يكافح مئات الآلاف من السكان الذين مكثوا في مدينة الموصل الواقعة في شمال العراق للحصول على الطعام ومصدر آمن لمياه الشرب مع استطالة أمد المعركة مع مقاتلي «داعش». وحين بدأت المعركة قبل سبعة أسابيع خشيت وكالات الإغاثة من خروج جماعي من المدينة يغرق مخيمات اللاجئين المزدحمة بالفعل. واتبع معظم الناس نصح الحكومة واستقروا في بيوتهم مع تقدم قوات الأمن. ويفتقر كثير من السكان حتى إلى الخدمات الأساسية بعد أن انقطعت إمدادات المياه بسبب القتال، ولم تستطع إمدادات الأمم المتحدة ولا برنامج الحكومة لتوزيع المساعدات الوصول إلى المحتاجين. وبعض السكان ينتقلون من حي إلى حي بحثاً عن الطعام أو تفادياً للقصف. وفي الوقت نفسه، وفي المناطق التي ما زال «داعش» يسيطر عليها، يجري تشديد قوات الأمن حصارها ببطء مما أدى إلى ارتفاع أسعار الطعام ونقص الإمدادات بينما يمنع المتشددون الناس من مغادرة المدينة. وكافح العراق في سبيل تلبية حاجات 3.2 مليون نازح على مدار السنوات الثلاث الماضية في القتال ضد «داعش». ولتقييد النزوح من الموصل، ألقت الحكومة منشورات من الجو تطالب المدنيين بالبقاء. لكن لا يُتوقع انتهاء المعركة قريباً والبؤس في الموصل يُتوقع أن يتفاقم مع دخول الشتاء. والعدد الرسمي للنازحين يبلغ 100 ألف وهم الموجودون في المخيمات فحسب. والأمم المتحدة تعلن أنها لا تستطيع إحصاء عدد النازحين داخل المدينة. وصرح جاسم العطية نائب وزير الهجرة والنازحين العراقي، بأن هناك أكثر من 150 ألف نازح داخل المدينة وأن مئات الآلاف من الآخرين ما زالوا في منازلهم لكنهم يحتاجون إلى المساعدات. وبالنسبة إلى وكالات الإغاثة الإنسانية التي تشكو من عدم كفاية المساعدات، فإن الوصول إلى المحتاجين داخل المدينة محفوف بالمخاطر. وبسبب الافتقار إلى المواد الأساسية قرر بعض السكان مغادرة الأحياء التي استعادتها القوات العراقية في الآونة الأخيرة والانتقال إلى أحياء أخرى على أطراف المدينة تتوافر بها الإمدادات بشكل أفضل. ففي أقصى شرق المدينة، يعيش «هيثم مزين» البالغ من العمر 40 عاماً وزوجته وأطفالهما الثلاثة مع أحد ذويهم في حي يتم فيه توزيع المياه والغذاء بشكل أكثر تواتراً وبعض المساعدات الطبية متوافرة. وأراد «مزين» أن تبقى أسرته في منزلهم في حي الزهراء، بعد أن استعادته قوات الأمن العراقية لكن نفدت مخزونات الغذاء والوقود هناك. وشكا من أن توزيع المساعدات عشوائي. وهناك نازح آخر يُدعى «يونس صبري» البالغ من العمر 30 عاماً، الذي غادر «حي بكر» الذي تمت استعادته هذا الشهر مع والدته وطفلين. ووصف «صبري» صعوبة الوضع الإنساني وعدم توافر الحاجات الأساسية. لكنه مثل كثيرين يخشى الذهاب إلى المخيمات، لأن الناس بمجرد وصولهم إلى هناك لا يستطيعون المغادرة حتى لو تمت استعادة السيطرة على أحيائهم. وأضاف أن سكان الموصل ليس أمامهم إلا البقاء في المدينة والموت بسبب القصف أو بسبب الجوع أو الذهاب إلى المخيمات التي تشبه «السجون».. وكلا الخيارين بمثابة موت بطيء. وأشار المسؤول العراقي جاسم العطية إلى أسباب أمنية تحول دون حرية مغادرة النازحين للمخيمات. وذكرت «ليز جراند» منسقة المساعدات الإنسانية في الأمم المتحدة في العراق، أن نصف المساعدات المباشرة التي قدمتها الأمم المتحدة منذ بداية العمليات في الموصل تم توزيعها على المقيمين في المدينة. وعبرت «جراند» عن قلقها من احتمال نفاد الإمدادات. وتقدم الأمم المتحدة وشركاؤها حزمَ الطعام لإعالة الأسر لمدة شهر وبعدها يفترض أن يتكفل بالأمر نظام الحكومة العراقية لتوزيع الطعام. وتأمل «جراند» أن تضطلع الحكومة العراقية بدورها فعلاً لأن فترة الشهر الأول تقترب من نهايتها في كثير من المواقع. *صحفي **مديرة مكتب واشنطن بوست في بغداد يُنشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
مشاركة :