العقوبات البديلة في السعودية تعالج تكدس السجون وتحمي المدانين من «الانحراف»

  • 11/26/2016
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

لا يزال تطبيق لائحة العقوبات البديلة يرواح مكانه، على رغم رفع وزارة العدل مشروع نظام العقوبات البديلة قبل أربعة أعوام، وصدور موافقة مجلس الشورى على توصية قدمها العضوان عبد الله السعدون وهدى الحليسي، طالبا فيها وزارة العدل بسرعة إقرار مشروعها. وحددت الوزارة عدداً من الشروط لتطبيق العقوبات، إذ يتم تطبيق العقوبة البديلة بعد صدور الحكم المتضمن إيقاع العقوبة الأصلية على الجاني بناء على طلبه، ولا يجوز تطبيقها إذا كان المحكوم عليه من أرباب السوابق، أو كانت العقوبة المحكوم فيها من العقوبات المقدرة شرعاً، أو كان في تطبيقها مساس في الأمن، أو إذا استعمل في الجريمة سلاحاً، أو إذا كان في تنفيذ الجريمة مساساً جسيماً بكرامة الضحية. ونص مشروع نظام العقوبات البديلة على تقسيمها إلى أنواع عدة، منها ما يعنى بالكبار أو الصغار، أو عقوبات أخرى بالمنع من مزاولة الأنشطة والأعمال. ورأى الكاتب منصور الزغيبي في مقال نُشر في صحيفة «الحياة» العام 2014، أن استخدام العقوبات البديلة يقلص من نسبة سلبيات السجون التي لخصها أحد الباحثين في «إرهاق موازنة الدولة، وتكدس السجون وما ينتج من العلاقات الجديدة داخلها وتعارف المجرمين واكتساب خبرات جديدة في عالم الإجرام، وتعطيل الإنتاج وعدم استثمار هذه الطاقات في ما يخدم الوطن ويحميها في شكل صحي، وتكرار العود إلى الجريمة». وكان وزير العدل السعودي السابق الدكتور محمد العيسى وجه قضاة المحاكم السعودية بإنفاذ العقوبات البديلة عن السجن لجرائم العقوبات في 29 تشرين الثاني (أكتوبر) 2014، ومنها العمل في دار المسنين، ومغاسل الموتى، وحفر القبور، ومراكز التأهيل الشامل وغيرها من العقوبات البديلة، والذي يأتي على خلفية دراسة أجراها مركز أبحاث الجريمة في وزارة الداخلية حول جرائم عقوق الوالدين، إلى جانب توصيات ورشة عمل عقدها المركز مع الجهات المعنية. وأصدرت المحكمة الجزائية في محافظة جدة في حزيران (يونيو) العام الماضي، حكماً بديلاً عن السجن لفتاتين وشابين تم ضبطهم في «خلوة خلال حفلة ماجنة تتخللها الرقص والغناء»، بإلزام الفتاتين بزيارة 10 مرضى في العناية المركزة في أحد المستشفيات الحكومية. فيما حكمت على الشابين بحفر خمسة قبور، إلا أن المدعي العام اعترض على الحكم، وتقرر رفع الحكم للاستئناف لتدقيقه أمام اعتراض المدعي العام الذي ارفق في ملف القضية، بحسب مصادر لـ«الحياة» وقتها. إلى ذلك، أكد متخصصون قانونيون لـ«الحياة» أن تأخر صدور لائحة «الأحكام البديلة عن السجن»، يعزى إلى عدم توصل اللجنة المعنية إلى اتفاق في شأن الجهة المشرفة على تنفيذ العقوبات بعد إصدار القضاء أحكامه، مشدّدين على ضرورة المسارعة باعتماد جهة محدّدة، سعياً إلى الحدّ من التكدّس داخل السجون على مستوى مناطق المملكة، وإعادة تأهيل المحكوم عليه، والعمل على دمجه في المجتمع. فيما أوضح عضو هيئة التحقيق والادعاء العام سابقاً، المحامي والمستشار القانوني بندر المحرج، أن لائحة العقوبات البديلة تضمنت النص على عقوبات يلجأ إليها القاضي في قضايا معيّنة ووفق ضوابط محددة، مضيفاً: «لكي تكون هذه العقوبات ذات أثر وتحقق المقصد والهدف منها لا بد من تطبيقها أولاً، وتطبيقها يحتاج آلية محددة وواضحة، ومن ضمن هذه الآلية وجود جهة تقوم على تنفيذ هذه العقوبات ومتابعة ذلك والإشراف عليه، ومن المعلوم أن تطبيق العقوبات الجزائية (الحق العام) يكون بحسب نوع العقوبة، وفي الغالب هو إما سجن وإما جلد وإما غرامة مالية، باستثناء عقوبات إتلاف النفس وما دونها، وتلك الأنواع الثلاثة من العقوبات، وخصوصاً السجن لها آثار سلبية على المحكوم عليه ومن يعولهم». وأضاف المحرج أن «المشرّع رأى أن تكون العقوبات البديلة علاجاً جديداً لتقويم وتأديب المحكوم عليه، علماً أن تلك الأنواع من العقوبات كانت وما تزال تُطبق بإحالة أوراق القضية بعد تأييد الحكم الابتدائي واكتسابه الصفة القطعية إلى الحاكم الإداري الذي بدوره يعيد توجيهها إلى (المختصة) في تنفيذ الحكم، والتي يمكن أن تكون إدارة السجن مثلاً». من جهته، رأى القاضي المبادر في المحكمة الجزائية في تبوك الشيخ ياسر البلوي في حديث إلى «الحياة» أن «أعظم قيمة هي العقوبة البعيدة من السجن؛ دفعاً لآثارها الجانبية السلبية، فيما تساعد هذه العقوبات على تدريب الجناة على العمل عموماً وتقبلهم له، ما يؤدي إلى رفع همتهم وانتشال نفسيتهم، بل قد تؤدي بهم هذه العقوبة إلى البحث عن فرصة عمل بعد انتهاء محكوميتهم، وقد يجدون لهم فرصة في الجهة التي أُلزموا بالتطوع فيها». وأوضح البلوي أن «البطالة من أبرز أسباب الوقوع في الجريمة، وخصوصاً من الأحداث، فيما تساعد بدائل السجن على تدريب الجاني على العمل التطوعي، إضافة إلى ما تحققه من فائدة، وخدمة المجتمع والجهات الرسمية وغير الرسمية المناط فيها أدوار خدمية عامة، ومنها البلديات، ودور الرعاية الاجتماعية، والمستشفيات، ومكاتب الدعوة، والجمعيات الخيرية، ونحوها بتوفير عدد من الأفراد المتطوعين»، لافتاً إلى «تنوّع الآثار السلبية التي يمكن أن تترتب على أحكام السجن من طلاق وخلع وانحراف للأبناء ونظرة المجتمع إلى من يُسجن». وفي سياق متصل، شاركت السعودية في الاجتماع العربي السابع للمؤسسات العقابية والإصلاحية لرؤساء المؤسسات العقابية والإصلاحية في تونس في نهاية آب (أغسطس) 2014، لإيجاد عقوبات بديلة من السجن، برئاسة المدير العام للسجون اللواء إبراهيم الحمزي، وناقش المؤتمر الذي استمر يومين عدداً من الموضوعات، من بينها العقوبات البديلة ودورها في المؤسسات العقابية والإصلاحية، إضافة إلى عرض تجارب بعض الدول في مجال العمل في المؤسسات العقابية والإصلاحية.

مشاركة :