كيف ينظر الخبراء إلى توزيع الاستثمارات الكويتية؟ - اقتصاد

  • 12/7/2016
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

305 مليارات دولار، تمثل 54 في المئة من إجمالي استثمارات الصندوق السيادي الكويتي، تتركز في أميركا وحدها. هذا الرقم كان من الممكن أن يمر مرور الكرام لولا «الخضة» الكبيرة التي أحدثها انتخاب الجمهوري دونالد ترامب رئيساً. وفي ظل ترقب أهل المال والأعمال لسياسات الرئيس الأميركي لما لها من انعاكسات على مختلف دول العالم، برز سؤال حول «خطورة» أو عدم خطورة تركّز هذا الكم من الاستثمارات الكويتية في بلد واحد. وفي حين يرى بعض الخبراء أن هذا التركّز لا يشكّل أي خطر اقتصادي، إذ إن أي خلل يطول الاقتصاد أو السياسة الأميركية يطول الاقتصاد العالمي برمته، يعتقد البعض الآخر أن تقليص وتوزيع الاستثمارات قرار أفضل، لاسيما وأن قانون «جاستا» الصادر أخيراً قد يقلب موازين العلاقات بين «دول التعاون» وواشنطن. كما يتوقف المراقبون مطولاً أمام الاستثمارات الكويتية في بريطانيا لاسيما بعد قرار خروج لندن من الاتحاد الأوروبي. وتشير التقديرات إلى أن حجم هذه الاستثمارات يبلغ نحو 25 مليار دولار، تتركز غالبيتها في قطاعات البنية التحتية والعقار. وكان آخرها مشاركة «هيئة الاستثمار» ضمن «كونسورتيم» لشراء مطار لندن سيتي في صفقة قدرت بنحو 2.2 مليار جنيه إسترليني. وخلال السنوات الثلاث الماضية، سرّعت الكويت من وتيرة استثماراتها في لندن، حيث ذكرت تقارير بريطانية أن الهيئة العامة للاستثمار ضخت نحو 5 مليارات دولار. يقول نائب رئيس مجلس الإدارة، الرئيس التنفيذي في «بيت الأوراق المالية»، فهد بودي، إن اقتصاد الولايات المتحدة هو الأكبر عالمياً، وبذلك يعتبر الأفضل والأكثر أماناً على مختلف المستويات. ويوضح بودي «نظراً لكون أكبر الشركات العالمية أميركية الأصل، فلابدّ للاقتصاد الأميركي أن يستحوذ على أكبر نسبة من المحافظ التي تستثمر في قطاعات مختلفة، وبنسب مخاطر متنوعة»، لافتاً إلى أن سوق الولايات المتحدة يعتمد على القوة الشرائية العالية للمستهلك الأميركي، إذ إن عدد السكان يتخطى 325 مليون نسمة، إضافة إلى ذلك هناك أمر أساسي يتعلق بسهولة ووضوح القوانين والتشريعات التي تشجع المستثمرين على الاستثمار في محافظ متعددة، ناهيك عن قوة العملة «الخضراء» التي تلعب دوراً محورياً في هذا الإطار. ويؤكد أن الناتج المحلي الإجمالي الأميركي هو الأعلى عالمياً، مما يساعد على تعزيز ثقة المستثمر الأجنبي بالاقتصاد، مشيراً إلى أن وجود 160 مليون موظف في صناعات متنوعة ومتعددة، يضفي على السوق الأميركي متانة، لذا فإن الأمور لا تتعلق بقدوم رئيس أو مغادرة آخر. رؤية بودي تتقاطع مع وجهة نظر مصدر تنفيذي رفيع المستوى في إحدى شركات الاستثمار الكبرى، والذي أكد أن الاستثمارات الكويتية في أميركا وبريطانيا بمأمن من المخاطر، إذ إن البلدين يتمتعان بمقومات الاستثمار الناجح، كما أن استثمارات الكويت فيهما طويله الأمد. وذكر أن اعتماد قاعدة