اللوبي الصهيوني والرأي العام في بريطانيا

  • 12/17/2016
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

يركز كتاب «اللوبي الصهيوني.. النفوذ والتأثير» لنواف يوسف التميمي، الصادر عن مركز الجزيرة للدراسات في أكتوبر 2016، على مسألتين أفردت لهما الحركة الصهيونية، فكراً وممارسة، أفراداً ومنظمات، ومنذ وقت مبكر سبق بروز القضية الفلسطينية، أهميةً خاصة، الأولى: «منظمات الضغط والدعاية السياسية» في التأثير على الرأي العام ومواقفه، والثانية: «محورية بريطانيا في المشروع الصهيوني». واعتمد المؤلف، في دراسته للقضايا التي يعالجها الكتاب، مرجعية منهجية تنطلق من "بحث بنية القوة" (Power Structure Research)، وهو منهج يركز على تحليل بعدين أساسيين لأي قوة ضغط: تحليل الشبكة (Network Analysis)، وتحليل المحتوى (Content Analysis)، ويقوم تحليل الشبكة كما يقول البروفيسور الأميركي، وليام دومهوف، أحد الباحثين المتخصصين في هذا المنهج، على "تحليل خرائط الأفراد والمنظمات التي تشكل بنية القوة"، وصلات بعضهم البعض على مستوى الضغط على صناع القرار والتأثير في الرأي العام. أما تحليل المحتوى، فيتناول ما يدور في داخل الشبكات، ويصفه دومهوف بـ «تحليل الأفكار والسياسات أو الأيديولوجيا، المرجعية لمجموعة الأفراد والمنظمات»، ويتم ذلك من خلال دراسة الخطاب الصادر عن أولئك الأفراد وتلك المنظمات، ويشمل ذلك النصوص والخطب والبيانات السياسية والأدبيات التعبوية، والاقتراحات التشريعية، والوسائل والأدوات. وتبعاً للمنهجية التي اعتمدها الكاتب، يبدأ الفصل الأول بعرض موجز لمفهوم جماعات الضغط وتوظيف الدعاية السياسية في التأثير على الرأي العام وصناع القرار؛ إذ يسعى مختلف التشكيلات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والنقابية إلى التأثير في سياسات الدول العامة، عبر الضغط على صناع القرار وقادة الرأي والرأي العام، لتحقيق مكاسب مادية أو معنوية لأعضائها، أو درء مخاطر مادية أو معنوية قد تضر بمصالحهم. ويتناول الفصل الثاني من الكتاب الركائز الأساسية في الدعاية الصهيونية، وبنية الخطاب في الدعاية الصهيونية التي أولتها الحركة الصهيونية اهتماماً خاصا، وأفردت لها إمكانات أدبية وبشرية ومالية هائلة؛ إذ برزت الدعاية الصهيونية أنموذجاً فريداً، من حيث بنية الخطاب الدعائي، الذي يتغير ويتطور تبعاً للمتغيرات المحيطة به، وإن كان يحتفظ دائماً بجذوره ومرجعيته المرتبطة بمنابع الفكر الصهيوني، وبما في هذا الفكر من مسوغات تاريخية ودينية وسياسية وثقافية واقتصادية. وفي الفصل الثالث، يعرض الكتاب بشكل موجز لتاريخ اليهود في بريطانيا، كمدخل للتعرف على خلفيات تشكل النواة الأولى للوبي الصهيوني البريطاني. يستعرض الفصل أولاً تاريخ اليهود في بريطانيا منذ عام 1066، عندما وصلت أولى الهجرات اليهودية إلى إنجلترا بعد فتوحات النورمانديين، وصولاً إلى القرن العشرين؛ إذ شهدت بريطانيا موجات هجرة يهودية متتالية من اللاجئين اليهود الفارين من الاضطهاد في روسيا، وموجات اليهود الفارين من أوروبا النازية، قبل وفي أثناء الحرب العالمية الثانية. ثم يتناول الجزء الثاني من الفصل الثالث مراحل تطور نواة اللوبي الصهيوني في بريطانيا، والتي بدأت بالتشكل قبل صدور «وعد بلفور» في عام 1917. ويقدم الفصل الرابع قائمة واسعة لأبرز منظمات اللوبي الصهيوني الناشطة في بريطانيا راهناً. ورغم صعوبة حصر عدد المنظمات الصهيونية أو اليهودية أو البريطانية المؤيدة لإسرائيل في بريطانيا؛ لأن بعضها معروف وعلني، وبعضها سري أو يعمل تحت أسماء من قبيل «الجمعيات الخيرية» أو «المؤسسات الاجتماعية»، فقد استطاع الباحث حصر أهم تلك المنظمات العلنية أو شبه العلنية. ويتناول الفصل الخامس أساليب عمل منظمات اللوبي الصهيوني في بريطانيا وتأثيراته على الحياة السياسية البريطانية؛ حيث يمتد نشاط المنظمات وجماعات الضغط المؤيدة لإسرائيل أفقيا وعموديا في المجتمع البريطاني، ويوظف أساليب وأدوات ضغط متنوعة، منها ما هو «ناعم» ومنها ما هو «خشن». ويستعرض الفصل السادس مختلف المراحل التي مر بها الموقفان: الرسمي والشعبي البريطانيان من القضية الفلسطينية منذ ما قبل إنشاء إسرائيل ووصولاً للوقت الراهن، مروراً بعقد السبعينيات وحكم مارجريت تاتشر، ثم عقد الثمانينيات وبدايات التحول في مواقف الرأي العام بفعل الانتفاضات الفلسطينية وانطلاق عملية السلام مع مؤتمر مدريد. أما الفصل السابع فيقدم شرحاً لأبرز العوامل التي أثرت إيجابيا أو سلبيا في تحول مواقف الرأي العام البريطاني من الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، وتزايد ميل شرائح مهمة من النخب السياسية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية البريطانية، نحو تأييد ودعم «الرواية الفلسطينية»، مبتعدة بشكل غير مسبوق عن «الرواية الإسرائيلية» وما حفلت به من مزاعم وادعاءات.;

مشاركة :