لم تنته بعد المفاوضات الشاقة التي يخوضها أهالي حي الوعر، آخر مناطق سيطرة المعارضة في مدينة حمص بوسط سوريا الغربي، مع النظام السوري ووفد روسي من قاعدة حميميم العسكرية، وذلك بعد تخييرهم بين «خروج الفعاليات الثورية والمقاتلين من الحي كما جميع الراغبين، تسليم السلاح وتسوية أوضاع المسلحين أو العودة إلى التصعيد العسكري». وبحسب المعلومات الواردة من هناك، فإنه لم يتم التوصل لأي قرار نهائي في هذا الشأن باعتبار أن اللجنة المخولة التفاوض عن الأهالي ما زالت تسعى إلى تسوية لا تؤدي إلى تهجير أهالي الحي، وتشتيتهم في ريف حمص الشمالي الذي لم يعد قادرا على استقبال المزيد من النازحين. وأصدرت اللجنة المفاوضة أمس بيانا بعد انتهاء مهلة الـ24 ساعة التي كان النظام قد منحها إياها لاتخاذ قرار بخروج المسلحين أو الاستمرار بالتصعيد العسكري، أكدت فيه استمرار مساعيها «لتحصيل الأفضل للحي وأهله، والحفاظ على الدماء والأعراض والأموال، وذلك من خلال العمل على طروحات تحقق هذه المقاصد»، لافتة إلى أن «بوادر نجاحها كبيرة، وإلى أن التواصل مستمر مع النظام ولم ينقطع». تشدد النظام وقال المتحدث باسم مركز حمص الإعلامي، محمد السباعي لـ«الشرق الأوسط» إن «رفض النظام الرضوخ لبند تحرير المعتقلين الذين يبلغ عددهم 481، هو العنصر الأبرز الذي يعيق تقدم الأمور»، موضحا أن «المفاوضين من جهة الأسد كانوا قد أقروا باعتقال 1850 شخصا، بينهم 200 قال إنهم فارقوا الحياة، فيما لم يطلق سراح إلا نحو مائتين آخرين». وتحدث السباعي عن «تهديدات صريحة وواضحة تم توجيهها أخيرا للجنة المفاوضة وأهالي الحي بأن مصيرهم سيكون الإبادة كما هو حاصل في حلب في حال لم يتم الرضوخ لشرط خروج المسلحين». من جهته، ذكر الناشط في حمص أسامة أبو زيد، أن «جميع أهالي الوعر وفعالياته أمام قرار مصيري وخيارات صعبة تنحصر بين السيئ والأسوأ»، مشيرا إلى «مسؤولية تاريخية ملقاة على عاتقهم بوقف كرة الثلج المتدحرجة لتهجير المناطق المحاصرة وإفراغ الجيوب السنية في قلب المدن الرئيسية». ويُرجح ناشطون في الوعر أن يكون عدد من سيغادر الحي لا يقل عن 10000 نسمة، وهم يشيرون إلى تحد كبير يواجه هؤلاء، خصوصًا، ممن لا يمتلكون نفقات الانتقال إلى تركيا والتي تقدر للشخص الواحد بـ600 دولار أميركي. وبحسب أبو زيد، فإنه قد تبين بعد التواصل مع المنظمات الإغاثية، وفعاليات حمص في الشمال السوري وبالتحديد ريف محافظة حمص الشمالي الذي استضاف في سبتمبر (أيلول) الماضي 750 من المدنيين والعسكريين، إثر التوصل إلى اتفاق يقضي بإخراج دفعات من الراغبين في الخروج، وفتح معبر دوار المهندسين لدخول المساعدات والبضائع، ألا قدرة على استضافة المزيد وتأمين أماكن للسكن. توقيت سيئ هذا، وأبلغت قيادات المعارضة في ريف حمص المعنيين بالملف في حي الوعر، أن «التوقيت الحالي هو الأسوأ من حيث الإمكانات السكنية، وأننا سنكون أمام كارثة بشرية، حيث لا يوجد أي أماكن لاستقبال المهجرين في حي الوعر، وأكبر مثال حي ما حصل مع أهالي خان الشيح أخيرًا، وداريا والمعضمية وقدسيا سابقًا، فقد جرت محاولة لاستيعابهم ضمن مراكز إيواء مؤقتة ثم وجدوا أنفسهم في مخيمات جماعية، علما بأن مجموع أعداد من سبق ذكرهم لا يساوي 30 في المائة من أعداد من سيُهجر من الوعر». وفي حال الموافقة على إخلاء الحي مقابل وقف التصعيد العسكري، ينتهي أي تواجد عسكري لمقاتلي المعارضة السورية داخل مدينة حمص، بعد عملية الإخراج التي شملت أحياء حمص القديمة وأحياء الخالدية في مايو (أيار) 2014.
مشاركة :