جولة خادم الحرمين الملك سلمان تبعث على التفاؤل والاطمئنان

  • 12/5/2016
  • 00:00
  • 35
  • 0
  • 0
news-picture

قال الشاعر : ياضيفنا لو زرتنا لوجدتنا نحن الضيوف وأنت رب المنزل يقول المثل الإنجليزي(نكهة طعام قليل واستقبال حار يصنعان وليمة سعيدة) ولا يختلف اثنان على أن مايربط دول مجلس التعاون هو أعمق وأقوى من اللقاءات والاجتماعات والمجاملات التي عادة ماتكون بين الدول فهي علاقة استراتيجية ومصير مشترك وأماني وتطلعات شعوب تنشد الخير والأمن والاستقرار والتنمية المستدامة ليس للمنطقة فقط بل لدول العالم أجمع. إن أهمية جولة خادم الحرمين الملك سلمان المباركة التي بدأت في دولة الإمارات العربية المتحدة حيث تحتفل بعيدها الوطني وتشمل الجولة أيضا دولة الكويت وقطر ومملكة البحرين تبرز في توقيتها حيث أن المنطقة تمر في ظروف دقيقة وعصيبة ومنحى خطيرا والتي تحتاج إلى مزيد من التفاهم والتلاحم لمواجهة الأخطار المحدقة بالمنطقة. أيضا أهميتها تنطلق من أن الجولة تسبق انعقاد القمة الخليجية في شهر ديسمبر الجاري والمتوقع أن تتخذ بها قرارات مصيرية وبالغة الأهمية مثل الإعلان عن قيام اتحاد خليجي وهو ماتسعى إليه المملكة العربية السعودية ويتفق معها في هذا الهدف كل من دولة الإمارات العربية المتحدة ومملكة البحرين وهناك تريث وتردد من كل من دولة الكويت ودولة قطر ورفض من سلطنة عمان وتهدف الجولة إلى ترتيب البيت الخليجي بما ينسجم مع الظروف السياسية لكل بلد خليجي على حدة. لايخفى على أحد أن دول مجلس التعاون الخليجي تواجه تحديات كثيرة واستحقاقات سياسية لا تحتمل التسويف والتأخير فهناك حرب إبادة يشنها محور الشر الذي تقوده روسيا وحليفتها إيران في سوريا وخاصة مدينة حلب وسقوطها يعتبر خط أحمر وتغيير في مجري الأحداث في المنطقة وقضية حلب أيضا لها أهمية خاصة لتركيا أيضا. هناك أيضا حرب تكاد تكون طائفية في العراق وتهدف إلى شطب المكون السني من المعادلة السياسية ومايحمل ذلك من تداعيات خطيرة على دول الخليج وكذلك تركيا أيضا. أما حرب اليمن فهي تعتبر قضية وجود لأنها بكل بساطة أشبه بالخنجر الذي تطعن به إيران المملكة العربية السعودية من خلال ذنبها ووكيلها الحصري في اليمن وهم جماعة الحوثي التي هي نسخة يمنية من حزب الله ولو قدر لها السيطرة على اليمن فستكون السعودية وباقي دول الخليج في دائرة الخطر لامحالة . أيضا تستمد الجولة أهميتها حيث أنها تأتي والعالم كله على أبواب مرحلة جديدة وهي بداية عهد الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب الغامضة والمحفوفة بالمخاطر كون الرئيس ترامب شخصية مثيرة للجدل وليس لدية خبرة سياسية بقضايا المنطقة وبالتأكيد سوف يعتمد بشكل كلي على مستشاريه في كل المجالات ولهذا لابد من تحرك سريع لدول مجلس التعاون لإرساء علاقة استراتيجية مع حليف استراتيجي هو الولايات المتحدة الأمريكية التي للأسف انحازت مؤخرا لنظام الولي الفقيه وعقدت معه صفقة هي الاتفاق النووي الذي ختم به الرئيس الأمريكي أوباما تاريخه السياسي وهو يعتبره إنجاز تاريخي في