كان على منظمة أوبك أن تتحمل بقاء الأسعار منخفضة لفترة أطول لتحقيق هدفين استراتيجيين، هما دحر الآفاق المستقبلية لإنتاج النفط الصخري والحقول المرتفعة التكلفة، وتعزيز سيطرتها على حصة أكبر في الأسواق. العربسلام سرحان [نُشرفي2016/12/02، العدد: 10473، ص(11)] عادت منظمة أوبك لاستخدام المسكنات المؤقتة في معالجة أزمة انخفاض أسعار النفط العالمية، بعد أن قاومت لنحو عامين ونصف العام مطالب العودة للتحكم في السوق، التي انتهى عهدها، والتي من المتوقع أن يكون مفعولها قصير الأجل. لن يؤدي خفض الإنتاج سوى إلى إنقاذ بعض منتجي النفط المرتفع التكلفة، المهددين بوقف الإنتاج، وكذلك عودة بعض المنتجين الذين توقفوا منذ وقت قصير بعد ارتفاع الأسعار فوق حاجز 50 دولارا للبرميل، والذي سيجعل إنتاجهم مجديا مرة أخرى. قد يستفيد منتجو أوبك لوقت قصير من ارتفاع الأسعار بعدة دولارات، كما حدث بالفعل، لكن منتجين آخرين سيسارعون لتعويض ذلك الخفض، ليجد منتجو أوبك أنهم لم يربحوا شيئا، بل خسروا حصة من الأسـواق التي بذلوا جهودا كبيرة لانتـزاعها. على مدى العامين الماضيين، كان هناك اعتقاد بأن المنتجين تعلموا الدرس جيدا، وأدركوا أن سياسة التأثير في الأسواق من خلال خفض الإنتاج، مضى عليها الزمن، وأن ترك الأسواق لعوامل العرض والطلب هو الطريق الوحيد، مثلما هو الحال في جميع السلع الأخرى. دونالد ترامب سيكون المستفيد الأول من خفض إنتاج أوبك، لأنه سيؤدي إلى تحقيق وعوده بإنعاش الإنتاج بإزالة قيود التنقيب والإنتاج في الأراضي الأميركية ويبدو أن المنتجين فقدوا صبرهم أمام الضغوط المالية المؤقتة وارتفاع عجز موازنات البعض، إضافة إلى ضغوط التحركات السياسية من قبل الدول الأشد تضررا مثل الجزائر وفنزويلا، التي أحرجت بعض البلدان مثل السعودية، وجعلتها تستجيب، كي لا يبدو أنها العقبة الوحيدة أمام مطالب خفض الإنتاج. ومن المرجح أن تتفجر عقبات كبيرة بوجـه الاتفـاق الذي تم التوصل إليه الأربعاء بخفض إنتاج المنظمة بنحو 1.2 مليون برميل يوميا، يتبعها خفض من الدول غير الأعضاء بنحو 600 ألف برميل يوميا. فرغم هذا الخفض الكبير الذي سيقلص تخمة المعروض في الأسواق بنحو 1.8 مليون برميل، لم ترتفع الأسعار سوى بنحو 4 دولارات في الساعات الأولى، لتعود وتفقد نصفها في نهاية تعاملات أمس. جميع المحللين والمـؤسسـات العــالمية تشكـك في إمكـانية التحقق من إلتـزام الـدول الأعضـاء في أوبـك والمنتجـين المستقلين بالتعهدات التي قطعوها. ولكن يبدو أن خوف المنتجين من هبوط حاد في الأسعار في الربيع المقبل، عند تراجع الطلب بعد انقضاء فصل الشتاء، أجبرهم على هذه الخطوة، التي لن يكون لها مفعول بعيد المدى، بل ستؤدي إلى تقليص دورهم في أسواق النفط. حجر الزاوية يكمن في أن متوسط تكلفة إنتاج أوبك يقل بشكل كبير عن تكلفة إنتاج معظم النفط الصخري، التي يفوق بعضها أسعار النفط الحالية. كان على منظمة أوبك أن تتحمل بقاء الأسعار منخفضة لفترة أطول لتحقيق هدفين استراتيجيين، هما دحر الآفاق المستقبلية لإنتاج النفط الصخري والحقول المرتفعة التكلفة، وتعزيز سيطرتها على حصة أكبر في الأسواق. جميع المكاسب المؤقتة ستذهب أدراج الرياح، إذا عادت الأسعار إلى الارتفاع لأنها ستسمح للكثير مـن منتجي النفــط الصخـري والنفط المرتفع التكلفة بالعودة لزيادة الإنتاج وانتزاع الحصص التي تركتها طـوعا بلدان منظمة أوبك. المستفيد الأكبر سيكون دونالد ترامب الذي وعد خلال حملته الانتخابية، بإزالة جميع قيود التنقيب والإنتاج في جميع الأراضي الأميركية. وسيؤدي قرار أوبك إلى تحقيق وعوده بإنعاش إنتاج النفط والغاز الأميركي. كاتب عراقي سلام سرحان :: مقالات أخرى لـ سلام سرحان أوبك تعود لاستخدام المسكنات غير المجدية, 2016/12/02 الاقتصاد التونسي بين الوعود والطموحات والعقبات المزمنة, 2016/11/29 الرئيسة الفرنسية مارين لوبن, 2016/11/24 التلفزيون يبتلع السينما, 2016/11/18 تونس تروج لقمتها الاستثمارية 2020 في لندن, 2016/10/14 أرشيف الكاتب
مشاركة :