أكد اللواء محمد حامد أبو بكر، أن العلاقات المصرية - الخليجية «لا يمكن المساس بها»، معتبراً أن البعض يحاول الوقيعة بين الدول العربية «لكنهم سيفشلون في نهاية المطاف». وأضاف قائد الطائرة الرئاسية في عهدي الرئيسين السابقين أنور السادات وحسني مبارك، في حوار مع «الراي»، إنه شارك في حرب الخليج الثانية لإخراج القوات العراقية المعتدية من الكويت، مشيراً إلى أن القيادة العراقية بقيادة صدام حسين «خدعت جنودها وأوهمتهم بأنهم لا يحاربون إخوانهم العرب، كما شاهدت اشتعال آبار البترول الكويتية». ولفت ابو بكر، إلى أنه شارك في حرب 1973، وكان اول طيار مصري يصيب طائرة «فانتوم» إسرائيلية، وتصادف نقله بعد سنوات رئيس الوزراء الاسرائيلي السابق ارييل شارون بالطائرة الرئاسية، وحينما كشف له عن انه قام بقصف قواته في «الثغرة» وقتل الكثير من جنوده، استشاط شارون غضباً. وأوضح أبو بكر، من ناحية ثانية، إن مبارك، أعاد طائرة أهدتها له الولايات المتحدة «لأن الخريطة الموجودة في الطائرة، استبعدت حلايب وشلاتين ورفح من الأراضي المصرية». «الراي» التقت ابو بكر وفي ما يأتي نص اللقاء: • حدثنا عن مسيرتك المهنية؟ - شاركت في حرب الاستنزاف، وتم نقلي في أواخر العام 1971 من سرب الطائرات المقاتلة «ميغ - 21» إلى الكلية الحربية لتدريب الطيارين المصريين حتى منتصف 1973. كما شاركت في حرب أكتوبر، وخدمت ضمن طياري الرئاسة المصرية مع الرئيسين أنور السادات وحسني مبارك. • وماذا عن مشاركتك في الحرب ضد إسرائيل؟ - في العام 1969 كنت أول طيار مصري يشتبك ويصيب طائرة إسرائيلية من نوع «فانتوم»، وكنا وقتها خرجنا كقوة تعزيز للمقاتلين المصريين أثناء أحد الاشتباكات الجوية، وكنت أطير على يمين قائد السرب، لكن عندما وصلنا كان الاشتباك قد انتهى، فغيرت موقعي من اليمين إلى اليسار، ووقتها لاحظت قصف المنطقة التي كنت أطير فيها لأفاجأ بعد ذلك بطائرات «الفانتوم»، وكانت المرة الأولى التي تشتبك فيها طائرة «ميغ - «21 مع «فانتوم». وحينها كانت الطائرات الإسرائيلية أمامنا فحاولت إصابة طائرة باستخدام مدافع «الميغ - 21» لكن ذلك لم يفلح لأننا كنا نعتمد على التصويب البدائي، لكن شاء الله أن يحاول الطيار الإسرائيلي النزول بالطائرة للأسفل، فأطلقت عليه صاروخين أصاب أحدهما جناح طائرته الأيمن، وعندها قمت بتصويره ثم انتزعت الفيلم واحتفظت به معي خشية أن تصاب الطائرة خلال الاشتباك. ووقتها ذهبت إلى قائد المنطقة العسكرية لأخبره أنني أصبت «فانتوم»، ولم يصدق في بادئ الأمر لكن تأكد الجميع عندما شاهدوا الصور، وسجلت هذا في سجل الطيران لدى القوات المسلحة. وبعدها بيومين زارنا رئيس أركان القوات الجوية وقتها اللواء محمد حسني مبارك، كان يفتش على الطيارين ويتأكد من جاهزية القوات. وعندها تعرف بي والتقاني عام 1973 عندما كنت في الكلية الحربية، وحينما علم أني تزوجت في منتصف يوليو 1973 أصدر تعليمات لقائدي المباشر بعدم منحي أي إجازات إضافية حتى الانتهاء من أعمال تجهيز الطيارين. • ما الفارق بين القوات الجوية المصرية ونظيرتها الإسرائيلية في ذلك الوقت؟ - القوات الجوية المصرية اتهمت بالتسبب في هزيمة 1967، والحقيقة أنها لم تكن السبب الرئيسي، لكن كان هناك اختلاف في المعدات بينها وبين القوات المعادية، ووزير الدفاع الصهيوني وقتها موشي دايان، جلب طيارين من دول أميركا وفرنسا وغيرها، ومدربين على أعلى مستوى ليشتركوا في الحرب. وكان عدد الطيارين المصريين أقل من طياري العدو، وهذا وضعنا تحت ضغط نفسي وجسدي، وأيضاً كان تسليح القوات الجوية الإسرائيلية متفوقا عنا فطائرات «الميراج» الإسرائيلية مثلًا كانت أفضل في التسليح والبقاء في الجو. • كيف نجحت القوات الجوية في التخلص من آثار نكسة 1967؟ - الرئيس جمال عبد الناصر زارنا عام 1969 وقال لنا إن مبدئي «ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة»، وأنا على يقين أنكم لستم السبب في الهزيمة بل إنكم من ستحولونها إلى نصر وبلدنا لن تعود إلا بالحرب. والرئيس السادات زارنا في تلك الفترة أيضًا قبل أن يتولى الرئاسة، وطلبنا منه طائرات ذات تسليح أكبر ويكون لها القدرة على البقاء لفترة أطول في الجو، وغيرنا التكتيكات المتبعة، واستطعنا الاشتباك مع الطائرات الإسرائيلية وتكبيدها خسائر كبيرة. • وماذا عن مشاركتك في حرب أكتوبر 73؟ - عندما اندلعت الحرب طلبت العودة لسرب مقاتلات «ميغ - 21» لكن طلبي قوبل بالرفض، وحينما حدثت الثغرة استخدمنا طائرات التدريب «لام 29» وهي أقل سرعة وتسليحا من الطائرات المقاتلة في قصف القوات الإسرائيلية المتواجدة في منطقة الثغرة، وكبدناها خسائر كبيرة. وزارنا حسني مبارك بعد الحرب. وعندها حدثت مشادة أمامه بيني وبين قائدي المباشر، لأن الرئيس مبارك سأله عن حجم الخسائر فسمى له اثنين من الطيارين فقط، بينما كان هناك طيار آخر فجر طائرته بعد نفاد الذخيرة في القوات الإسرائيلية، وكان قائدي لا يدرجه ضمن الشهداء رغم أني رأيته بنفسي. حينها، قائدي منعني من الطيران لمدة ستة أشهر، لكن عندما تيقن من صدق كلامي، كرمني وأعادني للطيران مرة أخرى. • ومتي تم اختيارك ضمن طياري الرئاسة؟ - عام 1976. • ما هي أبرز مواقفك مع السادات؟ - كان لي الشرف أن أطير مع الرئيس السادات بعد الانتفاضة الشعبية في العام 1977، وسمعته يقول: لا يمكن لمصري أن يفعل هذا ودول ناس عايزين يظهروا مصر بصورة مش حلوة. وفي أحداث الفتنة بين المسلمين والمسيحين في الزاوية الحمراء سمعته يقول: من إمتى مصر فيها مسيحي ومسلم. كما طرت معه لمؤتمر القمة العربية الذي عُقد في الإسكندرية، وبقيت معه حتى اغتياله عام 1981. كما طرت معه في أثناء لقائه «رئيس الوزراء الاسرائيلي السابق مناحيم بيغن» في أسوان قبل معاهدة السلام. وسافرت في الوقت نفسه مع نائب الرئيس السادات وقتها - حسني مبارك - لدول خليجية في مناسبات متعددة. وفي ذلك التوقيت أيضًا كلفتني الرئاسة بأن أطير بشارون فوق النيل كنوع من المراسم أثناء المفاوضات. • كيف كان انطباعك حيال الأمر خصوصاً أنك قصفت شارون في الثغرة؟ - كنت سعيدًا جدًا وقتها، لأني فقدت اثنين من زملائي أثناء قصف الثغرة، وكنت أتمنى أن أرى وجهه لكي أخبره كلمة لعلها تشفي غليلي. وعندما حان الموعد لم استقبله أسفل الطائرة كما يحدث في الظروف الطبيعية وحتى عندما صعد شارون للطائرة لم يسلم علينا، وحاول أن يأتي إلي في كابينة الطائرة لكني رفضت لكي أقلل المدة الزمنية التي يحدث فيها احتكاك بيني وبينه. وعندما حلقنا فوق بحيرة ناصر استدعيته، وقلت له: نحن الآن فوق بحيرة ناصر... أتتذكر ناصر؟ وعندها نظر إلي بامتعاض شديد، ثم قلت له أنظر إلى وجهي جيدًا، ألا تتذكرني أنا أيضاً. فقال لي: لا. فأخبرته أنني الطيار الذي قصفك في الثغرة وقتلت كثيراً من جنودك. وأخبرته أيضا أنني سمعت أنه رفض أن يكمل القتال لخوفه من المصريين الذين رآهم في الحرب. وعندما عدنا إلى مطار القاهرة طلبت من برج المراقبة أن يسمح لي بالطيران لمسافة 40 ميلا شمال شرقي القاهرة وسمح لي بالفعل. ثم استدعيت شارون مرة أخرى، وقلت له، أتذكر هذا المكان، فأجاب بأنه لا يتذكر. وعندها قلت له هذا المكان الذي كنتم فيه في الثغرة وعندها غضب شارون بشدة. • وكيف كانت رحلتك مع عزرا وايزمان؟ - عزرا ويزمان يختلف تماما عن شارون وكان يعرف اللغة العربية جيدًا، وأول مرة سافرت معه كنت مكلفا بمرافقته من القاهرة إلى تل أبيب. وهذه أول مرة أزور فيها إسرائيل واختلطت بالشعب، وعندما رحبت بعزرا وايزمان باللغة الإنكليزية فاجأني برده باللغة العربية، وقال لي: أنا عشت في مصر وتزوجت يهودية مصرية، وأنا أحب أنور السادات. وفي تلك المرة تكلمت مع البعض، وقال لي أحد الجنود الإسرائيلين: نحن سنخرج من سيناء لكن سنعود لها مرة أخرى لأنها الأرض التي كلم فيها الرب، (النبي) موسى. • هل رافقت السادات أثناء زيارته لإسرائيل؟ - لا، لأن الطائرة التي كنت أقودها لا تتسع للوفد الكبير الذي رافقه وقتها، لكن أنا سافرت إلى تل أبيب في مرات أخرى. المرة الأولى كانت مع وفد من الإعلاميين المصريين بعد زيارة السادات، والثانية رافقت فيها وزير الخارجية المصري وقتها كمال حسن علي والثالثة كانت مع وايزمان. • وكيف بدأت خدمتك مع مبارك؟ - بدأ الامر بتكليف منه شخصيا بنقل مصابي الشرطة في أحداث العنف في مديرية أمن أسيوط بطائرة الرئاسة. ووقتها نقلت 13 فردا على متن الطائرة رغم أنها تحمل في الطبيعي 9 أفراد فقط. كما رافقت مبارك في مناسبات أخرى. • وكم كان عدد الطائرات الرئاسية وقتها؟ - كان هناك 3 طائرات، أهداها الشيخ زايد لمصر، و3 أخرى أهدتها الولايات المتحدة لمصر بعد توقيع اتفاقية السلام. كما أهدى الرئيس الليبي السابق معمر القذافي 8 طائرات من طراز «بوينغ»، حصلت الرئاسة منها على طائرة واحدة، بينما الطائرات الباقية تم إرسالها لـ «مصر للطيران» ثم أعدنا الطائرة الثامنة في وقت لاحق لـ «مصر للطيران» أيضاً. • ولماذا أمر مبارك برد إحدى الطائرات الأميركية مرة أخرى بعد استلامها؟ - أنا استلمت الطائرة الاميركية وسافرت بها إلى مطار عمان لاصطحاب الرئيس مبارك بعد انتهاء مؤتمر القمة العربية في الأردن، وبعد ما أقلعت بالطائرة، أرسل مبارك مضيف الطيران وكان يستشيط من الغضب، وسألني من استلم هذه الطائرة، فقلت له، أنا. فطلب مني أن أنظر للخريطة وعندما نظرت لم ألاحظ أمراً غريباً، فسألته ما بها؟. فأجاب بأن الخريطة لا يوجد بها حلايب أو شلاتين أو رفح المصرية، وأمر على الفور بردها للولايات المتحدة، وقال لي: أعدها للأميركان وأخبرهم بأن يعيدوا حلايب وشلاتين ورفح للخريطة مرة أخرى. • كيف تؤمن طائرات الرئاسة المصرية؟ - يتم تفتيش الطائرة قبل أن تطير في أي رحلة جيداً. كما أن الطعام والشراب الذي يقدم للرئيس يخضع لتدقيق حيث يتم جلبه من إحدى المطاعم أو الفنادق التابعة للقوات المسلحة ويتذوقه المضيف قبل تقديمه للرئيس. وقبل أن تقلع الطائرة يتم تقديم خطة للرحلة تتضمن المسار والتنسيق مع الدول الأخرى، وفي فترة خدمتي لم تكن الطائرات الرئاسية تزود بوسائل دفاعية ضد الصواريخ، لكن قد تكون موجودة الآن. • هل رافقت مبارك بعد حادثة قتل السياح في الأقصر... وكيف كان حاله؟ - نعم، تلقيت أوامر وقتها بالتوجه فوراً مع الرئيس للأقصر وكان غاضبا جدا بطريقة غير طبيعية، وعندما وصل أمسك بوزير الداخلية حسن الألفي من رقبته، وقال له: أنت السبب في اللي حصل لنا وأنت هدمت كل اللي بنيناه. • وما حقيقة شراء مصر لطائرات رئاسية جديدة؟ - مصر لم تشتر أي طائرات من أموال الشعب. وطائرات الرئاسة الحالية كانت إهداء من الشيخ زايد لمصر ولم تدفع فيها مصر مليما واحداً، وما زالت في الخدمة وتشارك في نقل الوفود الديبلوماسية وغيرها. • هل زرت الكويت مع مبارك؟ - نعم، صاحبت الرئيس مبارك أثناء مؤتمر القمة العربية الذي عقد في الكويت قبل الغزو العراقي بعام واحد. وهذه القمة غاب عنها صدام حسين، واصطحبت وفدا ديبلوماسياً مصرياً للكويت خلال تلك الرحلة. • وما تقييمك للعلاقات المصرية - الكويتية؟ - علاقة أخوة والكويت وقفت مع مصر أثناء حرب أكتوبر 73، كما ساهمت الكويت في دعم مصر بعد 30 يونيو، ولا يمكن أن تنقطع تلك العلاقات حتى رغم محاولات الوقيعة بين مصر وأشقائها العرب، والرئيس مبارك كان دوما يردد مقولة «إخواتنا العرب». • حدثنا عن كواليس مشاركتك في حرب الخليج الثانية؟ - سافرت للخليج أثناء الحرب 3 مرات، الأولى كانت مع اللواء عمر سليمان حيث رافقته للسعودية ثم إلى أبو ظبي ثم عدت به إلى مصر. ورافقت أيضا الفريق أحمد شفيق، وكان المسؤول عن تنظيم العمليات الجوية ضد القوات العراقية المعتدية. كما رافقت المشير حسين طنطاوي لقاعدة حفر الباطن العسكرية لاستطلاع القوات البرية المشتركة في حرب تحرير الكويت. وكان كل هم القادة رفع الروح المعنوية للجنود المصريين وإبراز أهمية الدور الذي يقومون به في مساندة أشقائهم الكويتيين. • ما هي أبرز المشاهد التي رأيتها خلال الحرب؟ - رأيت الكثير من المناظر البشعة خلال الحرب من جانب العراقيين. ومن الواضح أن القيادة العراقية برئاسة صدام خدعت جنودها وأوهمتهم بأنهم لا يحاربون إخوانهم العرب، كما شاهدت اشتعال آبار البترول الكويتية.
مشاركة :