يسكن متى يشاء

  • 12/4/2016
  • 00:00
  • 21
  • 0
  • 0
news-picture

أظهرت دراسات في علم الأعصاب أن الذكريات المرتبطة بمشاعر سلبية تكون عادة أكثر استعصاء على النسيان بعد النوم وخلال الليل.. وبينت الدراسة التي أشرف عليها باحثون من الصين وبريطانيا والولايات المتحدة أن تغيّرات سريعة تحصل على صعيد تنظيم الذاكرة العاطفية مع عملية تعزيز الذكريات خلال الليل ما يجعل ليلة النوم كافية لتقليص القدرة على القضاء على الذكريات غير المرغوب فيها..! والواقع أن هناك كثيرا من الدراسات التي صدرت عن ارتباط الحزن بالمشاعر السلبية ومن ضمنها دراسة منذ سنتين عن جامعة لوفان أكدت أن الحزن يستمر داخل الإنسان أكثر بـ٢٤٠مرة من أي شعور آخر كالخجل أو الدهشة أو الغضب أو حتى الفرح، لأن الحزن عادة يرتبط بأحداث لها أثر كبير على نفس الإنسان مثل وفاة عزيز أو الانفصال أو الفشل.. وهو ما يحتاج إلى وقت أطول للتغلب عليه! ولا يقتصر الحزن الذي نعيشه على الحرمان من النوم لو تمكّن منّا وذهبنا به إلى السرير والتداخل مع الأيام؛ بل قد يؤدي إلى المرض.. ففي ٢٠١٣ توصلت دراسة طبية إلى أن الانخراط والانغماس في الأحداث المحزنة والتوترات يعمل على استهلاك الإنسان وقد يصل الأمر به إلى المرض النفسي والجسدي، وتعد هذه الدراسة الأولى من نوعها التي تكشف العلاقة والتأثير المباشر بين التفكير السلبي وصحة جسم الإنسان.. وهو ما تؤكده دراسة يابانية من أن غياب السعادة يزيد من أمراض القلب والأوعية الدموية ويدفع إلى الانتحار.. حيث إن الذين يعتقدون أن الحياة لا تستحق أن تُعاش بعد موت أو غياب من يحبون هم أكثر عرضة للموت المتزايد من أمراض القلب والأوعية الدموية.. والواقع أن كل الدراسات السابقة لم تأتِ بجديد ولم تضف إلى ما نعرفه أو نستشعره كبشر يختلف تعليمنا وثقافتنا ومعتقدنا والبيئة التي تحتضننا شيئاً جديداً.. فكلنا عصفت بنا الأحزان بأشكالها من هزائم حياتية ومن فشل ومن فقد لعزيز.. وتعايشنا مع لحظات كدنا نلامس فيها الموت.. وسكنت أرواحنا الرياح التي تهب وتحمل معها ما تحمله، ولكن لم تحمل معها أحزاننا ولم تخطفها للمدى الأبعد..! وكم هي الحالات التي نعرفها، وقد نكون نحن منها، من مرضت واستوطنها المرض وقد يكون مرضاً نفسياً.. خاصة عندما تفقد عزيزا.. لا تكاد تلتمس الرحمة من سيطرة العقل ومن رهافة القلب للخروج من الأزمة؛ لكنها تعود إليها، ولذلك نسمع من يقول فلانة لم تعد هي بعد فقد فلان.. تغيرت نفسياً وتغلّفت أيامها بالحزن والوجع.. تشتكي المرض في كل أنحاء جسدها وهي ليست مريضة.. توشك على الموت ببطء شديد.. تنظر إلى الأشياء بشقاء مستمر وتحاول إبقاء الحزن في ديمومة معها.. وكأنه لا مجال للأمل أو لتخيل نهار أفضل وخالٍ من الأحزان.. البعض لحق بمن أحب بعد موته وهي حالات كثيرة.. لا يحتمل الفراق ويقتله الحزن فيموت تدريجياً وهو حي وبعدها يموت مرة واحدة ليلحق بمن فقده وليدفن الجسد تحت الأرض وهو الذي كان ميتاً منذ زمن..!! والسؤال هل أتت هذه الدراسات بجديد لا نعرفه ولا نعيشه؟ لا أعتقد؛ فنتيجة الدراسات هي حياتنا وليس ما لا نعرفه.. فالحزن يسكننا ونسكن فيه وفي الغالب يبدو هو السيد عندما يتمكن..!!

مشاركة :