قطاع التجزئة الخليجي أمام تحدي تغيير استراتيجيته الرقمية

  • 12/3/2016
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

يمر قطاع التجزئة على مستوى العالم بفترة من التغيير السريع، الذي أجبر العلامات العالمية الرئيسية، مثل والمارت، على التحرك خارج حدود متاجرها للولوج في العالم الرقمي. كما أجبر هذا التغيير رواد العالم الرقمي مثل أمازون لإقامة مواقع حسية لعملائها، لتثبت بذلك أن تطور العملاء يواكبه تطور من قبل التجار. إنها فترة الاستكشاف والتغيير بالنسبة للعملاء وتجار التجزئة على السواء. تجار التجزئة يحتاجون لإعادة النظر في نموذج أعمالهم، خصوصا مع تنامي عدد العملاء من جيل الرقمية، ووجود الضغوطات بهدف تعزيز الفعالية والإجراءات، والحاجة لإيجاد مصادر جديدة من العائدات، بحسب الدكتور ريمون خوري نائب الرئيس التنفيذي في شركة «بوز.ألن.هاملتون». فهم الواقع الجديد لعالم التجزئة في منطقة الخليج العربي بعد فترة من النمو السريع الذي امتد لسنوات عدة، ومكانة المنطقة كوجهة عالمية رائدة في قطاع التجزئة، برز تباطؤ متوقَّع لهذا التوجه في المرحلة الأخيرة. ووفق أبحاث كانتار للتجزئة، فإنه من المتوقع أن يشهد سوق الشرق الأوسط لقطاع التجزئة نموا بنسبة %7.7 كمعدل سنوي ما بين 2015 و2020، متراجعا عن المعدل السابق الذي سجل %9.8 للسنوات بين 2010 و2015. انطلاقا من هذا الواقع، سيحتاج قطاع التجزئة في منطقة الخليج العربي لإعادة النظر في استراتيجيته الرقمية، وتقييم الفرص على المدى القصير والمدى الطويل، ووضع الأولويات والاستعداد للتحديات والقوانين، وتصميم الخطط لتلبية المتطلبات الخاصة بالمنطقة. وتتميز منطقة الخليج العربي بكون النسبة الأكبر من سكانها هي من الشباب دون الـ 25 من عمرهم، مما يزيد من حاجة تجار التجزئة لوضع استراتيجية تلبي متطلبات جيل من أبناء العصر الرقمي. واستنادا إلى ألبين كابيتال، يتوقع أن يصل عدد سكان منطقة الخليج العربي إلى 60 مليون نسمة بحلول العام 2020، وأن يفوق عدد الذين هم دون الـ25 من عمرهم الـ22 مليون نسمة، تبعا للدكتور ريمون خوري. لكن قبل اعتماد التفكير الرقمي، من المهم أيضا فَهم الدور المتغير للمتاجر القائمة. فاليوم، وبدلا من إقامة متجر واحد لتنمية المبيعات، يقام المتجر كمركز يتيح تجرِبة شخصية للعملاء لإقامة علاقات طويلة الأمد، وتحويل هؤلاء العملاء إلى أشخاص أوفياء للعلامة. وكمثال على ذلك، متجر آبل في مول الإمارات الذي يتيح تجربة متكاملة للعملاء، حيث يتمكنون من التعرف عن قرب على المنتجات والتحدث إلى البائعين والخروج بفهم أفضل للتكنولوجيا التي تتيحها العلامة، بدلا من الشعور بضرورة شراء المنتج. لذا فقد تطورت متاجر التجزئة لتصبح أداة للتسويق ومحركا لتوليد الطلب وأسلوبا لتبيُّن تميز العلامة 2. التحول إلى الوضع المباشر/الرقمي phygital يطبق التحول عبر كل النقاط المعنية بحلقة العملاء، أكان ذلك في مرحلتي ما قبل أو بعد البيع، وبسلاسة أكبر وأكبر عبر منصات المبيعات المباشرة أو الرقمية، أو ما قد أصبح يعرف بالمنصات المباشرة/الرقمية. في هذا الواقع خاصة تؤدي الرقمنة دورا أساسيا لتعزيز تجرِبة العملاء، حيث يمكن لتحليلات البيانات المتقدمة الإسهام بمعلومات مفيدة للتسويق والخدمات من خلال الكميات الهائلة من بيانات العملاء التي تم جمعها. انطلاقا من هذا، تستخدم تلك المعلومات لاستخلاص فكرة شخصية شاملة للعميل، بهدف إتاحة تجارب أكثر ذكاء وإفادة له، ولتحديد قواعد عملاء جدد تجمعهم اهتمامات مماثلة. المعلومات المجمعة تتيح معلومات حول سلوك وتفضيلات العملاء، مما من شأنه إتاحة المزيد من خيارات التسويق المباشرة لتجار التجزئة. يمكن أن يكون الابتكار في مجال التجزئة من خلال الاستراتيجيات الرقمية أفقيا أو عموديا. الابتكار الأفقي يعني تعزيز خطوط المنتجات القائمة التي يمكن أن تتحول إلى مصدر دخل منتظم ومتكرر. أما الابتكار العمودي فيتم من خلال تقديم خطوط لإنتاج جديد لم يكن موجودا من قبل، وهي مبنية على تحليلات بيانات سلوك العملاء، على صعيدي البيع الإلكتروني وفي المتاجر، كالمنتجات المطبوعة بتقنية الأبعاد الثلاثية وفق الطلب، بحسب الدكتور ريمون خوري. العملاء هم الأكثر تأهلا للإفادة من الرقمنة. فبالإضافة إلى أنهم يحصلون على المزيد من الخيارات التي لم تكن متاحة لهم من قبل، وذلك بنقرة زر