تثير رغبة الرئيس المنتخب دونالد ترامب، في نقل السفارة الأمريكية في إسرائيل من تل أبيب إلى القدس، مخاوف من انتهاء جهود واشنطن لتحقيق السلام بين الدولة العبرية والفلسطينيين. وأعلن ترامب أمس الخميس، أن المحامي اليهودي الأمريكي ديفيد فريدمان، «صديقه ومستشاره منذ فترة طويلة»، والمؤيد للاستيطان في الأراضي الفلسطينية، سيكون السفير الجديد للولايات المتحدة لدى إسرائيل في حال أكد مجلس الشيوخ الأمريكي هذا الاختيار. والتوتر على أشده بين الحليفين، والعلاقات بين الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته باراك أوباما، ورئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتانياهو، كانت سيئة. إلا أن هذا لم يمنع إسرائيل من الحصول قبل بضعة أسابيع على 38 مليار دولار على عشر سنوات من المساعدات العسكرية، وتسلم أولى طائراتها المقاتلة من طراز «إف-35». لكن رغم ذلك، فإن الأجواء لا تزال ملبدة. فوزير الخارجية جون كيري، الذي بذل أقصى جهوده العامين 2013-2014، في عملية السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين، يغادر منصبه في 20 يناير/ كانون الثاني، وسط شعور بالمرارة. واتهم اليمين الإسرائيلي بتخريب حل الدولتين عبر تفضيله استمرار الاستيطان في الضفة الغربية والقدس الشرقية المحتلتين. على وجه التحديد، يبدو أن السفير الأمريكي المعين يرغب في التخلي عن السياسة التقليدية لواشنطن بشأن المستوطنات في الأراضي الفلسطينية ووضع القدس. «القدس عاصمة أبدية لإسرائيل» .. وتعهد فريدمان في بيان فور تعيينه، «العمل بدون كلل من أجل تعزيز الأواصر الثابتة التي توحد بلدينا ودفع عملية السلام في المنطقة»، مؤكدا، أنه «يتطلع إلى ذلك انطلاقا من السفارة الأمريكية في العاصمة الأبدية لإسرائيل، القدس». وكان هذا وعدا خلال حملة المرشح الجمهوري الذي كان أعلن، أنه سينقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس، في حال فوزه، وأنه سيعترف بحكم الأمر الواقع بمدينة القدس عاصمة للدولة اليهودية. لكن متحدثا باسم الرئيس المقبل قال الجمعة، إنه «من السابق لأوانه قليلا»، الحديث عن جدول زمني لنقل السفارة، لكنه أكد، أن ترامب «لا يزال متمسكا بذلك». ومن شأن هذه الخطوة أن تحدث زلزالا دبلوماسيا لأن الغالبية العظمى من البلدان، بما فيها الولايات المتحدة، لديها سفارات في تل أبيب. والأسوأ من ذلك، سيشكل مثل هذا الإجراء «تدميرا لعملية السلام»، كما حذر أمين سر منظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات، الجمعة. تشويه مصداقية أمريكا .. وأصيب عدد من أبناء الطائفة اليهودية بالذهول لدى تعيين فريدمان. وتراوح أعداد هذه الطائفة بين 4,5 و5,5 ملايين نسمة. ونددت مجموعة «جاي ستريت»، المصنفة ضمن اليسار والتي تصف نفسها بأنها «تؤيد إسرائيل والسلام»، باختيار فريدمان، معتبرة، أنه «غير مسؤول وقد يشوه سمعة ومصداقية أمريكا في المنطقة والعالم». وواشنطن تاريخيا هي الوسيط الوحيد في الشرق الأوسط. وحذرت هذه المجموعة، أعضاء مجلس الشيوخ الذين سيؤكدون تعيين فريدمان، في منصبه من أنه «صديق أمريكي لحركة الاستيطان» في الأراضي الفلسطينية. وبالنسبة للمستوطنات، أشار السفير الأمريكي الجديد إلى تغيير في إدارة ترامب، مقارنة مع موقف إدارة أوباما. وكان صرح مؤخرا لـ«فرانس برس»، «لا أعتقد أنه (ترامب)، يعتبر أن المستوطنات غير قانونية»، مشيرا إلى أن الرئيس الـ45 للولايات المتحدة، «لن يطلب من إسرائيل أن تتوقف عن النمو» في الأراضي المحتلة. وتعارض إدارة أوباما، الاستيطان، وتصفه أحيانا بأنه «غير شرعي»، أو «غير قانوني». كما ذهب كيري الذي فشل في أبريل/ نيسان 2014، في محاولة أحياء الحوار بين الإسرائيليين والفلسطينيين، أبعد من ذلك قبل عشرة أيام، متهما اليمين الإسرائيلي والمستوطنين، بأنهم «يريدون عرقلة السلام». لكن جوناثان شانزر، من مركز أبحاث «مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات» المحافظ، قال، إنه لن يكون هناك تحول بنسبة 180 درجة لدبلوماسية ترامب تجاه إسرائيل والفلسطينيين. وتوقع ببساطة «تليين سياسة إدارة أوباما بشأن المستوطنات أثناء عهد ترامب». أما بالنسبة لنقل السفارة إلى القدس، فأوضح الخبير لـ«فرانس برس»، أن ذلك «سيثير جدلا، لكن ليس صدمة نووية»، ناصحا ديفيد فريدمان، بالاكتفاء بصمت بالإقامة في القنصلية الأمريكية في القدس الغربية.
مشاركة :