رفقاً بالقوارير أيها الرجال لكي لا تنكسر... يصيبني الحزن الشديد كثيراً عندما أجد أننا في القرن الحادي والعشرين وما زلنا نتحدث عن ظاهرة تعنيف المرأة التي تتزايد يوماً بعد يوم، رغم أن الإسلام أعطى للمرأة المكانةَ التي تستحق، وهناك الكثير من الأحاديث التي توصي بها، وأعظم دليل نزول سورة باسم مريم، وهذا يدل على المكانة القيمة التي تعتليها المرأة، وأهميتها. في العالم العربي تجد غالبية النساء تعرضن لأحد أنواع العنف الجسدي أو المادي أو المعنوي خلال طفولتهن أو في الشارع، المنزل، المدرسة، أو في بيت زوجها. العنف ليس إلا وسيلة بيد الضعفاء من الرجال، وسيلة لمن لا إيمان له ولا وعي له ولا ضمير له، العنف لا يولد سوى العنف والكراهية والحقد. #لست_رجلا عندما تقوم بممارسة مختلف أنواع العنف على أمك، زوجتك، أختك... على مخلوقات تعرف بضعفها وخوفها من أبسط الأمور، تهتز مشاعرها وعواطفها إن أصابك أو حل بك مكروه، ترتاح عندما تراك بخير، تفرح لفرحك، تحزن لحزنك، وتقف بجانبك دون أي مقابل. #لست_رجلا عندما تفكر برفع يديك أو صوتك على أختك عندما تخطأ، أو عندما تكون أنت المخطئ، أو على زوجتك التي أحرقت العشاء أو أرادت الخروج برفقتك، أو أمك لأنها امتنعت عن تزويدك بالمال لشراء السجائر، أو ابنتك التي أرادت منك اللعب معها، أو أخطأت ولم تجد منك سوى العنف، وغيرها من الحالات. المرأة كائن لا يتحمل العنف والقسوة، وإن حصل ذلك فهي تكون معرَّضة للتحطم والانكسار. كثير من النساء يتعرضن للعنف من قبل أزواجهن، إخوتهن، أبنائهن، آبائهن، ليكتفين بالصمت وعدم البوح، فماذا عساهن أن يفعلن سوى أن يخففن آثار الضربات التي تحكي قصة التعنيف الذي يتعرضن له من قبل أشخاص أحبوهن بكل صدق، في بلدي المغرب عندما يضرب الزوج زوجته ويسألها أحد عن السبب تقول ليس لكم دخل، فهو "يضربني وميخليش لي يضربني". فهي تخاف من الطلاق والعادات وكلام الناس، ولا تخاف على نفسها من الاندثار والضياع. لو كان يخاف عليك حقاً، لَمَا فكَّر بضربك، لَمَا فكَّر يوماً أن يرى جسدك محمراً، لما ترك الدموع تنزل من عينيك. رغم العنف ورغم كل شيء تتعرض له المرأة في العالم العربي تقوم لتلملم جراحها وتجمع أشلاءها، تسامح أحياناً لرقة قلبها وحنانها مَن تسبَّب لها في تلك الجروح العميقة التي من الصعب أن تشفى.. فرفقا بالقوارير أيها الرجال.. رفقاً بـ: رفيقة دربك عندما تتزوج وتختار فتاة لتكمل حياتك برفقتها، عندما تقبل بها كزوجة، وتقبل بك كزوج، كونا يداً واحدةً، وروحاً واحدةً، ساعِدَا بعضَكما، وعيشا حياةً تسودها المودة والرحمة والمحبة.. اعتني بها، وكن لها ولا تكن عليها، قِفْ بجانبها، ولا تتخلى عنها، لا ترمي أحاسيسها ومشاعرها في مهبِّ الريحِ، وحافظ على أنوثتها، أَحْسِن معاملتها لتحسن إليك. ابنتك، عندما سيرزقك الله بفتاة لا تزرع فيها العنفَ والخوفَ والكراهية، حبِّبها في الحياة، وإن أخطأتْ علِّمها الصوابَ، علِّمها أن تُعبِّر عن رأيها، ولا تنسَ أن تعلِّمها حقوقَها، وارفع من قيمتها، وقف بجانبها إلى أن تعي معنى الحياة. أختك، تلك الفتاة التي عشت طفولتك برفقتها، أمك الثانية، كن قريباً منها، وحاول أن تزيح عنها الخوفَ، وكن لها الأمانَ بعد أبيها، كن لها صديقاً لكي لا تبحث عن صديق مقرب منها، ولا تصرخ في وجهها، انصحها، وقم بإرشادها، كن قدوتها الحسنة، واغمرها بحبك واهتمامك. أمك، أو بالأحرى جنتك، هي أعظم امرأة تستحق منك كلَّ التقدير والاحترام والحب والسعادة، "هي الكل وست الكل"؛ لذا قبل أن تفكر في أن ترفع صوتَك عليها، أو يديك، تذكَّر ما مرَّتْ به لتأتي بك، ما عاشته لتصنع منك رجلاً تستندُ عليه في كبرها، عاملها بكل طيبة يا رجل! في 25 نوفمبر/تشرين الثاني، اليوم العالمي لمنع العنف ضد المرأة أقول لكل رجل: "مَارِس رجولَتك بالطيبة والحنان لا بالعنف". ملحوظة: التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.
مشاركة :