استمع لورانس ديفيدسون ليس هناك من شك يذكر في أن عنصرية البيض لعبت دوراً في انتخابات الرئاسة الأمريكية. وقد أثبت الباحث والكاتب زاك بوشان في مقال نشره في 10 نوفمبر/تشرين الثاني، أن التأييد الحماسي لترامب بين الناخبين في المناطق البيضاء كان بحدود 25%، ولكنه كان أعلى بكثير في المناطق المختلطة عرقياً. وفي المناطق التي تصل نسبة السكان اللاتينيين فيها إلى 30% من مجموع السكان، ارتفع التأييد الحماسي لترامب بين البيض إلى 70%. وترامب نفسه أظهر عنصرية خلال حملته الانتخابية، وقد وجد جمهوراً استجاب لمواقفه وتصريحاته. واستنتج بوشان أن البيض الذين أيدوا ترامب يعتبرون الهجرة والإرهاب مشكلتين خَطِرتين بالنسبة للولايات المتحدة. وطبعاً، كانت المصاعب الاقتصادية أيضاً عامل قلقٍ بين هؤلاء البيض، ولكن ما فاقم مخاوفهم هو أن الولايات المتحدة يقودها رجل أسود، هو باراك أوباما. وقد استنتج بوشان، وكذلك الباحث في جامعة لندن أريك كوفمان، أن العامل العنصري وراء فوز ترامب كان موازياً لتصويت أكثرية من البريطانيين لصالح بريكسيت (الخروج من الاتحاد الأوروبي). وقد كان القلق في مجتمع متغير من الناحية العرقية في بريطانيا أحد الأسباب الرئيسية لذلك التصويت في يونيو/حزيران 2016. وبريكسيت ليس الحدث الوحيد الموازي لفوز ترامب. إذ لدينا إسرائيل ورئيس وزرائها بنيامين نتنياهو، كمثال على التعصب والممارسات السياسية اللاأخلاقية. ففي انتخابات إسرائيل في مارس/آذار 2015، خاض نتنياهو المعركة ضد زعيم حزب العمل إسحاق هرتزوغ، الذي كان أحد أبرز مستشاريه العالم السياسي الأمريكي بول بيغالا (الحليف السياسي لآل كلينتون منذ زمن طويل). وشرح بيغالا أسباب فوز نتنياهو على النحو التالي: لقد فاز بسبب المسألة العرقية... وأنا لم أرَ أبداً أي شيء يشبه التحول الفاضح لنتنياهو نحو أقصى اليمين خلال الأيام الأربعة الأخيرة (للحملة الانتخابية). فقد وصف الرئيس الأمريكي بأنه حسين أوباما المسلم، وأعلن أنه لن يسمح أبداً بإقامة دولة فلسطينية، وقال أيضاً، إن الناخبين العرب اندفعوا زرافات ووحداناً؛ للإدلاء بأصواتهم (لصالح هرتزوغ)، كما اتهم هرتزوغ بأنه يريد تقسيم القدس. وانتصار نتنياهو لم يكن مفاجئاً؛ فبعد سنة، في مارس/آذار 2016، أظهر استطلاع للمواقف السياسية في المجتمع الإسرائيلي أجراه مركز بيو للأبحاث (الأمريكي) أن نحو نصف اليهود في إسرائيل (48%) يقولون، إنهم يؤيدون التطهير العرقي للعرب. واستراتيجية نتنياهو القائمة على إثارة المخاوف من العرب مماثلة لاستراتيجية ترامب التي استغلت مخاوف البيض من المهاجرين في أمريكا. وإذا ألقينا نظرة أشمل، يمكننا أن نرى أن مظاهر العنصرية في إسرائيل والولايات المتحدة هي جزء من ظاهرة عامة، تتمثل في شعبوية رجعية تنتشر اليوم عبر كل أنحاء الغرب. ولكن بالنسبة للمواطنين الغربيين، فإن استمرار هذه الظاهرة اليوم هو أمر مفزع. وقد أصبحت القومية العنصرية ملازمة للعولمة الاقتصادية. والقومية العنصرية، كما تعبر عن نفسها في الولايات المتحدة، وإسرائيل، وبريطانيا والقارة الأوروبية، غيرت المعادلات السياسية في هذه البلدان. *بروفسور في التاريخ وكاتب أمريكي - موقع كونسورتيوم نيوز
مشاركة :