مالت أسعار النفط الخام في الأسواق العالمية أمس إلى التراجع النسبى بتأثير من ارتفاع المخزونات النفطية الأمريكية إلى جانب زيادة الإنتاج في دول أوبك قبل بدء تطبيق اتفاق خفض الإنتاج في مطلع الشهر المقبل بالإضافة إلى تأثير أنشطة جني الأرباح التي تعقب المكاسب السعرية الواسعة التي حدثت عقب التوصل إلى اتفاق خفض الإنتاج. وتراجعت أسعار النفط أمس عقب نمو مخزونات الخام الأمريكية وتقديرات تشير إلى أن أوبك أنتجت مزيدا من الخام في تشرين الثاني (نوفمبر) عما كان يعتقد سابقا مما يقوض خفضا مزمعا للإنتاج. وبحسب “رويترز”، فقد انخفضت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الأمريكي الوسيط 69 سنتا أو ما يعادل 1.3 في المائة إلى 52.29 دولار للبرميل. وتراجع خام القياس العالمي مزيج برنت 60 سنتا أو ما يعادل 1.08 في المائة إلى 55.12 دولار للبرميل، وقال متعاملون إن الأسعار انخفضت عقب تقرير أظهر زيادة مفاجئة في مخزونات النفط الأمريكية. وتركز الأسواق أيضا على رفع متوقع لأسعار الفائدة الأمريكية من المرجح أن يدعم الدولار، ما يجعل واردات الوقود التي تتم بالدولار أكثر تكلفة على الدول، التي تستخدم عملات أخرى في الداخل. وأفاد متعاملون أن أسعار النفط انخفضت أكثر بسبب تقرير صادر عن وكالة الطاقة الدولية قال إنها تعتقد أن دول أوبك ضخت نحو 34.2 مليون برميل يوميا من النفط في تشرين الثاني (نوفمبر) بزيادة 500 ألف برميل عن تقديرات أوبك الرسمية التي تمثل بالفعل مستوى قياسيا من الإنتاج. وإذا تأكد ذلك فقد يقوض جهود منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) ومنتجين آخرين مثل روسيا لخفض الإنتاج بنحو 1.8 مليون برميل يوميا في مسعى للقضاء على تخمة المعروض وهبوط أسعار النفط المستمر منذ عامين. وفي بيانات غير رسمية قال معهد البترول الأمريكي إن مخزونات الخام في البلاد زادت بمقدار 4.7 مليون برميل للأسبوع المنتهي 9 كانون الأول (ديسمبر)، في أول زيادة خلال أربعة أسابيع، إلى إجمالي المخزونات 519.3 مليون برميل، في علامة سلبية على تحسن مستويات الطلب في البلد الأكبر استهلاكا للنفط بالعالم. وكان المهندس خالد الفالح وزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية قد أكد قدرة اتفاق خفض الإنتاج على إحداث التوازن في السوق وإيجاد علاج فعال لمشكلة فائض المخزونات إلا أنه أكد أيضا أن الأمر قد يستغرق بعض الوقت للوصول إلى توازن حقيقى ومستدام في السوق. في المقابل، عقد وزير الطاقة الروسى الكسندر نوفاك اجتماعا ناجحا مع شركات النفط الروسية حيث تم التوافق على خطة خفض الإنتاج وحصة كل شركة في هذا الخفض حسب حجم مساهمتها في الإنتاج الروسى فيما أبدى بعض قيادات هذه الشركات قناعتهم بأن الاتفاق لن يؤثر كثيرا على صادرات روسيا النفطية. ومن ناحيته، أكد محمد باركيندو الأمين العام لمنظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك" أن المنظمة الدولية ستواصل دعم الحوار بين المنتجين والمستهلكين في جميع أنحاء العالم، مشيرا إلى أن أوبك تركز على مواصلة لعب دور بناء في هذه الجهود. وقال باركيندو – عقب مباحثات مع عدد من المسؤولين في قطاع الطاقة في الهند – إن أوبك تعطي اهتماما خاصا لتفعيل وتوسيع الحوار القائم بالفعل مع الهند، مشيرا إلى أن الهند ليست مجرد دولة مهمة كمستهلك ولكن على نحو متزايد ستصبح منتجا أيضا مشددا على أهمية زيادة التعاون بين أوبك والهند على المستوى التقني، وتحقيق مستويات أقوى من الشراكة الاقتصادية والاستثمارية. وفي هذا الإطار، يقول لـ"الاقتصادية" لاديسلاف جانييك مدير شركة سلوفاكيا للنفط "سلفونفط"، إن الفترة الحالية تشهد زيادة إنتاج دول أوبك وهو ما قد يؤثر سلبا في الأسعار ولكن مع بداية العام الجديد، فإنه من المتوقع أن يكون هناك التزام جاد بتطبيق اتفاق خفض الإنتاج، سواء على مستوى الدول الأعضاء في أوبك وخارجها، وبالتالى سيبدأ السوق خطواته الجادة نحو استعادة التوازن. وأوضح جانييك أن تأكيدات وزير الطاقة السعودى بأن توازن السوق سيحتاج إلى بعض الوقت هدأ كثير من المخاوف في السوق ويجب ألا يتم استعجال نتائج اتفاق خفض الإنتاج وإتاحة الفرصة للعمل المشترك للمنتجين في أوبك وخارجها قبل أن يتم تقييم التجربة بعد ستة أشهر وتحديدا خلال الاجتماع الوزارى لأوبك في مايو المقبل. إلى ذلك، قال لـ "الاقتصادية" ماركوس كروج كبير محللي شركة "ايه كنترول" لأبحاث النفط والغاز، إن اجتماع الشركات الروسية مع وزير الطاقة جاء إيجابيا وتم التوافق على حصص كل شركة حسب حجم إسهامها في الإنتاج النفطي الروسي، مشيرا إلى أن نفس الخطوة ستجرى أيضا في المكسيك وعديد من الدول من خارج أوبك والتي تعتمد على القطاع الخاص في الإنتاج.
مشاركة :