ماذا لو تقدمت قطر... ماذا لو تراجعت قطر؟

  • 3/24/2014
  • 00:00
  • 15
  • 0
  • 0
news-picture

النسخة: الورقية - دولي ماذا لو لم تغير قطر سياساتها التي أغضبت الدول الخليجية الثلاث؟ ماذا لو استمرت في دعم «الإخوان» وذهبت بعيداً في هذا الأمر؟ وماذا لو أسفرت ضغوط السعودية والإمارات والبحرين عن تغيير اتجاه السياسة القطرية، وتسييرها ناحية المصلحة الخليجية الكبرى؟ ماذا لو تراجعت قطر وأبدت اعتذارها، وبحثت عما يرضي الجارات الثلاث؟ يتساءل الكثيرون... سأبـــدأ بالسؤالين الأخيـــرين وأجيب بإيجاز: لن يــــؤثر هـــذا في الواقع السعودي - الإماراتي - البحريني، بينــــما سيرتبك البيت القطري الداخلي، أما مجلس التعاون الخليجي فستزيد فرصه لأن يصبح اتحاداً من دون عُمان. وأفصّل، لو تراجعت قطر عن دعم «الإخوان» وباقي الجماعات المتشددة التي تهدد أنظمة الحكم في الخليج، فستستمر الحال الرعوية الأبوية - كفالة الحاكم للمحكوم - في هذه الدول الثلاث على ما هي عليه، وستسير مركبة «التوافق التاريخي» ما بين شعوب هذه الدول ونخبها الحاكمة، في الطريق ذاته الذي سلكته منذ عشرات الأعوام، والذي كان من نتيجته الاستقرار السياسي الطويل الذي أنتج رخاء اقتصادياً قائماً على رعاية حكومات هذه الدول مواطنيها، المنتجين منهم وغير المنتجين. هذا على المستوى الداخلي، أما تأثير هذا التراجع القطري في سياسات دول الخليج الإقليمية ومواقفها، فستظل الحال على ما هي عليه، إذ ستبقى السعودية صوتاً لدول الخليج في المفاوضات الإقليمية والدولية المتعلقة بقضايا المنطقة، وستنصهر باستمرار الرؤى والاتجاهات الخليجية كافة في قالب واحد، وسيُطلب من السعودية دائماً حمله للعالم، معرضة صدرها للسهام، فيما الدول الشقيقة الأخرى في الظل تنعم. لن يغير هذا الأمر شيئاً داخل الدول الثلاث وخارجها، أما في قطر فتسقط أقواس الدائرة جميعها، فمن لا يتفق حالياً من القطريين مع السياسة الخارجية لدولته، فستكون فرصه أكبر في المعارضة الداخلية - خصوصاً إذا كان من العائلة الحاكمة - حينما يتبيّن خطأ الأعوام الماضية الذي كان من كفارته التراجع والخضوع لإملاءات الجيران الغاضبين، ومن يدعم التوجه الحكومي الحالي المخالف للسياسات الخليجية العامة، فسيشعر بعبثية الموقف، وسينكسر تحت وطأة المراهنة الخاسرة. عودة الابن القطري لأسرته، قد يكون من نتائجها تغيير واسع على مستوى القيادات السياسية العليا لسببين: الأول حفظ التوازن النفسي للشعب القطري بمكوناته كافة، والثاني إرسال رسالة للدول الخليجية مفادها أن التغيير الكلي للسياسات لا يكون إلا بتغيير جذري في صنّاع هذه السياسات. الضلع الثالث في هذا المثلث هو مجلس التعاون الخليجي الذي سيسير بسرعة إلى الحال الاتحادية، مستفيداً من اتفاق الدول الثلاث، واستعداد قطر للقيام بكل ما يرضي «المحتضنين» الجدد، ورغبة الكويت في أن ينعكس الاتحاد الخليجي إيجاباً على موقف العائلة الحاكمة في مواجهة التيارات الشعبية المتصاعدة. أما عُمان فستظل هي عُمان، إذ لا مخاوف جدية من مآلات توريث الحكم، ولا أخطار من انتقال الموجة الخليجية إلى الداخل بحكم توقف الامتداد الديموغرافي عند الحدود العُمانية. ومن التفصيل أعود إلى الإيجاز مرة أخرى لأجيب على السؤالين الأولين: ستتأثر قطر داخلياً، وستضطرب السياسية الإقليمية لدول الخليج خارجياً، أما مجلس التعاون فسينفرط عقده، ويتحول إلى ذكرى غير جيدة لأنصاره ومعارضيه على حدٍّ سواء. وأفصّل، أنه لو مضت قطر بعيداً في مشروعها الذي لأجله استعْدت جيرانها، فسيتعين عليها التحول بسرعة إلى الملكية الدستورية، وفصل الملك عن الحكم، ليتوافق مشروعها المعلن - لا أحد يعرف بالضبط أجندتها الداخلية - مع خطواتها التبشيرية في المنطقة! الدوحة تقول دائماً إنها تقف مع الشعوب ضد حكامها، وهي بهذا الفهم - المضطرب في تقديري - مطلوب منها أن تثبت للعالم أنها تفعـــل ما تؤمن به من خلال تسليم الحكم للبرلمان المنتخب، وتشريف العائلة الحاكمة حالياً بالمَلك والرمزية الوطنية! أما لو ظلت قطر على وضعها الحالي، حيث «أهلاً وسهلاً ودعماً لمن تعتبرهم شعوباً في الخارج» وهم ليسوا كذلك، وحكماً ملكياً وراثياً في الداخل لا إشارات لتغييره، فستصاب بحال من «الشيزوفرينيا» التي ستفضي إلى حلحلة البيت الداخلي، والذهاب إلى المجهول. هذا إذا ما أخذنا الحال القطرية بحسن نية، إما إذا ربطنا الملاحظات بالأدلة والقرائن، فإن الدعم القطري للجماعات المسلحة على الخريطة العربية بهدف استخدامها في دعم مواقفها الضاغطة والمخالفة، سينعكس على المدى القريب جداً على الداخل القطري المسالم جداً، فالنار تنتقل عادة من ثوب الصديق إلى ثوب صديقه. أما الدول الخليجية الثلاث التي تقف على الضفة الأخرى فسترتبك في الداخل قليلاً، لكنها ستستعيد توازنها بسرعة، خصوصاً بعدما استطاعت أن تحشد الإجماع الشعبي ضد من يتحدثون باسم «الإصلاح المدعوم قطرياً»، وهم في الحقيقة ليسوا إلا طلاب حكم لغاية الحكم نفسه. داخلياً لن يتغير الأمر كثيراً، أما خارجياً فستتقاطع المصالح الإقليمية عند الأبواب الخليجية المغلقة، وسيصبح من السهل اختراق القرارات والمواقف الخليجية بما لا يخدم مصالح هذه الدول، وستبقى الورقة القطرية ورقة ضغط دائمة في يد الدول التي لا تتفق مع سياسات السعودية والإمارات والبحرين والكويت. أخيراً... هل يمكنني التحدث عن مجلس التعاون بغياب قطر وعُمان؟ كان مؤملاً قبل عامين أن يكون 6 + ٢ بمشاركة الأردن والمغرب، واليوم سيصبح 6 - ٢ بخسارة عُمان وقطر، وكما كانت ستهدمه الزيادة، فإن النقص أيضاً سيقضي عليه! لكنه في كلتا الحالتين سيظل ذكرى غير جيدة، لأنه لم يحقق حتى الآن أدنى درجات التكامل.     * كاتب وصحافي سعودي toalhayat@hotmail.com

مشاركة :