ للمخدرات في سن صغيرة في الحادية عشرة وفي الثانية عشرة من العمر، لم نكن نراها من قبل وإن الشريحة العمرية التي يحاول اصطيادها المجرمون تمتد من الثانية عشرة الى الثامنة عشرة من العمر؛ لذلك لا بديل عن مراقبة الوالدين لأبنائهم في هذه المرحلة العمرية الحرجة، وتقديم النصح والارشاد لهم، وأن لا نغفل عنهم وأن لا نمنحهم الثقة المفرطة وحذار ثم حذار ثم حذار أن نقول إن أبنائنا لا يمكن ان يقتربوا من المخدرات، فالمجرمون متربصون بهم، وينبغي أن نراقب مع من يذهبون ومع من يجلسون وان نحدد اوقات خروجهم ورجعوهم للمنزل، وان لا نسمح لهم بأي حال من الاحوال المبيت خارج المنزل بعيداً عن أعين الوالدين والله أسأل أن يحفظ أبنائنا وأبناء المسلمين وبلادنا وبلاد المسلمين من كل شر. تويتر @IssamAlkhursany مقالات سابقة: د.عصام عبدالله محمد الخرساني القراءات: 1
مشاركة :