أطفال الحرب حياتهم اليومية بقلم: شيماء رحومة

  • 12/13/2016
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

الطفل يرقة ضعيفة يجب حفظ شرنقتها إلى حين يشتد عودها، ولكن من يحفظ كرامة طفولة ضائعة بين نيران الحرب وفكر متخلف يدفعها إلى جهاد وهمي لا يحوّلها إلى ولدان مخلدة. العربشيماء رحومة [نُشرفي2016/12/13، العدد: 10484، ص(21)] “ولد وفي فمه ملعقة من ذهب” هكذا يقال على من ولد في عائلة غنية لا يعرف للترف والبذخ فيها حدا. اليوم وفي ظل الحروب الدامية أدخل على هذه العبارات تعديل أملته الظروف، حيث صرح مدير مكتب حلب لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف)، رادوسلاف رزيهاك، أن بعض الأطفال الذين هم في الخامسة أو السادسة من العمر ولدوا خلال الحرب، وكل ما يعرفونه هو الحرب والقصف. وتابع أن ذلك التكيف يدفع الأطفال إلى الخطر، حيث لم يتمّ تأهيلهم للاحتماء أو الاختفاء أثناء القصف “فبالنسبة إليهم هذا لا يشكل خطرا، إنها حياتهم اليومية”. وكشف تقرير لـ”اليونيسيف” أن جميع أطفال حلب (شمالا) يعانون من الصدمة بعد أن تحملوا أسوأ أعمال عنف ضربت بلادهم. من ولد غنيا يربى على أن يحافظ على ثرواته ويعمل جاهدا على كسب المزيد والمزيد من الثروة والجاه، ولكن ماذا عمّن فتح عينيه على صوت القصف وروائح الدمار، ولون الدم متوازيا مع خط دخان أسود رفيع، يحوّل زرقة السماء إلى سحاب ملبد، هل يحاول هو الآخر المحافظة على ثروته أم يسارع بالاختباء، ويتعلم العيش على الخوف حتى من ظله حين يظهر فجأة لو تسلل شعاع من شمس آفلة. هناك فرضية أخرى تضمن لأطفال في عمر الزهور جنانا من النعيم؛ الموت، أجل الموت، ليس تحت نيران جحيم الحرب، ولا شهداء يحملون حجارة يقذفونها كيفما اتفق، بل مكرهين على جهاد يحلل تفجير النفس والآخر. وكان أعلن عن تفجير طفلتين في السابعة أو الثامنة من العمر لنفسيهما صباح الأحد الماضي في سوق مكتظة بمايدوغوري شمال شرق نيجيريا، فأصيب 17 شخصا على الأقل بجروح، كما ذكر شهود. من المفترض أن عمر السابعة أو الثامنة عمر يلتمس طريقه إلى المدرسة، وهو أول عهد للطفل بعلوم بسيطة لا تخرج عن قواعد الاستيقاظ من النوم ونظافة الجسم وآداب وسلوكيات التعامل مع أولياء الأمور والجيران والمعلم والأصدقاء. فهل لذهن لم يتفتق بعد على هذه الأمور الحياتية اليومية البسيطة بقادر على أن يستوعب معنى الجهاد؟ وهل معنى أن الحرب لم تمنح القدرة للآباء والأمهات على رعاية أطفالهم، لكونهم يعانون هم أيضا من الصدمات الخاصة بهم ومن التشرد والابتعاد كرها عن أبنائهم، أن نقدم الأطفال قربانا؟ لا أعلم من يعاني فعلا من الصدمة، هل أطفال ولدوا داخل معمعة الحروب أم أطفال يتابعون في غرف دافئة وحضن عائلي آمن هولها، من خلال أخبار تلفزية تنتقي ما لا يحدث صدمة للمشاهد من صور وأحداث؟ الكثير من الأسئلة والجواب واحد الطفل يرقة ضعيفة يجب حفظ شرنقتها إلى حين يشتد عودها، ولكن من يحفظ كرامة طفولة ضائعة بين نيران الحرب وفكر متخلف يدفعها إلى جهاد وهمي لا يحوّلها إلى ولدان مخلدة، ولا حاجة لها بجنان وحور عين تعقبها، بل الطفولة في أمس الحاجة إلى مختصين نفسيين وشعور حقيقي بالأمان. كاتبة من تونس شيماء رحومة :: مقالات أخرى لـ شيماء رحومة أطفال الحرب حياتهم اليومية , 2016/12/13 الإنترنت تفرز للمرأة العربية تقاليد طبخ جديدة, 2016/12/11 الحب في زمن الإنترنت, 2016/12/07 كبرت ولم أجد فارسي, 2016/12/06 ترامب عنصري من النوع المكشوف , 2016/12/05 أرشيف الكاتب

مشاركة :