"عمال اليومية" تعبير شعبي عن العاملين في مهن هامشية غير نظامية مثل باعة الخضروات وعمال ورش الصيانة وغيرهم، ورغم أن عددهم غير معروف إلا أنه خبراء يرون أنهم الكتلة الأكبر في سوق العمل السوداني. ويتطلب العصيان المدني الذي تمت الدعوة له ردا على خطة تقشف طبقتها الحكومة الشهر الماضي، بقاء المواطنين في منازلهم، الأمر الذي سيكون "عسيرا" على أولئك الذين يكسبون "رزق اليوم باليوم"، وفقا لما قاله بائع الخضروات "ابن عمر". ويضيف البائع الذي يدير محلا صغيرا بالخرطوم في حديث للأناضول: "لا يمكنني الاستجابة لدعوة العصيان المدني وترك أبنائي دون أكل ومصاريف". وبالنسبة إلى سائق التاكسي عباس علي فإن "الدعوة للعصيان المدني، فكرة ممتازة لمناهضة قرارات الحكومية التي أثرت على معيشتنا لكن بقائي في المنزل سيؤثر أكثر على أسرتي". وتتجلى حساسية القضية عند الصبي إسحق يحي الذي يمتهن تلميع الأحذية بأحد شوارع العاصمة بقوله "إذا لم أخرج للعمل باكرا فلن أجد حتى ثمن الإفطار". ورغم أن هذا الرأي غالب وسط "عمال اليومية" إلا أن طارق محمد الذي يعمل في صيانة السيارات يؤكد "مشاركته في العصيان رغم تأثيره على معيشة أسرته المكونة من ثلاث أطفال". ويرد محمد مشاركته إلى أنه "لن يكون هناك تغيير يحسن وضعنا المعيشي المتردي دون تضحيات". ويؤكد النقابي السوداني المتخصص في قضايا العمال محمد على خوجلي، إن "أصحاب العمل اليومي خاصة في الولايات، لا يستطيعون الغياب عن العمل لأكثر من يوم". وفيما يستدل كثيرون بالمشاركة الفاعلة من "عمال اليومية" في العصيان المدني الذي أطاح بحاكمين عسكريين في 1964 و1985 (جعفر نميري، إبراهيم عبود)، يرى خوجلي أن ذلك حدث "في الأيام الأخيرة". وفي إفادته للأناضول، يرهن خوجلي مشاركة العمال بـ"اتساع رقعة العصيان أولا ليكون ذلك دافعا لانضمامهم". وبالمقابل لا يجهل أغلب النشطاء الداعين للعصيان أهمية مشاركة "عمال اليومية" فيه وتبادلوا خلال الأيام الماضية عدة مقترحات لتغطية الخسارة المترتبة على مشاركتهم. وشملت المقترحات أن يتكفل السودانيون المهاجرون الذين لن يكونوا بالضرورة جزء من الحركة بتوفير احتياجات أسرة من تلك التي يعولها عمال المهن الهامشية. ومن بين المقترحات أيضا أن يشكّل الميسورون في كل حي لجنة تتولى جمع التبرعات لصرفها على الأسر محدودة الدخل. ورغم الإعلان عن تنفيذ فعلي لمثل هذه المقترحات إلا أنها لا تزال محدودة في عاصمة يقطنها نحو 9 ملايين نسمة. وتأتي الدعوة إلى العصيان المقرر له الإثنين والثلاثاء المقبلين بعد عصيان شهدته البلاد أواخر الشهر الماضي وقال منظموه إنه "نجح" بينما جزم الرئيس السوداني عمر البشير بأنه "فشل بنسبة مليون في المائة". ويرى مراقبون أن الدعوة الأخيرة تبدو أكثر تنظيما من الأولى التي افتقرت للتنظيم الدقيق لجهة أن من أطلقوها لم يكن بينهم رابط تنظيمي ولم تدعمها أحزاب المعارضة بشكل فعال. لكن هذه المرة بدأت أحزاب المعارضة والحركات المسلحة منذ أكثر من أسبوع حملات تعبئة وسط أنصارها وذلك بالتنسيق مع شباب العصيان الذين لم تعلن قيادتهم عن نفسها وتكتفي بإصدار بيانات على صفحتها الرسمية على مواقع التواصل الاجتماعي. ولا يزال القادة الحكوميون يقللون من العصيان ويجزمون بـ"تفهم" الشعب للقرارات الاقتصادية التي شملت رفع الدعم عن الوقود ما ترتب عليه زيادة في الأسعار بنسبة 30 %. ورفعت الحكومة أيضا الدعم كليا عن الأدوية وجزئيا عن الكهرباء. وبرر الداعون إلى العصيان خطوتهم عوضا عن التظاهر بـ"تجنب العنف" الذي صاحب احتجاجات حاشدة في سبتمبر/ أيلول 2013 عندما طبقت الحكومة خطة تقشف مماثلة. في تلك الاحتجاجات التي كانت الأقوى منذ وصول الرئيس البشير للسلطة في 1989 سقط 86 قتيلا وفقا لإحصائيات الحكومة وأكثر من 200 مصاب وفقا لأرقام المعارضة. ومنذ انفصال جنوب السودان في 2011 مستحوذا على 75 % من حقول النفط طبقت الحكومة على دفعات حزم تقشفية لتقليص العجز في موازنتها. وكانت العائدات النفطية تمثل 50 % من الإيرادات العامة و80 % من مصادر العملة الصعبة في بلد يستورد غالبية احتياجاته من الخارج الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.
مشاركة :