الوقت الذي يتحفظ عليه الرئيس القادم ترامب ويعتبر أيضا النظام الإيراني مصدر تهديد وراع للتنظيمات الإرهابية مما يجعل المنطقة فوق صفيح ساخن وسط مخاطر محدقة، هناك أيضا قضايا اقتصادية ملحة برزت بعد الانخفاض الحاد لأسعار النفط وتآكل الفوائض المالية لدول الخليج المنتجة للنفط وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية وتداعيات هذه الأزمة الاقتصادية على ميزانيات هذه الدول المرصودة لخطط التنمية المستدامة ورفاهية ورخاء شعوب دول مجلس التعاون الخليجي التي تمثل الأولوية بالنسبة لدول الخليج. كان ممكن أن تشهد جولة خادم الحرمين الملك سلمان حدثا سعيدا وهو نجاح الوساطة الإماراتية بين المملكة العربية السعودية وجمهورية مصر حيث كان الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي في دولة الإمارات لحضور الاحتفالات بالعيد الوطني وقد غادر قبل وصول خادم الحرمين الملك سلمان لدولة الإمارات بساعتين فقط بعد فشل الوساطة الإماراتية لإعادة المياه إلى مجاريها بين جناحي العالم العربي مصر والسعودية حيث شهدت العلاقات بين الدولتين توترا وتراشقا إعلاميا بسبب التباين في المواقف حيال قضايا مصيرية مثل القضية السورية واليمنية فقد كان العشم في موقف مصري حاسم وواضح وداعم للموقف الخليجي خاصة بعد الدعم المادي والسياسي الغير مسبوق من دول الخليج وخاصة المملكة العربية السعودية بعد ساعات من الإطاحة بحكم الإخوان المسلمين لمصر والموقف الصلب للملك الراحل عبدالله بن عبدالعزيز رحمه الله وطيب ثراه من أجل أمن واستقرار مصر وهو من اقترح المؤتمر الاقتصادي ولكن لم يكن الموقف المصري كما كان متوقعا. أنا شخصيا كتبت عدة مقالات في حب مصر وقيادتها السياسية وخاصة الرئيس عبدالفتاح السيسي الذي كان الخليج يتوسم فيه خيرا وأتذكر أني كتبت مقالا خاصا بالرئيس المصري عنوانه (واثق الخطوة يمشي ملكا) وكنت من أشد المعجبين بشجاعته وسياسته الحكيمة ولكني اليوم أجد نفسي من أشد المعارضين له لأنه اختار محور الشر الذي تقوده روسيا وقيصرها بوتين الذي تحتل جيوشه سوريا وحولتها لقاعدة عسكرية لها مع حليفتها إيران على محور الخير الذي تقوده المملكة العربية السعودية في موقف غامض لاينسجم أبدا مع العلاقات الاستراتيجية والتاريخية التي تربط ليس دول الخليج مع مصر على مستوى القيادات السياسية ولكن على مستوى الشعوب حيث أواصر المحبة والنسب والمصير المشترك. نسأل الله أن يزيل هذه الغمة ويزيح هذه الهموم السياسية والحروب العبثية التي تستنزف طاقات وموارد دول الخليج وأن تتصافى القلوب والنوايا بين الدول العربية التي تطبق المقولة الشهيرة (اتفق العرب على أن لا يتفقوا) . ختاما نتمنى أن تكلل جولة خادم الحرمين الشريفين ألملك سلمان بالنجاح والتوفيق وأن تحقق الأهداف المرجوة من ورائها والتي نأمل أن يكون في مقدمتها الإعلان عن الاتحاد الخليجي في القمة المقبلة لدول مجلس التعاون وحللت أهلا ووطئت سهلا نقولها لخادم الحرمين الملك سلمان في بلدة الثاني دولة الكويت أميرا وحكومة وشعبا. أحمد بودستور

مشاركة :