صدفة الكتاب الذي «غير حياتي»

  • 3/26/2014
  • 00:00
  • 8
  • 0
  • 0
news-picture

بين أكوام الورق يمضي عمره، تحاصره أرفف الكتب من كل جانب، والمكتبات متنزهات حياته، هل يظن هذا السائح في مغارات القراءة والكتاب أنه سيفلت من مواجهة مصيره؟ أين ذلك الكتاب الذي سيغير حياته وسيكون بعده ليس كما هو من قبل؟، أمّا من يجمع حزم الكتب ويبني المكتبات رفاً فوق آخر دون أن يمسه "شيطان" الوعي والمعرفة فهو أقرب لهواة جمع طوابع البريد في الألبومات القديمة؛ إنه كأزياء أغلفة مبهرجة وكمثقفٍ شفهي يتبارى في حلبة حفظ العناوين وأسماء المُؤلِفات والمؤلفين، بينما يشقى ذلك الذي التقى مبكراً بكتاب زمانه، وما عادت لحظة العودة ممكنة بالنسبة له، أجراس الوعي تدق لموعد قيامة روحه وعقله من سحر القراءة والكتب. ولكن هل حقاً ثمة كتاب بمقدوره أن يغير مسار حياتنا؟ نعم، تجيب القاصة أمينة الحسن وتضيف: " قد لا يكون الكتاب بحد ذاته هو سبب التغيير، ولكن ما يبعثه فينا من أفكار تحرضنا لتغيير رؤيتنا نحو شيء ما، قد لا نلتقي ذلك الكتاب الذي يغيرنا كلياً ولكن حتماً هناك فكرة في كتاب ما تغيرنا، أو تعبير عن إحساس جميل يلهم خطواتنا". بنسبة تفاؤلٍ أقل يدقق القاص والكاتب طاهر الزارعي في الأمر معلقاً: " ليس بالضرورة أن يغير هذا الكتاب أو ذاك مجرى حياتي بقدر ما أطمح أن أضع ما قرأته في مكانه الصحيح، وبالتالي تأتي عملية القطاف حسب المواقف التي أتعرض لها ". مبيناً ومتذكراً مقولة الكاتب الامريكي أرنست همنغواي " ليس هناك صديق أوفى من كتاب " ليضيف الزارعي: " لعل هذه المقولة التي رسخت في ذاكرتي كان لها ما يشبه الظل لي، فكل كتاب أقوم بقراءته سيكون ناتجه على حياتي برمتها". ولكن ما هو الكتاب الذي نرتطم به فلا نعود كما كنا، تشير أمينة الحسن، مسميةً الكتاب باسمه: " (قصة الفلسفة) لول ديورانت وحتى (اللامنتمي لكولن ولسون) وما بينهما من كتب محمد أركون، وفي مرحلة ما كان مالك بن نبي وغيرها من كتب أجنبية وعربية وصلت معها إلى منعطف اللاعودة، أصبحت مختلفة وانفتح أمامي طريق كلما قرأت امتد واتسع". وفي مكان قريب جداً، يفصح الكاتب نذير الماجد عن اسم الكتاب الذي أحدث هزة بداخله:"(قصة الحضارة) للفيلسوف والمؤرخ ول ديورانت، فإلى جانب ضخامته هو يمثل حصيلة عمر - ما يقارب الأربعين سنة - قضاه المؤلف لإنجازه وهذا العمل له أثر فعلي ربما لأني قرأته في فترة مبكرة، لكني أشك فيما لو أعدت قراءته أن يكون كما كان وذلك لأن المكتبة متاهة، لأنها تحدث تراكما وتحولات وانعطافات يستحيل معها منح الجائزة". أما الناقد السوري يوسف شغري فلا يخصص كتاباً واحداً، يحمّله فضل تغيير حياته، بل مجموعة كتب: "بعض الكتب غيّرت حياتي، وجعلتني أهتم بالثقافة والأدب والفنون" يقول شغري ويضيف: " في مجال الرواية أثر فيّ كتاب رائع للأديب الايرلندي الانجليزي المعروف " أوسكار وايلد" وهو روايته الخالدة (صورة دوريان جراي) الذي قرأته بترجمة د. لويس عوض إلى العربية وهو كتاب عميق جداً من خلال فهمه للإنسان بجوانبه الشريرة والخيرة وفي مجال الفنون التشكيلية، قرأت ترجمة كتاب الناقد الايطالي العظيم ليونيلو فينتوري (كيف نفهم التصوير) وهو من الكتب التي أسستني لأصبح ناقداً تشكيلياً أما في مجال الشعر والنقد الأدبي، كان لكتاب عبد القاهر الجرجاني (دلائل الإعجاز في المعاني) أعمق الأثر في حياتي الشعرية والنقدية.

مشاركة :