التنوع الجغرافي في الاستثمارات لتقليل المخاطر ترتبط بصورة أساسية بالفرص المتاحة لدى «هيئة الاستثمار» لحظة اتخاذ القرار بالدخول في الاستثمار، وكذلك أماكن تركّز المحافظ والصناديق التي تتمتع بعوائد مجزية، ونسبة أمان عالية. ولفت إلى أن أغلب الصناديق والمحافظ تتركز بالدرجة الأولى في أميركا، تليها أوروبا، ومن ثم آسيا، ما يجعل تركز الاستثمارات الكويتية في واشنطن قراراً صائباً لا خوف منه، لاسيما وأن الأمر يأتي في سياق طبيعي، خصوصا وأن الولايات المتحدة تمتلك مقومات اقتصادية فريدة بغض النظر عن التغييرات السياسية. وأشار المصدر إلى أنه لا يمكن إغفال التغييرات السياسية التي تحدث في الولايات المتحدة وبريطانيا، وأثرها على اقتصاد الدولتين وانعكاساتها على الاستثمارات، إلا أن الأمر لا يرفع منسوب القلق الذي من شأنه أن يؤثر على القرار الاستثماري. وأوضح أن تولي الرئيس الأميركي الجديد لا يشكّل علامة فارقة في تغيّر السياسات الاقتصادية بالصورة التي تقلب التوجه الاستثماري للأجانب في الولايات المتحدة، إذ إن الرئيس الجديد منحدر من حزب سياسي له توجهاته المعروفة، وهو الأمر الذي يمكن التحسب له اقتصاديا، مشيرا في الوقت ذاته إلى أنه قد تكون تأثيرات طفيفة.وبينما ذكر المصدر أن عملية خروج بريطانيا من «الأوروبي» قد تسبب أزمة لفترة قصيرة نسبياً، أكد أن الفيصل في النهاية يصب في صالح الاقتصاد الأميركي، كونه الأكبر عالمياً، ويعد اقتصاداً مربحاً إذا تم الاستثمار فيه بشكل صحيح، مبيناً أنه حال حدوث تغيرات مستقبلاً فلن تكون بالصورة المرعبة، فالتغيرات الاقتصادية لن تحدث بين دقيقة وأخرى، ما سيدعو القائمين على الاستثمارات الكويتية للتحوط. وفي ذات السياق، رأى مصدر آخر، أن تركز 305 مليارات دولار تمثل 54 في المئة من استثمارات الهيئة العامة للاستثمار في أميركا يعد قرارا آمنا استثماريا، ولا يتجاوز قواعد تنويع مخاطر الاستثمار جغرافيا. وأرجع ذلك إلى أن تركز الاستثمارات الحكومية في أميركا يعد بالفعل أحد آليات تقليل المخاطر، نظرا لأن أميركا هي مركز الأعمال، والسوق الأكثر استقرار، خصوصا مع الأوضاع السائدة في أنحاء العالم حاليا بعد «بريكست»، ناهيك عن العوامل الجيوسياسية الخاصة بروسيا والمنطقة وتأثيرها على أوضاعها ككل، بالإضافة إلى الاقتصاد الصيني ومتغيراته المتلاحقة، وكلها عوامل تشير إلى صحة ما تقوم به الكويت بتركيز نسبة كبيرة من استثماراتها في أميركا. ولفت إلى أن جزءاً كبيراً من قوة الاقتصاد الأميركي تكمن في محافظة دول العالم الأخرى على الدولار كحرص أميركا نفسها على عملتها ضمانا لقوة استثماراتها، ما يعني أن الاقتصاد الأميركي أصبح ضمانة للاقتصاد العالمي، وأن أي خلل في الاقتصاد الأميركي سينعكس على العالم كله دون استثناء. وأشار إلى أن أميركا لاتزال الأكثر أمانا للأصول، وكذلك الأكثر سيولة، وهما معياران جاذبان لمتخذ القرار الاستثماري، في ظل عدم وجود استثمارات آمنة يثق بها المستثمرون حول العالم حاليا، ما يجعل أميركا المكان