ووري أمس رماد الزعيم الكوبي الراحل فيدل كاسترو الذي توفي قبل أسبوع عن 90 سنة، في مقبرة سانتا إيفيغينيا دي سانتياغو (شرق) قرب ضريح بطل استقلال كوبا، خوسيه مارتي. وحضر مراسم الدفن عدد من القادة الأجانب، خصوصاً من دول أميركا اللاتينية وأفريقيا، وكذلك وزيرة البيئة الفرنسية سيغولين رويال وأسطورة كرة القدم الأرجنتيني دييغو مارادونا الذي كان مقرباً جداً من فيدل كاسترو. وأنهى ذلك حداداً وطنياً لمدة 9 أيام، وترافقت مع نقل رماد الزعيم الراحل مسافة ألف كيلومتر من العاصمة هافانا إلى سانتياغو، مع اصطفاف مئات الآلاف من الكوبيين في الساحات العامة والطرقات السريعة لتكريم عبور موكبه الجنائزي مدن ماتانزاس وكارديناس وسينفوغيوس وسانتا كلارا. لكن السلطات منعت، بمفاجأة كبيرة قبل ساعات قليلة من التشييع» التغطية التلفزيونية المباشرة لمراسم الدفن، من أجل جعلها «مراسم مهيبة وخاصة». ثم أعلنت أن «لقطات مسجلة من المراسم، ستبث بعد ساعات». راؤول يلتزم بالاشتراكية وأعلن الرئيس راؤول كاسترو أن «ملايين» خرجوا لتأبين شقيقه، مشيراً إلى أن اسم الأخير لن يُطلق على شوارع أو ميادين أو مبانٍ عامة احتراماً لرغبة الزعيم الراحل، كما لن تشيد تماثيل أو نصب تذكارية لتكريمه. وأمام عشرات آلاف الأشخاص الذين تجمعوا في ساحة الثورة بسانتياغو دي كوبا، قال راؤول: «نقسم أمام رفات فيدل على الدفاع عن الوطن والاشتراكية». مضيفاً: «أثبت فيدل كاسترو أن ذلك ممكن. نستطيع إزالة أي عقبة أو تهديد لتصميمنا على بناء الاشتراكية في كوبا». وردد الحشد هتافات بينها «راوول الشعب معك». وبعد وفاة فيدل، تتجه الأنظار إلى راؤول الذي يقود منذ عشر سنوات محاولة خجلة لإصلاح الاقتصاد الكوبي، وكان مهندس التقارب التاريخي مع الولايات المتحدة منذ نهاية 2014، وعودة كوبا تدريجاً إلى الساحة الدولية. ويؤكد داعمو «فيدل» ثقتهم في راؤول الذي أعلن عزمه التخلي عن السلطة عام 2018. وتقول أرينا هيرو رودريغيز (23 سنة): «أثق في راؤول لأنه شقيق فيدل الذي علمه كل شيء». أما مارتا لويدا، وهي أستاذة جامعية منذ 36 سنة، فقالت: «لا يوجد مجتمع مثالي. مفهوم الثورة هو تغيير ما يجب تغييره. وإن كان ذلك لتحسين نموذجنا الاقتصادي، فهذا للأفضل». سيغولين رويال وتعرضت وزيرة البيئة الفرنسية رويال إلى سيل من الانتقادات من شخصيات سياسية فرنسية بعدما أشــادت بالزعيم فيدل، الذي قالت إن «الفضل يعود إليه في استعادة الكوبيين أراضيهم وحياتهم ومصيرهم»، وأشارت إلى وجود «تضليل إعلامي كبير في شأن انتهاكات حقوق الإنسان التي تنسبها الأمم المتحدة والمعارضة الكوبية، لنظام فيدل كاسترو». وعلّق فرنسوا بايرو من حزب «موديم (وسط يمين): «هذا أمر بالغ الغرابة الضخامة، وأسوأ من خطأ سياسي، خصوصاً أن رويال كانت تتحدث باسم فرنسا»، مذكراً بأنها أشادت بالقضاء الصيني عام 2007». وكتب النائب الإصلاحي البيئي والمرشح للانتخابات التمهيدية للحزب الاشتراكي فرنسوا دو روغي على «تويتر»: «يجب أن يتنصل رئيس الجمهورية من هذه التصريحات حول كوبا والتي تنافي قيم فرنسا». أما المسؤول الثاني في حزب الجبهة الوطنية اليميني المتطرف فلوريان فيليبو فاعتبر أن «ما قالته رويال يتنافى مع الاتزان والحصافة واحترام مجمل ضحايا هذا النظام». وأشـــار إلى «اضــطهادات في حق معارضين سياسيين وحتى أقليات ومثليين، وإلى نظـــام قد يكــون يشـــبه أي شيء باستثناء ديموقراطية أو مكان ممتاز لاحترام حقوق الإنسان». كما هاجم العديد من نواب حزب الجمهوريين (يمين) وزيرة البيئة. وقال تييري مارياني: «بعد إشادة وزيرة اشتراكية بكاسترو لم يعد مقبولاً أبداً تقديم اليسار دروساً في حقوق الإنسان».
مشاركة :