«متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا» ؟! | عبدالله بن يحيى المعلمي

  • 11/28/2016
  • 00:00
  • 50
  • 0
  • 0
news-picture

صرخة أطلقها الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه قبل أربعة عشر قرناً جسَّد فيها أبسط معاني الإنسانية وأرقاها، نعم لقد وُلد الناس أحراراً واتفقت دول العالم قاطبة على تحريم العبودية في شكلها التقليدي وسنَّت القوانين لفرض الالتزام بذلك وتجريم المخالفين، ولكن الجشع والجريمة والتطرف قد اجتمعت لكي تعيد إلى الوجود أنماطاً جديدة من العبودية حيث تقدر إحصائيات الأمم المتحدة عدد الخاضعين لها بحوالي ستة وأربعين مليون إنسان ويبلغ عدد الأشخاص الذين يُتاجَر بهم سنوياً ما يقارب المليون ونصف مليون إنسان محققة تلك التجارة دخلاً يقارب مائة وخمسين بليون دولار سنوياً مما يفسر مدى تشبث القائمين عليها بهذا السلوك البشع. وتصنف أنماط العبودية الحديثة إلى عدة أصناف منها أعمال السُّخرة حيث تقدر الإحصائيات أعداد العاملين بالسخرة، أي الذين لا يتقاضون مقابلاً مادياً عن عملهم، بحوالي تسعة عشر مليون إنسان منهم خمسة ملايين إنسان مسخَّرون في أعمال الدعارة، ويشكل الأطفال دون سن الثامنة عشرة مجالاً خصباً للإتجار بالبشر وتتنوع أنماط العبودية بينهم فمنها العمل بالسخرة ومنها المشاركة القسرية في الحروب حيث يقدر عدد الأطفال المحاربين في العالم بقرابة ثلاثمائة ألف طفل ومنها الزواج المبكر الذي تباع فيه الفتيات إلى أزواج يكبرونهن بعشرات السنين وغالباً ما يكون ذلك تسديداً لديون الأبوين، كما نشأت حديثاً تجارة الأطفال حيث تتعمد بعض الأمهات نتيجة للقهر والفاقة بيع أطفالهن حديثي الولادة على افتراض أن هؤلاء الأطفال يمكن أن يحظوا بحياة أفضل عند أسر تتبناهم ولكن واقع الأمر هو أنهم يؤخذون إلى عصابات التسول والإجرام ثم يستخدمون كمزارع للأعضاء البشرية. ومن بين من يتعرضون لنوع من أنواع العبودية الحديثة خدم المنازل الذين يبلغ عددهم في العالم حوالي مائة وثمانية وستين مليوناً، يقدر أن عشرة إلى خمسة عشر بالمائة منهم يتعرضون لأنماط من المعاملة يمكن أن توصف بالعبودية مثل العمل على مدار الساعة ومصادرة وثائق هوياتهم وعدم السماح لهم بالخروج وأحياناً الضرب والتعذيب وحرمانهم من حقوقهم المادية. وتمارس عصابات الإرهاب والإجرام مثل داعش وبوكو حرام أنماطاً من الاستعباد يفبركون لها المبررات الدينية الزائفة وهي في واقع الأمر إما وسيلة لجني الأموال أو لإرضاء نزوات أعضاء هذه العصابات وإغرائهم بالإمعان في جرائمهم وأعمالهم الوحشية. عبودية القرن الحادي والعشرين ممارسة يندى لها جبين الإنسانية ولعلها تفوق في دناءتها ووحشيتها العبودية التقليدية في العصور السابقة، وهي ظاهرة ينبغي أن نتيقظ لها ونتصدى لمنعها ومحاربتها كيفما يتيسر لنا ذلك. afcar2005@yahoo.com

مشاركة :