في شهر مارس الماضي، أقرت الحكومة الكويتية وثيقة الإصلاح المالي والاقتصادي، والتي تهدف إلى تحقيق التوازن في الاقتصاد الوطني من خلال إعادة الدور الريادي للقطاع الخاص، وإعادة رسم دور الدولة في النشاط الاقتصادي، بما يعزز تنوع قطاعاته، ويضمن إيجاد فرص عمل للخريجين، ويدعم استدامة الرفاهية الاقتصادية والاجتماعية على المدى الطويل. وقد شملت الوثيقة المذكورة 6 محاور رئيسية، أولها الإصلاح المالي، وثانيها إعادة رسم دور الدولة في الاقتصاد الوطني، وثالثها زيادة مساهمة القطاع الخاص في النشاط الوطني، بينما ركزت المحاور الأخرى على مشاركة المواطنين في تملك المشروعات، وسوق العمل، ونظام الخدمة المدنية وغيرها من الملفات. وفي حين تمحورت أهداف الوثيقة بشكل عام على ترشيد الإنفاق، وزيادة الإيرادات وتخفيض عجز الموازنة في ظل تراجع أسعار النفط إلى مستويات غير مسبوقة، يرى بعض الخبراء والمحللين الاقتصاديين أن الوثيقة قد تكون عرضة لتعديل بعض بنودها من قبل عدد من أعضاء مجلس الأمة الجديد. وبينما يستند هؤلاء (الخبراء) إلى تصريحات عدد من النواب الذين أشاروا إلى أن وثيقة الإصلاح ستكون أولوية بالنسبة لهم، اعتبر رئيس مجلس الإدارة في شركة نقل وتجارة المواشي، بدر السبيعي، أن الوثيقة هي صيغة تنفيذية صادرة من قبل الحكومة، وبالتالي فهي ليست أمراً تشريعيا، ما يعني أنه ليس لمجلس الأمة دور في هذا الأمر. وأوضح السبيعي في تصريحات لـ «الراي» أن «السؤال الذي يجب أن يُطرح، هو هل هذه الوثيقة هي لصالح المجتمع أم لا؟»، لافتاً إلى «أننا نحتاج إلى تعديلات في الإصلاح الاقتصادي ككل، ووثيقة الإصلاح ليس للإصلاح، بل هي لتعديل ميزانية الدولة فقط». وأشار إلى أن من أبرز متطلبات الإصلاح هو أن تبادر الدولة إلى تعيين وزير للاقتصاد، قائلاً «نصارع منذ نحو 8 سنوات في الوضع الاقتصادي دون نتائج ملموسة، كما نحتاج إلى تشريع قوانين جديدة، مثل قانون خاص بالضريبة، وتعديل قانون جذب الاستثمارات الأجنبية، ما يعني أن الإصلاح الاقتصادي لا يمكن تحقيقه بدون وضع منظومة متكاملة للإصلاح الاقتصادي، وهذا أمر لا يمكن تحقيقه من دون تعيين وزير متخصص للاقتصاد، وهو الذي سيكون عليه وضع الحلول المناسبة لمعالجة الوضع الاقتصادي الشامل، ووثيقة الإصلاح ليست هي الحل». من ناحيته، رأى رجل الأعمال، محمد النقي أن «وثيقة الإصلاح هي وثيقة تنفيذية، أي من اختصاص الحكومة، ولا شأن لمجلس الأمة بها». ودعا النقي المجلس الجديد إلى عدم عرقلة تنفيذ بنود الوثيقة، وألا يكون حجر عثرة أمامها، مضيفا أن التغيير شيء طبيعي، وهو يحصل في جميع أنحاء دول العالم خصوصاً عندما يحصل خللٌ في ميزانية الدولة، ومن أجل تعديل هذا الخلل بين العمل على تعديل بنود المصروفات والإيرادات. ووصف النقي المجلس السابق بأنه كان جيداً، مشيداً في الوقت نفسه بدور رئيس المجلس السابق، مرزوق الغانم، مشدداً على أنه كان رجلاً مسؤولاً يعمل لخدمة الكويت أولاً وأخيراً. وذكر أن مطالبات بعض الأعضاء في المجلس السابق بإلغاء رفع الدعم عن البنزين، بأنه أمر ليس منطقياً، مضيفا انه ينبغي على المواطنين المساهمة مع الحكومة التي لم تخفض الرواتب، لتخفيف الضغط عن الميزانية. في المقابل، أشار إلى جملة أمور سلبية، شابت عمل بعض الوزراء في الحكومة، مشدّداً على ضرورة اختيار وزراء أصحاب قرار يعملون من أجل خدمة البلد، وإيجاد حلول واقعية للعقبات الموجودة، سواء على المستوى الاقتصادي أو غيره من المجالات والقطاعات الأخرى، كما أنه ينبغي على أعضاء مجلس الامة أن يكون ولاؤهم للوطن أولاً وأخيراً، وليس للعائلة أو القبيلة أو الطائفة،ألا يتدخلوا في الأمور التنفيذية، والتفكير بمصحلة الوطن أولا وأخيراً.
مشاركة :