الأنسب لتركيز الاستثمارات في ظل قلة الخيارات الأخرى. توجه جديد في المقابل رأى المصدر أنه بات من الضروري توجّه هيئة الاستثمار لدعم التوجه التنموي في الكويت، خصوصا تحول البلاد من مجرد دولة منتجة للنفط، واستخدام الخام لتحقيق القيمة المضافة منه تعظيما للمنفعة العامة، والخروج من بوتقة مصدر الإيراد الواحد. وشدد على ضرورة أن تبدأ الهيئة العامة للاستثمار دورها بالاستثمار في قطاع البتروكيماويات، وكذلك الصناعات اللاحقة لها وصولا إلى استثمارها في المنتج النهائي الذي يصل إلى المستهلك، وهو ما يتطلب منها توجيه جزء من استثماراتها بالخارج إلى السوق المحلي. تقليل المخاطر من ناحيته، دعا أحد الرؤساء التنفيذيين في شركة استثمارية كبرى إلى تخفيف تركّز الاستثمارات الحكومية في أميركا ولندن، معتبراً أن التوزيع الجغرافي للاستثمارات يأتي ضمن أولويات آليات تقليل المخاطر، ما يعني أن تركز أكثر من 50 في المئة من استثمارات الهيئة العامة للاستثمار داخل أميركا يخالف قواعد تقليل المخاطر. وفيما اعتبر أن تداعيات «جاستا» قد تكون خطيرة على دول الخليج ككل، لفت إلى أن «الاستثمار يرجع في النهاية إلى عوامل السوق في الوقت الذي وجهت فيه (هيئة الاستثمار) أموالها نحو أميركا، وكذلك الفرص المتاحة وقت اتخاذ القرار، والمخاطر الموجودة حينها وكذلك معدلات النمو في وقتها، إلا أن تجاوز حجم الاستثمارات في مكان واحد لنسبة الـ 50 في المئة يعد مؤشرا لمخاطر مرتفعة حال طرأ أي تغيير في السياسات الأميركية مع المستثمرين الأجانب». وأشار إلى أنه من الأفضل تقليل نسبة تركيز الاستثمارات دون الـ 50 في المئة، وألا تصل إلى تلك المستويات في دولة واحدة بعينها مهما بلغ حجم اقتصادها، فهناك عشرات الدول في أوروبا وآسيا ودول أميركا تتمتع ببيئة استثمارية جاذبة وواعدة. وذكر أن تحول حزب الرئاسة في أميركا من الحزب الديموقراطي إلى غريمه الجمهوري، ونظرا للتصريحات السابقة للرئيس المنتخب الجديد، قد يحمل الأمر نوعا من التغييرات الاقتصادية، وهو الأمر الذي تنتظره الأسواق بصورة يومية لحين وضوح الرؤية كاملة، كما أن حالة الانتظار الحالية لها تكلفتها أيضا. وأشار إلى أن الكويت تتمتع بموقف مالي قوي، ارتكازا على مصداتها المالية، خصوصاً وأن تركز تلك المصدات في أميركا بتلك الصورة الكبيرة يجعل الوضع الاقتصادي الكويتي عرضة للتأثر بأي متغيرات أميركية أو بريطانية بصورة مباشرة، ما ينعكس على التصنيف الائتماني للكويت، وكذلك معدلات الفائدة على أدوات الدين التي تصدرها الدولة لتمويل عجز الموازنة، ما يعني أن التخفيف من التواجد في أميركا وتقليل نسبة الاستثمارات هناك يقلل من مخاطر التغيرات السياسية والاقتصادية على الكويت بصورة مباشرة. أبرز أسباب التركز ● أغلب الاستثمارات الكويتية طويلة المدى. ● اقتصاد أميركا الأكبر والأهم عالميا. ● سوقها الأكثر أمانا والأعلى سيولة. ● أغلب الصناديق والشركات الاستثمارية موجودة فيها. ● دول العالم تحافظ على قوة الدولار كأميركا نفسها.

مشاركة :