يحاول المؤرخ الفرنسي فرنسوا بوفلوغ فهم الأسباب التي تجعل المتشددين على عداء مع الفنون، ويشرح دوافعهم في الهجوم على ما يرون فيه خروجاً عن الدين. ويقول عن القاسم المشترك بين تدمير حركة «طالبان» لتماثيل بوذا في أفغانستان (2011) وتدمير حركة «أنصار الدين» للأضرحة في تمبكتو (2012)، وتدمير تنظيم «داعش» لآثار تدمر في سورية العام الماضي: «حين ينظر المتشددون الى شيء ما على أنه ينطوي على ازدراء او على انه محط عبادة، يتصرفون من موقع من يشعر بالإهانة. تدمير الآثار لا يشكل أولوية استراتيجية للمتشددين، لكنهم يفعلون ذلك ليقدموا انفسهم على انهم مسلمون أتقياء، ومن جهة أخرى هم يوجهون رسالة الى الغرب، والى كل من يحبون الفن لأجل الفن». ويوضح أن بدايات المسيحية كانت خالية من التصوير، وظلت على مدى قرنين وفية للتقاليد اليهودية. أما اليهود فكانوا اقل استهدافاً للصور والتماثيل لأنهم لم يكونوا في موقع السلطة كثيراً. وفي فيلم «السلام عليك يا مريم» لجان لوك غودار لم تكن هناك مبالغة فعلية في المشاهد، لكن هناك من اضرموا النار في السينما (في تور الفرنسية عام 1985)، رافعين شعار «لا تمسوا مريم». وفي العام 2011 تظاهر البعض في باريس ايضاً ضد عرض فني حول تصوير وجه المسيح. ولكن هل يمكن ان تستخدم الجماعات المتشددة الفن لتحوله الى اداة دعاية لها؟ يجيب بوفلوغ: «هناك كثير من المجموعات الدينية تفعل ذلك، وتستخدم في دعايتها الدينية اعمالاً لا يمكن ان توصف بأنها ذات قيمة فنية. لكن يجب أن ندرك أن وظيفة الفن الديني ليست المخالفة، بل التعليم وتوليد العاطفة والتذكير، واذا كان البعض يظن أن الدين يمكن ان يتماشى مع الاختلاف وأحياناً الاستفزاز، فإن غالبية المسيحيين لا يبدون اي اهتمام بمعظم تيارات الفن المعاصر». ويضيف: «أما المسلمون المتشددون، فيرون ان الفن المعارض للأفكار السائدة الذي يمكن ان يتقبله المجتمع كتعبير عن الحرية والإبداع، هو أمر غريب عنهم. من هنا تختلف دوافع التدمير الذي يرتكبونه عن تلك التي تحرك بعض الاشخاص في باريس للاعتراض على عمل مسرحي ما مثلاً».
مشاركة :