بسيطة، سيتمكنون من القيام بالخيار المناسب بمعرفة سهلة المنال، وبدعم من مجموعة من الأقران المؤهلين على مواقع التواصل الاجتماعي، وهو إجراء مدعوم من السوق ومتاح رقميا. مواجهة المخاوف وفيما تغيِّر الاستراتيجيات الرقمية القطاع، من المهم أن يستعد تجار التجزئة لبعض التحديات المتوقعة. مثلا، تتيح الأتمتة اليوم إمكانية تتبع حركة المنتجات خلال إجراء التسليم: من التصنيع إلى الشحن والتسليم. الأتمتة تتيح فعالية وتحسين الإجراءات وتزيل التكرار. ويؤدي ذلك إلى إعادة توزيع الوظائف، كما ستحتاج بعض الوظائف التقليدية لإعادة التوجيه. هناك مخاوف غير مفهومة حول إمكانية تهديد الرقمنة والأتمتة للوظائف. الإدارة الذكية للتغيير أساسية تجاه معالجة تلك المخاوف والحصول على دعم كبير للرقمنة في قطاع التجزئة. ومن المهم جدا أن نفهم أنه بدلا من التكرار، فإن الرقمنة والأتمتة تتيحان إعادة توزيع للوظائف واكتساب أو تطوير مهارات جديدة حيث يصبح جوهر الوظيفة أكثر تطورا. الأمن هو تحدٍّ آخر، ومن المهم إدراك الأمر القائل إن الحفاظ على الأمن هو إجراء مستمر. الأمن السيبراني هو هدف تحويلي ويتضمن تخطيطا للأمن المباشر/الرقمي المتكامل، حيث تسعى جهات الإتاحة المباشرة والرقمية إلى التداخل، كأنظمة التدفئة والتهوية وتكييف الهواء أو الأنظمة الأمنية في المراكز التجارية ومنصات التكنولوجيا المتداخلة الخاصة بها. الخصوصية والشأن الآخر هو الحفاظ على خصوصية البيانات. ويقضي أحد الحلول بإخفاء مصادر المعلومات من خلال إخفاء التفاصيل الشخصية، بحيث تستخدم الإفادات الناتجة عن معلومات العملاء عند التعامل مع المخاوف المرتبطة بالخصوصية، وفقا للدكتور ريمون خوري. على مستوى المنطقة، سعت الحكومات لوضع عدد من التشريعات مؤخرا لإتاحة المزيد من الإدراك، والدعوة إلى مشاركة أكبر بين الحكومات والمواطنين عندما يتعلق الأمر بتبادل البيانات. مثلا، قانون دبي للبيانات المفتوحة الذي أطلق في العام الحالي 2016 يتطلب من الأفراد والمؤسسات العامة والخاصة على السواء تسهيل الوصول إلى بياناتهم، بطريقة مجهولة الهوية، إما لتحريرها أو لتبادلها مع جهات التزويد الأخرى. إن الهدف من هذه المبادرات هو ضمان قاعدة واسعة من قبول العملاء بحيث يتمكن تجار التجزئة من استخدام مصادر مجهولة الهوية لتعزيز تجرِبة العملاء. ماذا بعد؟ علم الروبوتات هو مجال مهم، وقد بدأ يظهر تأثيره في قطاع التجزئة. من التصنيع إلى اللوجستيات، سيصبح هذا العالم الذي لا يعتمد على الإنسان هو التقليد الجديد في المستقبل غير البعيد. الواقع الافتراضي والواقع المعزز يساعدان على تحسين تجرِبة العملاء، وهما موجودان ليبقيا، والمثال على ذلك هو متاجر ماركس آند.سنبسرز في منطقة الشرق الأوسط، التي أطلقت الخزانة الافتراضية، مستخدمة واقعا معززا يتيح للعملاء تجربة الملبوسات والإكسسوارات. الطباعة ثلاثية الأبعاد تسهم هي أيضا في إحداث ثورة في قطاع التجزئة، حيث توقع المحللون في قطاع التجزئة جارتنر أن يستخدم 7، من أبرز 10 تجار تجزئة في العالم على الأقل، الطباعة ثلاثية الأبعاد، كما يتوقع أن يزداد الإنفاق على الطباعة ثلاثية الأبعاد في منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا من 0.47 مليار دولار في العام 2015 إلى 1.3 مليار دولار بحلول العام 2019، وذلك وفق منظمة البيانات العالمية IDC. كما تستعد الحكومات الإقليمية لدور متزايد لهذه التكنولوجيا عبر القطاعات. مثلا، افتَتح أول مبنى للمكاتب منفذا بالطباعة ثلاثية الأبعاد في دبي مؤخرا، وتهدف استراتيجية دبي للطباعة ثلاثية الأبعاد إلى جعل المدينة مركزا عالميا للطباعة ثلاثية الأبعاد بحلول العام 2030. كما يتوقع أن يزداد الانتشار لتكنولوجيا «من الآلة إلى الآلة» (M2M) في قطاع التجزئة، لتعزيز تجربة العملاء، من خلال توجهات الدفع من خلال جهاز الهاتف النقال أو من خلال التسويق الموجه وفق المناطق. لقد أصبح المتصل عبر شبكة الإنترنت كمنجم ذهب من الأفكار الجديدة، التي تتيح الفوائد للعملاء وتجار التجزئة. التغيير يحمل معه دائما نوعا من الارتباك، والرقمنة في قطاع التجزئة لن تكون بمعزل عن هذا الأمر. المهم ألا تتم عملية التحول إليها بقلق، بل التخطيط لها بشكل منتظم لكي تحقق تجربة معززة للعملاء، وفعالية تشغيلية وشفافية وربحية ونماذج عائدات جديدة، وفقا للدكتور خوري.;

مشاركة :