غداة مصادرته نسخ صحيفتَي «الأيام» و «الجريدة» المستقلتين من دون إعطاء مبررات وتوقيف بث فضائية «أم درمان» الخاصة بحجة عدم حصولها على ترخيص، أعاد جهاز الأمن والاستخبارات السوداني أمس، مصادرة نسخ المطبوعتين المذكورتين، إضافة إلى صحيفتين أخريين هما «التيار» و «اليوم التالي» بعد إكمال طباعتها، عقاباً لها لمساندتها الدعوة إلى العصيان المدني ونشرها معلومات اعتبرته ناجحاً. ولاقت دعوة العصيان المدني في العاصمة الخرطوم استجابةً جزئية من المواطنين في مدن الخرطوم الثلاث الأحد الماضي، بينما انحسرت أول من أمس. وشهد يوم أمس، وهو اليوم الأخير للعصيان، عودة الحركة إلى طبيعتها، رغم نشر ناشطين صوراً لطرق خالية من حركة المرور، ومحال تجارية مغلقة في مدينة عطبرة، شمال البلاد. وفي حين لا تقدم السلطات الأمنية تفسيراً لعمليات مصادرة نسخ الصحف، إلا أن صحافيين تحدثوا إلى «الحياة»، رجحوا أن يكون هذا الإجراء بمثابة عقوبة لنشر تلك الصحف دعوات العصيان المدني المناهض لقرارات الحكومة الاقتصادية الأخيرة التي زادت أسعار الوقود والكهرباء الدواء. واعتبر صحافيون الخطوة انتهاكاً لحرية الصحافة ومحاولةً للتأثير على الصحف عبر تكبيدها خسائر مالية، على اعتبار أن عملية المصادرة تكلّف الصحف قيمة الطباعة وفقدان دخل الإعلان المفترض نشره. وتفرض سلطات الأمن منذ إعلان الحكومة السودانية قرارات اقتصادية قاسية قبل 3 أسابيع تقريباً، قيوداً على الصحف في تغطيتها المنتقدة ارتفاع أسعار الوقود والدواء والكهرباء، فضلاً عن حظر مظاهر الاحتجاج. من جهة أخرى، أعلنت الأمم المتحدة أنها ستعمل على توفير الظروف الملائمة لاستقبال القوات الإقليمية التي أقرها مجلس الأمن الدولي في جنوب السودان، وذلك بعد موافقة الحكومة في جوبا على نشر هذه القوات الجديدة. وأكدت ممثلة الأمين العام للأمم المتحدة في جنوب السودان إيلين مارغريت، أن البعثة الدولية ستجهز كل إمكانات استقبال القوات الإقليمية التي أقرها مجلس الأمن لتعزيز الأمن وحماية المواطنين في جوبا. وأضافت أن الأمم المتحدة تأمل أن تحصل من جوبا على خطاب مكتوب يؤكد موافقتها على نشر هذه القوات، أو بيان رسمي موقع من الحكومة بشأن هذا القرار. وكانت الحكومة أعلنت استعدادها قبول نشر قوة حماية إقليمية تابعة للأمم المتحدة في أي وقت، بعدما أنذر القتال الذي اندلع في العاصمة في تموز (يوليو) الماضي بإعادة البلاد إلى الحرب الأهلية الشاملة. إلى ذلك، منعت السلطات في جنوب السودان فريق مراقبة وقف النار من الوصول إلى منطقة «ياي» لتقييم الوضع الأمني في المنطقة الاستوائية الوسطى المضطربة. وأفادت «آلية وقف النار والترتيبات الأمنية الانتقالية» في بيان أمس، أن أحد فرقها مُنِع من حرية الحركة أثناء محاولته الوصول إلى منطقة ياي لإجراء تقييم لعمليات العنف في المنطقة، مشيرةً إلى أنها تلقت موافقة الجهات المعنية، بما فيها لجنة وقف النار العسكرية المشتركة منذ وقت مبكر من هذا الشهر لزيارة المنطقة. وأضاف البيان: «عندما بدأ فريقنا رحلته من جوبا صباح اليوم (الثلثاء) أُوقف عند نقطة تفتيش على ضواحي المدينة وتم إخباره بأنه غير مسموح له بالمغادرة أبعد من ذلك». في شأن آخر، اقترح مجلس العلاقات الخارجية الأميركي في تقرير خاص بعنوان: «إنهاء الحرب الأهلية في جنوب السودان»، إنشاء إدارة دولية انتقالية مؤلفة من الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي لفترة محددة، لحماية سيادة دولة جنوب السودان وسلامة أراضيها، فضلاً عن استعادة شرعيتها وتمكين مواطنيها سياسياً. وقالت مديرة مركز أفريقيا للدراسات الاستراتيجية في جامعة الدفاع الوطني وكاتبة التقرير الخاص، كاثرين ألمكويست كنوبف، إن الحرب الأهلية تركت دولة جنوب السودان على أعتاب إبادة جماعية واسعة النطاق. وذكرت أن الإدارة الانتقالية هي الطريق الواقعي الوحيد لإنهاء العنف وإعطاء جنوب السودان «استراحة نظيفة» من قادتها وهياكل السلطة حتى تعود البلاد إلى الاستقرار. وأوصى التقرير الجديد الصادر عن مركز الإجراءات الوقائية، الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي لقيادة الإدارة الدولية الانتقالية بتفويض تنفيذي لمدة 10 إلى 15 سنة حفاظاً على سلامة أراضي جنوب السودان وتوفير المبادئ الأساسية لنظام الحكم والخدمة العامة وإعادة بناء الاقتصاد المدمر ووضع الإطار السياسي والدستوري للانتقال إلى السيادة الكاملة. وأشار التقرير إلى أنه يمكن وضع حد لمعارضي الإدارة الانتقالية من خلال الخلط بين السياسة والقوة، وذلك بالعمل مع القطاعات المحبطة من حكومة الرئيس سلفاكير ميارديت ومجموعة نائب الرئيس السابق رياك مشار، ومن ثم نشر قوة تدخل لردع «أي مفسد آخر». وأشارت كنوبف إلى أن جهود مماثلة نجحت في البوسنة والهرسك وكوسوفو وتيمور الشرقية وكمبوديا وليبيريا.
مشاركة :